بغداد- العراق اليوم: ثمة بديهة يعرفها الجميع، مفادها، ان ليس هناك تاجر واحد في الكرة الارضية، يدفع سنتاً واحداً لوجه الله تعالى، انما هو يسعى الى ان يستفيد مقابله مليون سنت. وسيكون تفكير التاجر بالربح أضعاف المرات، حين يكون هذا التاجر فاسداً، وتكون تعاملاته عبارة عن صفقات فساد، سواء أكانت هذه الصفقات سياسية أو تجارية، او غير ذلك. وعلى هذه القاعدة العلمية المجربة نستطيع قياس درجة النهم، والتربح والمكاسب التي يأمل من تحقيقها التاجر الفاسد ابراهيم البغدادي، إذا ما فاز شريكه في الفساد، النائب هيثم الجبوري برئاسة اللجنة المالية في مجلس النواب، وإلا فلماذا يمول البغدادي صفقة الفساد الخاصة بهذا الترشيح، ولماذا يدفع من ماله (الحلال جداً) رشاوى كبيرة لبعض السياسيين، والنواب المؤثرين، من اجل ان يفوز هيثم، خاصة وإن البغدادي رجل معروف بين اقرانه بالبخل الشديد؟! لذا فأن قاعدة: (التاجر الفاسد لا يدفع سنتاً واحداً في معاملات الفساد دون ان يفكر بالربح اضعافه مرات ومرات) أمر ينطبق تماماً على مايقوم به الان ابراهيم البغدادي في قضية تمويل النائب هيثم الجبوري.
والان دعونا نتعرف على شخصية ابراهيم البغدادي، فمن هو هذا الاخطبوط، ومن أي مستنقع موبوء جاء، وكيف وصل الى هذه المواقع، وهو المجهول لدى الجميع؟ وقبل ذلك، لنتفق جميعاً ان الفساد آفة دمرت البلاد والعباد، واوصلت العراق الى ما اوصلته اليوم من مآس وويلات، وفقدان الاهل والاحبة، وهنا نستشهد بقول الامام السيد السيستاني عن الفساد حيث قال: “استشرى الفساد في البلاد بشكل غير مسبوق، وأدى الى احتلال تنظيم داعش للمدن العراقية”. ونحن نرى ان محاربة الإرهاب تبدأ من محاربة الفساد، لانهما وجهان لعملة واحدة، وعلاقتهما طردية، فالفاسد والارهابي كلاهما يأخذان نفس الموقع في خندق التآمر على العراق وشعبه. وإبراهيم البغدادي الذي نتكلم عنه في هذا المقال، هو ركن مهم من اركان الفساد في العراق، وعلامة بارزة من علامات الانحدار القيمي والمهني في ميدان التجارة العراقي. فهو اولاً رئيس مجلس الاعمال العراقي، الذي اسسه بدعم من بعض السياسيين النافذين، واستغل هذا المحتال المجلس للتغطية على اعماله المشبوهة، حيث اشتغل على فكرة منح فرص استثمارية في الدولة، باعتباره الآمر والناهي في هيئة الاستثمار الاتحادية، ويستطيع التأثير على هيئات الاستثمار في المحافظات، وما عليهم الا ان يدعموا هذه المنظمة بالمال والحلال والاشتراك والتبرع. والبغدادي، بكذبه وتلاعبه بالأنظمة والقوانين وقدرته الفائقة على ممارسة الخداع، تمكن من السيطرة على مجلس الأعمال الوطني الذي أسس من أجل خدمة اقتصاد العراق أو (هكذا يفترض عند انشائه) لكنه جير هذا المجلس الى خدمته، ومنفعته الشخصية، وقام بإدارة ملفات فساد عديدة، ومشاريع وهمية كبيرة، حيث قدم وعوداً كاذبة للمستثمرين الذين كانت رغبتهم المشاركة الحقيقية في بناء العراق الجديد، لكنهم وجدوا أن كل ما وعدوا به مجرد هواء في شبك، إذ لم يجدوا الأراضي التي أكد لهم بأنها خصصت لهم لبناء المشاريع، ومنها الخدعة الكبرى المتمثلة بمشروع (المستشفى العراقي – الالماني، وكلية الطب الالمانية) في منطقة الجادرية وسط بغداد كشاهد واضح وفاضح على فساد البغدادي، فمشروع المستشفى الذي بدأت حكايته في 12/ 12/ 2010، حينما نصبت منصة رئاسية في الشارع العام بمنطقة الجادرية، دعي لها رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي شخصيا وبرفقته وزير المالية السابق رافع العيساوي ورئيس هيئة الاستثمار سامي الاعرجي، وعدد كبير من المسؤولين، بينهم نواب في البرلمان، لوضع حجر الاساس لهذا المشروع، والذي كان من المفترض ان يشيد على قطعة ارض مساحتها تسعة دونمات، وان ينتهي العمل بهما في غضون سنة واحدة وبكلفة 125 مليون دولار، حيث تنفذه شركة بن حيان، احدى شركات مجلس الاعمال الوطني، حسبما صرح بذلك البغدادي نفسه، لكنه بقي عبارة عن “حجر أساس فقط” لمدة أربع سنوات حتى اضطرت هيئة استثمار بغداد الى احالة المشروع من جديد الى شركة تركية بكلفة تبلغ 90 مليون دولار!. ونسأل البغدادي أين الـ (50) دونم في بغداد التي كانت قد خصصت لإقامة مجمعات سكنية … ؟ يقيناً ان اعمال البغدادي المشبوهة تجعله في خندق واحد مع الإرهاب، وفي نفس الصف الذي يقف فيه أبو بكر البغدادي وغيره من عناة المجرمين، لأن فساده يترك نفس الضرر الذي يتركه الإرهاب. لذلك ندعو المرجعية الرشيدة، والحكومة الجديدة الى التدخل لمنع هذا الفاسد وامثاله، خاصة وهو يقوم اليوم بشراء ذمم بعض النواب والسياسينن من اجل ترويج بضاعته الفاسدة، ومنها تسليم دفة رئاسة اللجنة المالية النيابية الى من هو اسوء منه، ونقصد به النائب هيثم الجبوري !
*
اضافة التعليق