في مخيمات النازحين: خليل وفاطمة قصة حب اقوى من الموت .. واعلى من أزيز الرصاص

بغداد- العراق اليوم:

للحب في الماضي ، والحاضر ، والمستقبل قصص عظيمة ، تصنعها الحياة ، ويتوجها الوفاء ، وتديمها العاطفة .

والعراقيون عشاق على طول وعرض الزمان ، لم تنسهم الحروب ولا الازمات ولا المصائب مشاعرهم،  فقلوبهم مضيئة دائماً بشعاع الحب .

 واليوم ننقل لكم قصة حب في احد مخيمات النازحين في الموصل . قصة حب بدأت ابان احتلال داعش لمدينة الموصل وتوجت بنصر يكمل انتصارات الجيش العراقي البطل . اليكم قصة خليل وفاطمة من الألف الى الياء :

 فهذه القصة تبدأ من الشاب العراقي خليل  الذي يسكن في حي عدن في مدينة الموصل والمولود سنة  1981، حيث أنتهز  هذا الشاب أول فرصة للخروج من بيته بعد ان تمكنت القوات الامنية  العراقية  الشجاعة التي يقودها الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي ، من تحرير منطقته من ارهابيي داعش ، ويلتحق بمخيم النازحين، تاركاً كل شيء خلفه  ، فهو لم يخرج مثل غيره  هرباً من الحرب ، بل خرج من اجل الحب الذي فارقه منذ أن بدأت معركة تحرير الموصل في 17 من تشرين الأول الماضي.

اذ أرتبط خليل بفتاة من مدينته وأسمها فاطمة - من مواليد 1991 -  قبل ستة أشهر تقريباً ، لكن الحرب اللعينة  أبعدتهما عن بعضهما البعض، دون  ان يعرف اليأس طريقاً الى قلبيهما ، فألتحق بحبيبته الساكنة في مخيمات النزوح .

وما أن وصل الى نقطة التسجيل في المخيم حتى أعلن الى الملأ بأنه جاء عاشقاً وليس نازحاً، معرباً عن رغبته بالزوج من حبيبته التي فارقها منذ اندلاع شرارة تحرير المدينة.

وما كان من المؤسسات الخيرية، الا ان تتلقف الفكرة وتتبناها ،موفرة  للعريسين مستلزمات الزفاف، حتى وان كانت في خيمة بسيطة في صحراء الموصل.

وهكذا جرت  مراسيم الزفاف أمس الخميس، حيث جلس العريسان على كرسي بسيط وسط فرحة كبيرة لسكان المخيم، وبين غناء ودبكات كردية أدخلت الدفئ في نفوس الاطفال النازحين الذين رقصوا على انغامها، كان الرجال يدبكون فرحاً ايضاً بهذه المناسبة التي أشعرتهم بالامل في الحياة رغم قساوة الظروف.

وهنا يقول العريس خليل : أن الظروف لا تقف أمام تحقيق حلمه بالزواج من الفتاة التي احبها. فوجودها في المخيم لم يمنعه من السعي للزواج منها، واقامة حفل الزفاف ،لانه لم يكن بامكانه اقامة مثل هذا الحفل عندما كان هو وحبيبته تحت قبضة داعش، الذي كان يمنع كل مراسم الفرح والغناء".

وأضاف خليل : اسمحوا لي ان انصح الشباب بالزواج مهما كانت الظروف صعبة ، لاننا بحاجة الى الفرح ،والى نسيان المعاناة والألم".

من جهته قال نجم الدين محمد احد اعضاء المؤسسة الخيرية التي تولت تنظيم حفل الزفاف على نفقتها، ان هدفهم أكتمل بتبني هذا الزواج ،خاصة وان هذه المؤسسة لا تهدف فقط الى توفير الطعام والمأوى الى النازجين، أنما تسعى الى ادخال الفرحة الى قلوبهم كي يتمكنوا من تجاوز الأزمة التي سببها احتلال داعش الارهابي للموصل .

، لذلك قمنا بتبني فكرة اقامة حفل الزفاف للعريسين وحرصنا على توفير كل الاجواء الطبيعية للاعراس والطقوس المتبعة، وقمنا بتجهيز العروس في صالون للتجميل وتوفير بدلة للعريس".

وأضاف : كما قامت المؤسسة بتجهيز خيمة جديدة للعريسين فيها كل المستلزمات البيتية ووسائل التدفئة ، وكذلك حجزنا لهما غرفة في أحد فنادق أربيل لقضاء الأسبوع الأول من الزواج في أجواء مثالية ، ووفرنا خلال حفل الزفاف وجبات طعام لـ 300 شخص من سكان المخيم".

وكانت الفرحة كبيرة بحفل الزفاف، حيث  شاركتنا  القوات الامنية التي تتولى حماية المخيم بهجة الفرح ، فقام الكثير منهم بتقديم هدايا الى العروسين ، بينما رقص آخرون على انغام الموسيقى التي بددت المعاناة والألم في صدور النازحين، ورسمت الابتسامة والامل بغد أفضل، بعد الخلاص من سطوة داعش المجرم الذي كبت الحريات وصادر الثروات وقتل الالاف من أبناء الموصل مثلما شرد أضعافاً مضاعفة منهم.

ومثل قصة  خليل وفاطمة الكثير من القصص في الموصل، التي يمتزج فيها الألم بالامل والتشبث بالحياة، بعد أكثر من سنتين من الظلام والقهر والاستبداد،

ان ملامح التفاؤل مرسومة  في وجوه النازحين رغم ظروفهم القاسية في المخيمات . حيث الأمل الذي يصنع المعجزات.

علق هنا