بغداد- العراق اليوم:
فيما يحتفل العراق بهزيمة تنظيم داعش، خلف الدمار الذي تركه وراءه معاناة شديدة لأبناء المكون السني، ما يجعلهم في مواجهة يصفها البعض بأنها أزمة وجود أو هوية. وبالنسبة لآخرين، بات التكيف مع حكومة يتزعمها الشيعة يعني تبني قومية عراقية جديدة، وفقا لما أورده تقرير أميركي.
ولفت سكوت بيترسون، وهو محرر لدى صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"، في التقرير، إلى أن مؤشراً واحداً يفيد في تأكيد هذه الحالة الجديدة، ذلك أن معظم النازحين داخل العراق، وعددهم خمسة ملايين، هم من السنة. كما أن غالبية عشرات الآلاف من العراقيين الذين نفذ ضدهم عناصر داعش عمليات قتل واغتصاب واختطاف، كانوا سنة. وعلاوة عليه، كان معظم سكان مدن دمرت أثناء القتال ضد داعش – من الفلوجة والرمادي وحتى الموصل، من السنة.
يضاف إليه، بحسب المحرر، الأثر النفسي البالغ الذي تركه حكم "داعش الوحشي والدامي"، والذي استمر قرابة أربع سنوات، على سكان تلك المناطق الذين تراجع مستواهم المعيشي والحضاري، وأصبحوا يعيشون كما عاش أجدادهم قبل أكثر من مائة عام.
وفي هذا السياق، يقول محلل عمل، في بغداد، مع وزارة الدفاع العراقية، وقد رفض ذكر اسمه "ما عليك سوى العودة للعهد العثماني، لكي ترى مستوى الضرر الذي أصاب السنة خلال السنوات الأربع الأخيرة".
ويتابع المحلل العراقي "يمكن وصف ذلك الضرر بأنه "هولوكوست سني"، وقد بدأ عبر التحريض ضد قسم من الطائفة حكمت العراق طوال عقود، لحين الإطاحة بصدام حسين في عام 2003.
وبرأي بيترسون، أدت تلك النتيجة إلى رأي طرحه بعض السنة وساستهم، لكن ليس جميعهم، يساعد في إيجاد قومية عراقية جديدة وتقديم دروس بشأن كيفية التكيف مع حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي.
ويقول المحلل العراقي "بدأت فكرة القومية العراقية في التبلور عبر إدراك حقيقة ما جرى في ساحات المعارك ضد داعش. فقد شهد سكان مدن سنية كيف شارك أبناء طوائف أخرى في تحرير مناطقهم، وفي القتال حتى الموت في سبيل تخليصهم من التنظيم الإرهابي".
ولكن، بحسب المحرر، ما زال بعض الساسة العراقيين السنة يواصلون لعب ورقة الضحية السنية، وتصوير مأساتهم الجماعية بأنها من صنع الجميع، باستثناء السنة أنفسهم.
ويقول الشيخ فارس الدليمي، الذي تصفه صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"، بأنه "زعيم سني يلعب دوراً في جهود مصالحة تقودها الحكومة العراقية"،: "يتهم الجميع السنة بأنهم كانوا متعاطفين مع داعش، ولكن الدمار الذي لحق بهم على أيدي داعش لم يحدث قط من قبل أي جيش أو قوة احتلال. وتكمن المشكلة الرئيسية اليوم في تسوية عشرات من القضايا داخل الطائفة السنية ذاتها. ولأن عدداً كبيراً من السنة فقدوا أبناءهم بأيدي داعش، فهم يريدون اليوم الانتقام من أولئك القتلة".
*
اضافة التعليق