بغداد- العراق اليوم:
مشهدُ مؤثر، ولحظات عراقية صرفة، ذلك الذي جرى بثهُ لوسائل الاعلام المختلفة، وهو ينقل لنا كيف أن الوزير جبار لعيبي يسلم حقيبة وأمانة وزارة النفط العراقية لخلفه في حكومة عبد المهدي الوزير ثامر الغضبان لاكمال مسيرة العمل الطويلة والناجحة التي بدأها الوزير لعيبي في غضون عامين فقط. ولأن الأعمال بخواتيمها، وبعيدًا عن الإنشائيات والتبريريات التي يصطنعها الوزراء حالما يغادرون مناصبهم لاسكات من يطالبهم بجردة حساب ما أنجزوه، فأن الوزير والخبير النفطي البارع جبار اللعيبي كان مطمئناً بل وواضحاً في تسليم الأمانة، وهو يؤشر لخلفه مواضع الانجاز والتقدم والدفع بمسيرة وزارة النفط الى الامام. ولذا فإنه من بين الوزراء القلائل الذي يمكن أن تأتي بعدهم الصحافة لتكشف عما انجزوه خلال فترة عملهم الحافلة، فالوزير جبار لعيبي أنجز خلال عامين من توليه المنصب الكثير لقطاع النفط، ليس أقلها العمل على اعادة الاعتبار للعراق في السوق النفطية العالمية، وأخذ العراق لموقعه داخل منظمة تصدير النفط العالمية أوبك، التي كان العراق من مؤسسيها، وايضاً تثبيت حصة العراق التصديرية التي كانت تتأرجح وسط ضغوط شرقية وغربية، في ظل تراجع عراقي انذاك، لكن الوزير اللعيبي، وبخبرة العارف والمطلع، تمكن من أن يصون هذا الاستحقاق الوطني، وأن يثبت تلك الحصة بعيدًا عن الاملاءات والسياسات التي تريد الاضرار بالعراق واهله.
حرب الحصص!
لقد كانت حرب تثبيت الحصة العراقية في السوق النفطية مواجهةً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وقد نجحت الوزارة بقيادة اللعيبي في ادارة دفتها لصالح العراق في ظل خذلان الناصر، وغياب المعين. ولعل هذه المعركة ليست أقل ضراوةً من حرب المواجهة مع الشركات العالمية العاملة في قطاع النفط العراقي تحت عنوان عقود التراخيص، التي كان الوزير من أشد منتقديها، وهو بمنصب مستشار، فما بالك وهو المؤتمن على هذه الثروة الوطنية، فعمل الرجل منذ ساعته بأخلاص وهمة ونشاط غير منقطع على اعادة النظر بهذه العقود، واعادة ترتيبها وفقاً للمصلحة العراقية التي لم يكن المفاوض العراقي اولاها الأهمية القصوى، والاسباب طويلة...، فكانت المراجعة نافعة، وقد اتت أكلها حين تكالبت القوى المهيمنة بهذه الشركات، على الوزير والوزارة، الا أن النجاح كان حليفاً للعراق ولمخلصيه الذين نجحوا في اعادة الأمور الى نصابها، ولو بالجزء الذي يضمن حقوق اكثر للجانب العراقي.
الخدمة الاجتماعية ..ضرورة الواقع العراقي
في الداخل، كانت الوزارة تعود كمرفق وطني عامل وحقيقي مؤمم بشكل واضح لصالح الشعب العراقي بعد ان كانت مغلقة منذ 2003 بوجه المواطن، وتتعامل على أنها ملف خاص لا يجري الحديث عنه بشفافية أو يمكن للمواطن العراقي البسيط أن يسأل عنه، لكن الحق يجبرنا على ان نقول بأن الوزير جبار اللعيبي نجح في نقل هذه الوزارة الى مصاف الوزارات المتقدمة في تعاملها وتواصلها المباشر مع المواطن العراقي البسيط، فالوزارة تتلمس معاناة المواطن الخدمية، وتسخر امكاناتها في سبيل خدمته، بدءًا من تسخير اساطيل النقل التابعة للوزارة لتكون بخدمة الناس في ايام الزيارات والمناسبات الدينية وصولاً الى المساندة في نقل جموع النازحين، وفي ادامة زخم المعركة مع الأرهاب، وصولاً الى المساهمة في حملات التطوع الشعبية للأغاثة. اضافة لهذا ايضاً فأن الوزارة في عهد اللعيبي لعبت دوراً كبيراً في دعم وإسناد عوائل شهداء الجيش والشرطة والحشد الشعبي عبر المبادرات التي تنظمها لتوفير الدعم المادي لهذه العوائل المضحية، بما في ذلك تكفلها بعلاج عدد من الجرحى والمصابين من منتسبي قواتنا الأمنية، فضلاً عن العمل الجدي في تثبيت الانتصار في المناطق المحررة واعادة الحياة اليها عبر العمل على اعادة تشغيل المؤسسات النفطية في تلك المناطق واطلاق مشاريع تأهيلية كبرى. كما ان الوزير اللعيبي لم يكتفِ بذلك، ففي أوج أزمة البصرة وتلوث مياهها، استنفرت الوزارة جهودها العملاقة، وباشرت باطلاق حملات اغاثية للبصرة واهلها، فبدأت بتنفيذ مشاريع تحلية المياه بعد أن سجل قصوراً واضحاً في عمل السلطات المحلية، وبدلاً من تشارك الوزارة في حملات لعن المقصرين، بادرت هي بذاتها للأشتراك في هذا الجهد الوطني الكبير الذي لم ولن ينساه البصريون لأبنهم جبار اللعيبي الذي كان متحسساً لأوجاعهم وهو في أوج انشغالاته.
