بغداد- العراق اليوم:
الاعرجي ومشكلة المستمسكات الأربعة، كيف اطلق الوزير رصاصة الرحمة على تلك المشكلة ؟
ما من وزير او مستشار او نائب او مواطن بل وحتى رئيس حكومة، الا وانتقد النظام الاداري المعقد في البلاد، واتهمه بأنه سبب تعثر كل تنمية، وتوقف كل مشاريع التطوير. ولم يتوقف هذا عند باب النقد، بل تعداه الى لعن وسب ذلك النظام، وإذا كان التعقيد والروتين وصعوبة الاجراءات مرفوضة ومنتقدة ومدانة، فإن الأمر يجب ان يتوقف عند هذه الحدود فحسب، وليس اكثر . لكن الحقيقة المؤلمة، ان لا أحد يجرؤ على القول، ويسأل ولو لمرة واحدة : مالعمل.. أو ما الحل؟ أو أن يطرح خطة عمل لانهاء هذا التعقيد، والقضاء عليه. وبقدر ما يمكن ان يكون تشخيص المشكلة مهماً، فإن الأهم يكمن في الحلول، لكن كيف تنتهي المشكلة اذا اكتفى الجميع بتشخيصها، دون ايجاد حلول مقنعة لها، وهل يزول المرض بتشخيصه دون علاج، وما فائدة ان تقف امام طوابير من المسؤولين ليتكرموا عليك بقولهم، نعم النظام الاداري معقد، وثم ماذا ؟. ونعتقد أن أوضح صور التعقيد الاداري في البلاد تتجلى في موضوع المستمسكات الثبوتية، أو " التعاويذ الاربعة، أي الرباعي الذي يثبت للعراقي شخصيته وهويته وانتمائه القانوني"، نعم فالعراقيون مبتلون بشيء اسمه " المستمسكات الاربعة" وهذه حاضرة في ولادته الى حين موته! فما من معاملة او طلب مهما كان تافهاً، الا وقد طلب من المواطن ان يقدم المستمسكات الاربعة كعربون للنظر في طلبه، ولذا كانت المشكلة الاساسية التي تعيق اي عراقي، هي استصدار البطاقات الاربعة: (اًلجنسية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية)، ونظراً لحجم التخلف الاداري الموروث في نظام الدولة العراقية، وخصوصاً في دوائر الجنسية العراقية التي كانت الى الامس القريب تعمل بنظام اداري عثماني اكل عليه الدهر وعفا، فأن العراقيين كانوا يتبرمون اذا ما طلب من أحدهم اصدار أحدى الوثائق الاربعة، أو تأكيدها او تجديدها، لأنها معضلة فعلاً، من حيث ضياع الوقت والبيروقراطية والمحسوبية والفساد وضعف وضوح المعلومات وصعوبة الوصول اليها، أو غيرها من التعقيدات التي ما انزل الله بها من سلطان. ولأن العالم لفظ هذه الاساليب الادارية البالية، وانتقل الى نظام الكتروني سريع الاستجابة بل فائق التعامل مع الطلبات، بحيث اصبحت افقر دول العالم تمتلك "داتا بيست" بكل سكانها، وتنوعهم الديموغرافي، والاثني، والتغييرات الاجتماعية، بقي العراقي يعاني من مشكلة اسمها المستمسكات الثبوتية الاربعة، وبقي يطادرها في دوائر قديمة وعتيقة، وتحت رحمة موظفين يخطأون كثيرًا فيكلفوه وقتاً ومشاكل ادارية لا حصر لها. من هنا كان التوجه نحو تعميم نظام الكتروني بديل اسمه البطاقة الوطنية، يمثل حلاً منتظراً من الشعب، ويمثل خلاصاً له من عسف هذه الاجراءات، وكانت البشرى كبيرة حين اطلق في نهاية 2013 في البلاد لاول مرة، لكن خيبة الأمل عادت من جديد لتطل برأسها، نظراً للتكاسل والتراخي الذي احاط المشروع، والتوقف الغريب العجيب الذي اعتراه، ولم يعرف أحد سبب ذلك. لقد بقي المشروع الرائد يسير بتؤدة وببطء شديدين، ولا أحد يعرف من يعرقل تطبيق نظام سيختزل الوقت والجهد، ويمكن العراقيين من اصدار وثيقة الكترونية غير قابلة للتزوير، والتلف، فضلاً عن اغنائها اياه عن تلك المستمسكات المتعددة، وتسهل اجراءات معاملاته. وبقي الحال عل هذا الحال، لكن وصول الوزير قاسم الاعرجي الذي كان قد وضع تصوراً دقيقاً عن عمل الداخلية ابان توليه منصب في لجنة الامن والدفاع، غير الحال تماماً، واعطى مشروع البطاقة الوطنبة دفعة عملية ومعنوية قوية، فبدأ بما يمكن تسميته بـ "مارشال" في الوزارة، لتسريع العمل بإصدار البطاقات الوطنية وتوسيع رقعة دوائرها بعد ان توقفت لشتى الاسباب. وخلال فترة وجيزة عادت منظومة البطاقة الوطنية للعمل والتوسع، وحققت طفرات نوعية في نسب الاصدار، أو في توسيع انتشار دوائرها جغرافياً، وبدأ الجميع يلحظ ان البطاقة التي حولتها الاجراءات الى تعقيد بحد ذاته باتت تستخرج بسهولة ويسر وسرعة قياسية. ومع ذلك، لا يترك الوزير الاعرجي فرصةً الا وقد وقف على تطور نوعية العمل في هذا المرفق الحيوي، لمعرفته الدقيقة ان اكتمال هذا المشروع سيسهم في تحقيق نمو حقيقي في مجالات الامن الاجتماعي والتخطيط الحضري، وتسهيل اجراءات المواطن، وهي الفقرة الأهم في هذا المشروع. أن جهود الاعرجي المبذولة هو وكادره في هذا المجال تحتاج الى شد على الايادي وشكر خاص لما يقومون به من دور وطني خلاق في تسهيل معاملات المواطنين. فشكراً لهم ولجهودهم المعطاءة.
*
اضافة التعليق