بغداد- العراق اليوم: مقال: في ذكرى استشهاد اسد الله الغالب
الفريق الركن احمد عبادي الساعدي العراق اليوم - بغداد في مثل هذه اللحظات من تاريخ الاسلام هوى سيف الجهل والمؤامرة والخيانة والسقوط الاخلاقي، ومشروع قريش الافسادي على رأس الفضيلة والشرف والكرامة والشجاعة المتمثل بعلي بن ابي طالب "ع" فلم تنثلم فضيلة ولم تنكسر همة بتفجير الهامة .. ومنذ ذلك التاريخ (وعلي) يسابق الزمن في السير الى معارج العلو والارتقاء وشموخ المواقف وربما كان العلو واحداً من اسماء علي.. علي "ع" شهيد العبقرية والانسانية وقتيل عبرة الكون قبل ان يكون قتيل عبرتنا في العراق وسائر الامم المحبة لعلي ونهجه .. وهو فقيد الامة وليس فقيد اهل الكساء وحسب، ومابين كساء محمد والزهراء والحسن والحسين وكربلاء محراب علي في الكوفة، لنا في شهادة علي كربلاء اخرى ولمسجد الكوفة طف آخر. بشهادة علي "ع" نكتشف ان الرجال لايموتون لحظة انهيار السيف على الجبهة خصوصاً انهيار سيف المرادي على جبهة علي "ع" .. لأن علياً جبهة كاملة من الرجال والائمة، ممتدة في القوة والاخلاص للدين، وتمثل جوهري لنظام الاوامر والنواهي، وهي مستمرة في الزمان والمكان والوجدان والثورات والانتفاضات الانسانية، وقد بقيت جبهة علي "ع" متماسكة لم يخترقها أحد، ولم تسمح لرياح العدوان والضعف ان تتسرب اليها .. بينما بقي سيف المرادي المنهار في الرأس الشريف كناية عن انهيار الجاهلية على اعتاب الاسلام وانهيار النصل على بوابات الجرح وانهيار الضوء بوهج مشكاة العرش.. بشهادة هذا الصديق والعارف والامام والقدوة يكون علي "ع" قد اكمل الدورة الكاملة في تاريخ قيم البطولة والذود عن الاسلام وتحقيق حلم الانسان برؤية الحرية واقعا ً ً والعدالة صرحاً والمساواة محراباً .. لان علياً في كل الذي عرف عنه وكل الذي قيل فيه كان الحرية والعدالة والمساواة والحقوق المدنية، والتعبير الأنقى عن صورة الاسلام في الحياة .. وكان بمثابة علم الله في صورة انسان، وهو اول القلوب التي هفت على قلب النبي "ص"، واستقبلت روح النبوة وأريجها، واستنشقت عبق هذا الانتقال المهم من الاستلهام الى الوعي ومن العدمية الى العلم ومن الاحتكام الى القبلية الى الانصهار بالدولة.. كان علي "ع" روح النص ومعناه ومنتهاه !. ايها المسلمون في كل مكان.. الشهادة لم تكن عاملاً طارئا في حياة علي "ع" بل كانت ابرز معالم شخصيته ومسيرته ونهجه ومدرسته وحياته .. ولو نودي على الشهادة وقيل لها اي مخلوق رباني جسد معنى الشهادة والذوبان في الله والعمل بنظام الاوامر والنواهي والارتقاء في سلم الاخلاقيات والروحانيات وهمس الملائكة ومصداق الامام المقرب من ربه وكلمات العرش، لقالت دون ان تراجع نفسها الشهيدة .. انه علي.. علي حبه جنة والجنة من الجنون ميزة المتعلقين بعلي منذ ان خرج وليداً من جوف الكعبة وقد ضخت امه فاطمة بنت اسد كلمات الله في روحه واطعمته فاكهة الجنة ، واختلطت رائحة المكان في جوف الكعبة بجسده ومنذ ان اشاح بعبقريته عن وجه نبالة المواقف فأوقف النفس في سبيل الله كما اوقف حياته رهينة محبس الترابية والتواضع، وهو القائل "لقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها". علي "ع" الذي ولد في جوف الكعبة واستشهد في مسجد الكوفة اختصر الزمن بالمقدس من المكان واستولى على الافئدة بما خصه الله تعالى من مزايا وخصائص ومناقب وارتفاعات وقد علمه رسول الله "ص" الف باب من العلم والرسول يهتف في اسماع الدهر .. انا مدينة العلم وعلي بابها ومن اراد المدينة فلياتها من بابها.. علي "ع" ابو الانسانية والتاريخ الاسلامي لسيرته الرسالية يكتظ بالشواهد عن وقوفه الى جانب الفقراء والمحرومين "وان في الحجاز او اليمامة من لاطمع له بقرص ولا عهد له بشبع" ويذكر التاريخ ايضا ان علياً ما ان يسمع او يشاهد فقيراً او يتيماً يتقوس ضلعه وينحني ,, وهو في الحقيقة انحناء القلب الكبير وتقوس الروح النبوية التي تأدبت بأدب الاسلام واستلهمت القيم الاسلامية وعاشتها في العمق رسالة في الانسان والايمان به قيمة ربانية عريضة ومشروعاً لبناء الارض وعمارتها، وكان يدأب لتجسيد نهايات هذه الاية "ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين" من اجل قيام حكومة المحرومين وسلطة الايتام لعمارة الارض وخلافتها.. ايها المؤمنون بنهج علي عليه السلام.. ان عليا رجل لن يتكرر في تاريخ البشرية وامام اعطى للوظيفة الربانية والمهمة الرسالية والموقع الالهي قيمته المادية والروحية منذ ان خرج من جوف الكعبة حتى شهادته في مسجد الكوفة. لقد افنى حياته في سبيل الله فافنى الله تعالى قلوب محبيه بنهجه ومدرسته وتعاليمه وعبادته ورسالته الطاهرة وروحه التي هي روح النبي ونفسه وارواح الانبياء والاوصياء والاولياء فقد جمع علي "ع" ارواح الانبياء في روحه وقلوب الثوار في قلبه ويقين العابدين بقلبه وهو القائل في ربه " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ". وفي علاقته المرتفعة بقيم الارتباط بالله يتفجر علي"ع" حكمة في مجتمع كان يحتاج حكمة الامامة حين قال " هنالك قوم عبدوا الله خوفاً من ناره فتلك عبادة الخائفين وقوم عبدوا الله طمعاً في جنته فتلك عبادة التجار، وقوم عبدوا الله حق عبادته فتلك عبادة الاحرار". لقد علمنا علي "ع" عبادة الاحرار وكيف نكون احرارا بل كيف نكون حيث يجب ان نكون. حري بنا ان نكون علويين في السلوك والنهج والقيم العليا وان يكون علي "ع" رائد المسيرة ومشعل الدرب وقدوة واسوة ونبراسا في طريق الحق والعدل.. حري بنا ان نقترب اكثر من الفقراء والمحرومين لكي نكون حقاً ممن يقتفي اثر العلوية في نهج علي وان نتعاطى الشأن الاجتماعي بلغة علي التي تستحي ان ترى ذل السائل في وجهه وقلبه وهو يطلب منها وترى في نفسها عز المسؤول.. ان المسؤولية في روح علي ومدرسته تقوم على رفع الكلفة بينه وبين الفقير والتماهي مع مجتمع الفقراء وعالمهم لان الفقراء عيال الله .. ونحن عيال علي.. علينا ان لانطمع بقرص او مال او جاه او سلطة في مشرق البلاد ومغربها ونتصدى للمسؤولية بشجاعة، ونواجه اقدارنا كما واجه علي "ع" ، ونفي المسؤولية والقيادة والادارة حقها، ونعي ان الله تعالى يصل الحريص ويسدد المخلص . وعلي كان قمة الاخلاص لأمته ودينه .. حتى وهو في طريقه الى الموت حين سأل النبي بعد ان اخبره بشهادته: افي سلامة من ديني؟. يامحبي علي عليه السلام: العراقيون شعب علي "ع" يحتاجون من يذكرهم وهو يقودهم بعلي ورسالته وروحه، ولايحتاجون رجالا يذكرونهم بالحجاج ومعاوية ويزيد وهارون الرشيد!. وهم يحتاجون علياً اكثر من اي وقت مضى حيث تتكالب الدنيا على ترابهم الوطني ونظامهم المجتمعي وتستولي على ارضهم لالشيء سوى ان روح علي عادت تحكم واسم علي عاد يرتفع في مآذن بغداد ونهج علي بدأ يتسرب الى قلوب الاتباع ومسيرة الملايين تتسرب اليه وتتحشد حول شباكه الشريف. انهم يحتاجون عليا لانه رمز النزاهة والنظافة والطهر والذوبان بالحق وصاحب الرؤية الانسانية التي تبحث عن اقصر الطرق لتطبيق العدالة وابهى المفردات لتنوير الناس بالاسلام.. في ذكرى شهادة علي نرفع اكفان شهدائنا الذين سقطوا مضرجين بدمهم في معارك الشرف ضد داعش ونقول بصوت واحد وعلى اعتاب شهادة سيد الرجال والشهداء.. لبيك ياعلي. لبيك ياعلي ضد الظلم والطغيان ا والجور والحرمان.. لبيك ياعلي لنصرة الاسلام.. لبيك ياعلي صرخة ثورة ضد خونة الاوطان.. لبيك ياعلي ثورة لبناء الانسان.. لبيك ياعلي ثورة العدل والايمان لبيك ياعلي ثورة ضد الفساد والفاسدين والجهلة بادارة البلاد والعباد..
*
اضافة التعليق