عقود للتعليم والتأهيل والتطوير
ثم أن الوزير اللعبيي في الجانب الفني لم يكتفِ بتسيير شؤون الوزارة المعتادة، بل عمل جاهداً على تحويل الوزارة لمؤسسة تعليمية تدريبية تأهيلية، من خلال عقود الشراكة وعقود الاستثمار التي كانت كفيلة بتدريب كوادر فنية عراقية تستطيع تحمل المسؤولية في ادارة هذا القطاع المهم، فكانت عقوده مع الشركة العربية وغيرها من العقود ذات الابعاد الاستراتيجية في تأهيل والارتقاء بقطاع النفط في البلاد.
التكامل في العمل النفطي
ثم أن الوزارة في عهد الرجل كانت كتلة من العمل والنشاط، وكان الكوادر والعاملون يعملون بشكل متماسك وهم يرون أن ثمة رجلاً مهنياً كفوءاً يقود الدفة بعيدًا عن التخندقات الطائفية او القومية أو المناطقية، فالرجل لم يعرف له أي انتماء سياسي او طائفي رغم خلفيته الاجتماعية التي تعود للرسول الاكرم (ص)، فكان يعمل بشكل فني صرف وعراقي خالص، وهذا ماجعل الكوادر في الوزارة تعمل بروح مندفعة، حتى وصل العراق الى مستويات انتاجية غير مسبوقة في تاريخه النفطي، وما الوفرة المالية واعلان البنك المركزي العراقي عن رفع احتياطي العراق من العملة الصعبة بمبلغ 14 مليار دولار امريكي الا جزء من نجاحات اللعيبي الواضحة والتي لا تحجبها أية غرابيل مهما حاول خصومه وحساده ذلك. فضلاً عن هذا فأن الرجل يحمل قدرة ادارية فذة، فهو صاحب قرار نافذ ومؤثر ولا يتردد في اتخاذ أي قرار فيه مصلحة المؤسسة النفطية بعيداً عن سياسات التوريط أو محاولة التملص من تحمل المسؤولية كما كان يفعل غيره، بل أن الرجل كان سريعاً في اتخاذ القرار بعد ان يدرسه ويضعه امام هيئة مستشارين معتبرة وحقيقية ومهنية لذا تجد أن الكثير من الملفات العالقة لسنوات حسمت خلال أشهر قليلة، كما اعيد العمل لمشاريع كانت البيروقراطية والتجاهل وغياب الرؤية سبباً في ايقافها، وهكذا الكثير مما انجزه الوزير النشيط والفاعل، وليس اخره مشاريع استثمارية عملاقة لو استكملت لعادت على العراق بالخير والموارد الوفيرة. ولذا فأن من حق اللعيبي أن يفتخر وهو يسلم الامانة باريحية وروح رياضية الى صديقه ورفيق رحلته المهنية ثامر الغضبان، وأن كنا نعترف أن ثمة محاصصة شنيعة قد فرضت على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فأبعدت الرجل عن موقعه الوزاري، وهو الذي سجل نجاحات ملحوظة يعرفها رئيس مجلس الوزراء نفسه، رغم ان الغضبان كان - كما يقول هو - مع الوزير اللعيبي لثلاثين عام من العمل المشترك المثمر في بناء هذا القطاع الحيوي.
رسالة الى الغضبان ..! ختامًا يمكننا أن نوجه رسالة الى وزير النفط العراقي المهندس ثامر الغضبان بعد التهنئة له، نطلب منه كوسائل اعلام، وسلطة رابعة، أن يعزز ما انجز في عقد سلفه اللعيبي، وأن يراكم الانجاز، لا أن يتقاطع مع الأرث الجيد، كما يفعل الكثيرون، ويحاول ان يفكك ما بني تحت يافطة الانتقام والتصفية، أو محاولة الغاء المنجز، بل أننا نرى فيه رجلاً يملك من الحكمة والكياسة الكثير لذا فأننا سنراقب الاداء وسنحكم على المسيرة من خلال ما نراه في دفع المنجز الى الامام واكمال المسيرة التي بدأت وكانت ناجحة بكل المقاييس والاعتبارات. كما أننا نرى أن يدفع الوزير الغضبان باتجاه تثبيت قرار مجلس الوزراء القاضي بتعيين المهندس والخبير النفطي العراقي جبار اللعيبي في ادارة شركة النفط الوطنية ليكتمل العمل والنشاط ويطير طائر القطاع النفطي العراقي بجناحين متكافئين لا أن تدس المحاصصة الحزبية، والاطماع السياسية رأسها في هذا القطاع، فتضيف سنوات من العرقلة والفشل، وتهدم ما تنجزه الكوادر المخلصة من امثال الوزير جبار اللعيبي والمهندس ثامر الغضبان وغيركم من ابناء القطاع النفطي البررة.
*
اضافة التعليق