بغداد- العراق اليوم: لا يزال ملف عقارات الدولة من أخطر الملفات التي لم تكشف للرأي العام، ولم يجرِ التحقيق فيها بشكل كاف لبيان حجم الأضرار التي لحقت بالدولة العراقية وأموالها وأصولها الثابتة، نتيجةً لاستيلاء جماعات وأفراد على هذه الأموال، وحجم التلاعب الذي طال هذه الموارد التي تعد ملكًا للشعب العراقي برمتهِ إذ لا يزال الملف معقدًا، لكن فتحهُ ليس مستحيلاً، خصوصاً مع شعار الإصلاح ومحاربة الفساد الذي ترفعه اليوم حكومة عبد المهدي. وفي هذا الصدد يكشف مصدر مطلع لـ (العراق اليوم) واحداً من هذه الملفات الكبيرة، والتي جرى فيها نقل ملكية أراض وعقارات تابعة للدولة العراقية، الى حزب الفضيلة وأعضائه وبعض النافذين وبالأسماء هذه المرة، كما نقلها لنا المصدر. حيث كشف عن قيام هذه الجهة السياسية بنقل ملكية جميع أملاك اليهودي العراقي المهجر عزرة مناحيم، وهو واحد من أهم اصحاب الاملاك في العهد الملكي في العراق، الى شخصيات نافذة في حزب الفضيلة، وقد جرت عمليات استيلاء منظمة دون أن يحرك أحد ساكنًا، لاسيما في زمن الوزير الأسبق لوزارة العدل حسن الشمري الذي ينتمي لهذا الحزب. ويقول المصدر -وهو موظف بدرجة كادر وسطي في وزارة العدل، رفض الكشف عن اسمه - " أنه عند تولي حسن الشمري لوزارة العدل عن حزب الفضيلة، عمل الحزب بجد من اجل الاستحواذ والسيطرة على ادارة وعناصر لجنة ادارة املاك اليهودي عزرة مناحيم، التي تشرف على اكبر عدد من املاك اليهود الذين تم تهجيرهم من العراق وتمت مصادرة املاكهم، حيث جعل حزب الفضيلة أحد اعضائه المدعو عبد الكريم فارس السعدي على رأس اللجنة، وبعضوية احد مشايخ الفضلاء ومن اتباعهم المدعو هادي العقيلي". ويضيف المصدر " لقد عملت لجنة حزب الفضيلة هذه على الاستيلاء على جميع املاك اليهود في بغداد خصوصا مبنى سمير اميس والمباني المجاورة، بواسطة البيع او الإيجار لمدد طويلة جداً تصل الى خمس عشرة سنة، وباسعار بسيطة جدا لاتتجاوز ١٠% من السعر الحقيقي، مع اعطاء نسبة ٥% لرئيس اللجنة عبدالكريم فارس عن كل عملية". مشيراً الى أن هذه الأبنية مؤجرة حالياً كبارات ومخازن للخمور، إذ يقوم بجباية ايجاراتها ومتابعتها شيخان من مشايخ الفضيلة في بغداد واسماؤهم معروفة جدا". المصدر كشف ايضاً عن عمليات تزوير واسعة النطاق جرت في وزارة العدل العراقية انذاك، وقد جرى بموجبها نقل ملكية أراض تابعة للدولة، وعقارات لاعضاء في حزب البعث المقبور، حيث قال المصدر : " لقد تم العمل على تزوير بعض الوكالات وانتحال صفة اصحاب هذه العقارات، ورفع اوراق الحجز والمصادرة من اضابيرها، وبيعها لعناصر حزب الفضيلة باسعار محروقة، ثم القيام بيعها عدة مرات لتضييع اثرها". ويشير الى أن اهم الذين اشتروا هذه العقارات هم "رياض عبدالمنعم البيضاني وحسين عبدالكاظم، و محمد جمعة، وحسين علي، و ابراهيم محمد، وحسين كاظم، و اخرون، كما أنهم يعملون حالياً على تأسيس مصرف اسلامي بجزء من ارباح هذه العقارات ورأس المال مودع في البنك المركزي بما يزيد عن ١٠٠ مليار". مضيفاً " كذلك تم تزوير اضابير وبيع عدد من املاك الأخوة المسيحيين المهاجرين وتسجيلها باسمائهم، او بيعها عدة مرات للتغطية على عملية التزوير". المصدر اشار ايضاً الى ان هذه العملية أوقفت من قبل وزير العدل السابق حيدر الزاملي، بعد ان قام هذا الوزير بإبطال الكثير من هذه المعاملات، محيلاً الملف للقضاء العراقي وهيئة النزاهة، وقد دفع الزاملي - كما يقول المصدر - ثمنًا باهضًا جراء موقفه الجريء هذا، إذ ليس من السهل القيام بمثل هذا العمل الشجاع وسط هذه الذئاب الكاسرة دون ان يدفع المسؤول الرافض ثمناً قد يصل الى حياته. كما بين المصدر - الذي يخشى على حياته لو تجرأ وكشف عن اسمه- أنه " في عام ٢٠١٥ ، وعند اكتشاف هذا الموضوع من قبل الوزير السابق حيدر الزاملي، تعرض الرجل الى ضغوط شديدة لثنيه عن موقفه مهما كلف الامر، كي تستمر عمليات الاستيلاء على مثل هذه العقارات، لكن الوزير شدد على موقف الرافض الصلب، مبدداً نشاطهم، بل زاد على ذلك حين قام بنقل العديد من الموظفين والمدراء، كما أحال كل من تورط منهم، وثبت عليه ذلك الى المحاكم المختصة، وهيأة النزاهة". واشار " وحين لمس اعضاء هذا الحزب عدم تعاون الوزير مع مخططهم الجهنمي، هددوه بالإقالة من منصبه، وقد نفذوا تهديدهم بالفعل، فطرحوا بديلاً عنه اسمه محمد الصويلي من اهالي الناصرية ولكن مجلس النواب في بداية عام ٢٠١٦ رفض استبدال الزاملي لمعرفة اعضاء المجلس بنزاهته، وادراكهم لحجم لضغط الذي تعرض له من قبل حزب الفضيلة لتمرير تزويراتهم وتلاعباتهم، وكأن مجلس النواب على دراية بتخطيط وتدبير وعمل حزب الفضيلة على اقالة الزاملي، والاستمرار بالتلاعب، لذلك باءت جهود الفضيلة بالفشل الكامل". واشار المصدر المسؤول هذا ايضًا الى أن " الزاملي استمر في وزارة العدل متحدياً ضغط حزب الفضيلة، والحملات التي قادها اعضاؤه بعد ذلك لتشويه سمعته، وكانت هذه الحملات بقيادة عبدالحسين الموسوي وجمال المحمداوي وبقية اعوانهم، فاتهموه بابشع التهم التي كان عناصر الحزب يمارسها فعلياً، وجميع موظفي الوزارة يعلمون بأساليبهم المستخدمة في هذا الموضوع تحديداً". هذا وسنوافيكم تباعاً بتجاوزات حزب الفضيلة في وزارة العدل، ومحافظة الديوانية، وبضغطهم على الموظفين، ونطلعكم بالاسماء على تهديدهم لتمشية تجاوزاتهم.
*
اضافة التعليق