بغداد- العراق اليوم: لم يخطأ من قال أن العراق بكل موازناته الانفجارية وإيراداته الهائلة لا يستطيع بناء نفسه والنهوض بواقعه، ولا تجديد بناه التحتية في ظل بيروقراطية رتيبة وفساد غير مسبوق، وانخفاض في مستوى الكفاءة والقدرات الادارية المتصدية، هذه المقولة التي يمكن أن تكون مدخلية لفهم واقع التصدع الذي يصيب البنى التحتية العراقية، وحالة العجز والشلل الرهيب التي تعاني منها مؤسسات الدولة الخدمية والتعليمية والصحية، يمكن أن يجب عليه منهج أخر، يعتقد وهو الواقع، أن العراق لا يمكنه النهوض مطلقاً الا بتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، ومنح الاستثمار المحلي، أو العربي، او الأجنبي، دوراً في تأهيل البنى التحتية، وتطوير قطاعات الحياة العراقية من مختلف الاتجاهات، وهذا ما يمكن أن تثبته الوقائع والارقام على الأرض، فمتابعة بسيطة لاداء الشركة العربية البحرية لنقل البترول في العراق، يمكنك معها أن تأخذ مثالاً ناجحاً على هذه الشراكة الناجعة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص. فهذه الشركة التي فيها مساهمات وحصص لعدد من الاقطار العربية، فضلاً عن نسبة مشاركة وطنية كبيرة، كما تضم نخبة من الكفاءات العراقية التي تعمل بجد ليل نهار، اصبحت تنجز على أرض الواقع، اكثر مما تنجزه مؤسسات حكومية عملاقة من حيث التخصيص المالي، وكم الكادر الوظيفي المترهل، والادارات المتراكمة، أذ أن هذه المؤسسات خاوية على عروشها، ولا يمكن أن تنجز جزءاً مما تنجزه شركة استثمارية واحدة مثل ما انجزته الشركة العربية البحرية لنقل البترول، فهذه الشركة التي تكفلت بتأهيل كادر وطني عراقي متخصص في نقل البترول، وتطوير هذه الصناعة والخدمة والنهوض بها وصولاً الى مستويات تضاهي الدول المتطورة، وهي ذات الشركة التي اجهزت على ملف شائك اسمه ملف نقل الثروة النفطية العراقية، لم تكتفِ بكل هذا بل راحت تعمل في قطاعات أخرى في البصرة حيث موقع عملها، حتى راحت تتسابق في تقديم خدمات للأهالي هناك، ليس في مجالات النفط، وتأهيل ابناء البصرة اكاديمياً في جامعات عربية واجنبية متقدمة في الدراسات الهندسية والنفطية والبحرية، وعلى نفقتها فحسب، بل راحت ترمي ثقلها في مجالات المياه الصالحة للشرب، وفي بناء السكن والتدريب والتعليم والتأهيل ودعم الفقراء والايتام وغيرها من النشاطات الوطنية الكبيرة من حيث الجدوى والمضمون. وما مبادرتها الأخيرة في مشروعها لتأهيل 500 مدرسة في البصرة على نفقتها الخاصة، الا دليل أخر على النهج التنموي الذي تتبناه هذه الشركة في عملها الذي تدرك أن جزءاً مما تحققه من نجاحات في المهمة الاساسية يجب ان يترجم على الأرض الى انجازات مجاورة تعود بالنفع على المواطن البصري. ولعل اختيار هذا القطاع جاء بعد دراسة ودراية عن مشاكل قطاع التعليم في البصرة، في ظل نقص رهيب في الابنية المدرسية، وتلكؤ تنفيذ العشرات من المدراس، والتوقف عن استحداث المزيد منها، فضلاً عن أهدار الأموال المخصصة لهذه القطاع عبر سنوات طويلة، حتى يمكننا القول باطمئنان بأن الأموال المخصصة لهذه المشاريع نهبت من بعض مسؤولي البصرة انفسهم، أو من خارجهم، ليبقى التلميذ والطالب البصري جالساً على الأرض وتبقى المدارس مجرد هياكل متهالكة، الا ان مبادرة الشركة العربية البحرية لنقل البترول اعادت الأمل، واطلقت العمل في تأهيل هذه المؤسسات واعادت البسمة لشفاه صغارنا الذين يتمنون أن يشقوا طريقهم نحو نور العلم في ابنية تليق بهم وبإنسانيتهم، خاصة وهم سليلو المجد والحضارة. فشكراً للشركة العربية البحرية على هذه الاضافات النوعية، وشكراً لهذا التضامن واللمسات الانسانية الجميلة، وهي في ذات الوقت رسالة ادانة لكل مسؤول فاسد نهب البصرة، ولكل مؤسسة جشعة نهبت وسرقت مدينة الشعر والنخيل، فتركوا صغارنا على التراب.
*
اضافة التعليق