بغداد- العراق اليوم: يختلف العراقيون بمختلف طبقاتهم، ويصل الأختلاف الى أوسع وأبعد مدى يمكن ان يصله أختلاف سياسي او فكري او ثقافي، لكن الجميع يحترم القضاء بأعتباره السقف الأعلى الضامن للحق، والمنصف الذي ينظر للجميع بلون واحد دون تمييز أو دون أنحياز، فالقضاء الذي يمثل سلطة السماء والشعب يفترض به ان يقف بمسافة واحدة من الجميع، ويحكم بهذا المقدار على الجميع لاحقاق الحق وإنصاف المظلوم فقط. اذا ما اخذنا هذه القضية، فأن علينا ان نسلم أن لا تعليق لنا على احكام القضاء، لأنها لا تصدر عن فراغ أو تصدر عن اجتهاد، قدر ماهي قانونية بما للكلمة من معنى، مع اخذ النظر ان بعض الأحكام القضائية تراعي الظرف المحيط بكل قضية، كما ان للدور الشعبي احياناً كلمة مؤثرة. هذا يقودنا الى التساؤل المشروع بعد قضية الكاتب سمير عبيد، الذي اشتهر بأسلوبه القريب الى أسلوب المخبر بدلاً من أسلوب الكاتب الصحفي الذي يعلق على الانباء والأحداث بناءً على معلومات أو اخضاعها لمنطق قياس ومقارنات للوصول الى احكام، ومع أننا نقدس مهنة الصحافة بأنواعها وأصنافها، فأننا في ذات الوقت نقول أن المعيار الوحيد في أي قضية صحافية، يجب أن يقاس بمدى تطابقها مع المعيار الوطني ومع مصالح الوطن العليا التي يجب أن تؤخذ دوماً بنظر الاعتبار عند الصحفي والسياسي والمحلل قبل غيرهم، كونها مسؤولية قانونية واخلاقية يتحملونها عن مجتمعهم. هذا الفهم يجب أن يقودنا ايضًا الى التعليق مع الإشكال الذي حصل مع الكاتب سمير عبيد وتداعيات القضية. ورغم اننا نبتعد عن الخوض في غمار هذه القضية وتفاصيلها، لكننا انتظرنا رأي القضاء العراقي العادل الذي قال كلمته الفصل في هذا الموضوع وأصدر حكماً قضائيًا بحق عبيد، وافهم علناً في محاكمة شهد هو قبل غيره أنها محكمة عادلة، وذات مصداقية عالية وبعيدة عن القضايا السياسية. واذا كان الحكم الذي صدر بحق الكاتب المذكور، مع تأسفنا لوصول البعض من الصحافيين أو الكتاب الى هذا الحال عمداً او جهلاً، فأننا نود ان نشير الى ان ما نشره الكاتب ذاته عن كيفية اطلاق سراحه، وتحرياً للمصداقية التي يتوخاها هو قبل غيره، نود ان نشير وحسب الوثائق التي حصل عليها (العراق اليوم) من المحكمة بأن القرار القضائي لم يكن تبرئة (للمتهم) سمير عبيد، بقدر ما هو حكم قضائي لقضية ادين بها، ونال حكماً بالسجن مدة ستة أشهر، قضاه في الحبس كاملاً دون نقصان، وانتهى الأمر الذي نتمنى صادقين أن يتجنب اي انسان عراقي الوقوع في هذا الخطأ القانوني حتى يجنب نفسه نتائج المساءلة القانونية. اما قضية الشكر التي تقدم بها سمير عبيد الى عدد كبير من الاسماء السياسية او الاعلامية أو الثقافية، وفيها بعض الأسماء الكبيرة المؤثرة في الساحة السياسية، فأننا نسجل استغرابنا لهذا النشر، الذي سيكون فيه حرج كبير لأصحاب هذه الأسماء المحترمة، اذ ماذا سيقول اصحاب هذه الأسماء حين يعرفون ان القضاء العراقي حكم على عبيد بتهمة معلن - حسب مقتبس الحكم المنشور هنا مع التقرير- وهي حتماً تهمة لا تجلب الفخر لمرتكبها، عكس ما يدعيه عبيد بنيله البراءة ؟! كما نود ان نشير الى ان نشر هذه القائمة من الأسماء الكبيرة والمحترمة في كلمة الشكر التي كتبها ونشرها عبيد بإسم عشيرته، لم تكن كلمة شكر لهذه الأسماء، بقدر ما هي دعاية شخصية له، ومحاولة رد اعتبار مكشوفة، رغم ان فيها الكثير من (التوريط) له ولهذه الأسماء وللمحكمة، إذ كيف يمكن لأي متهم أن يقول بشكل مباشر أو غير مباشر ان تأثيرات ما قد مورست على القضاء العراقي من قبل هذه الأسماء، فأدت الى اطلاق سراحه، ومهما كان دافع هذه التأثيرات على القضاء بريئًا، أو ذا نوايا حسنة، الا أننا نؤكد ان ذلك غير جائز بتاتاً، إذ استغل التعاطف الوطني والإنساني لأصحاب هذه الاسماء مع قضية لم يعلن عن جوهرها بشكل صحيح قبل صدور الحكم لأسباب تتعلق بسرية التحقيق في الملف، فكان هذا التعاطف أمراً طبيعياً يحدث مع أي شخص يعرض ربع القضية ويخفي ثلاثة ارباع جوهرها! والغريب في الأمر ان كتاب الشكر مرفوع بإسم عشيرته، وليس بإسمه أو بإسم شقيقه المغني حسن الرسام، ولا نعرف سر إقحام اسم نقابة الصحفيين العراقيين في قضية تتعلق بساحة القضاء ؟! اننا بصراحة نشكك في مصداقية كل الاسماء المذكورة، وبتدخلها في شأن قضائي صرف، يتوجب فيه احترام صوت العدالة وحده، حيث يعلو ولا يعلى عليه. فهل يمكن مثلاً ان يتدخل السيد مقتدى الصدر أو السيد عمار الحكيم ، أو وزير الداخلية قاسم الأعرجي، بقضية تخص الأمن العراقي، ويحكم فيها القضاء ؟ -حاشا لهم الف مرة ذلك- نسجل أخيراً انحناءًا للقضاء العراقي مهما كانت قراراته، ونؤكد أن سقف الحرية الواسع الممنوح يجب ان يبقى مستظلاً بظل القضاء العادل، وأن لا نحاول خلط الأوراق، مهما كان خطؤنا، أو زلتنا، او جهلنا القانوني.
http://www.alhadathcenter.net/reports/25856-2018-06-19-16-11-29
*
اضافة التعليق