بغداد- العراق اليوم:
ثمة من يقتنون لعبة ركوب الامواج العاتية، ويبقون فوق موجها العالي، الى حين انجلاء المد، ليعودوا الى ماكانوا عليه، ولكن ماذا لو كان هذا الموج (قالعًا شالعاً)، محطمًا الموج ومن عليه؟. هل سينجو هولاء، ام ستمتطيهم ذات الموجة التي حاولو امتطاء ظهرها، فتذهب بهم الى وادٍ سحيق؟
في التجربة السياسية العراقية، هناك قوى سياسية كانت تجيد لعبة ركوب الامواج، وتفريغ الموجات من شحنتها، والعودة الى قواعدها السابقة سالمةً بما كسبته حقًا وباطلًا، ولعل المجلس الاعلى وتيار الحكمة اللاحق له قصب السبق في هذه اللعبة، فقيادة هذه التشكيلات كانت مع كل موجة او نداء تغيير عاصف، تقفز الى الواجهة، مدعيًة انها تأتلف مع المشروع، وتدعمه، بل، وستستجيب له حفاظًا على المصالح العامة، وغيرها من بريق الشعارات، الا انها سرعان ما تلتف على هذا بالاعيب واساليب ماكرة، ودهاء غريب، وقد جرب هذا التشكيل السياسي (المعمم) هذه اللعبة، مرات ومرات، ونجح للآسف في خداع الاخرين، ولعلنا لن نذهب بعيدًا في استحضار الدور الذي قام به المجلس الاعلى بقيادة السيد عمار الحكيم في تفريغ مبادرة العبادي من مضمونها، حين اعلن رغبته في تعديل حكومي يأتي بموجبه بوزراء تكنوقراط اكفاء بدلاً من وزراء المحاصصة الحزبية، ولما رآى المجلس قوة الشارع ومطالبة العبادي الجدية، انحنى ريثما تمر العاصفة، لينقلب على هذه المبادرة فيما بعد، عبر اصراره الشديد على ترشيح وزراء جدد عن طريقه، وليأتِ بالبدلاء الذي كانوا نماذج سيئة ، بل هي اسوء من الذين سبقوهم، وقد اثبتت الايام فيما بعد مدى الفشل الذريع الذي الحقه هولاء بالمال العام، وبالوزارات التي تسلموها. وحين اعلن العبادي عزمه على اطلاق حملته على الفساد، انبرى تيار الحكيم بقيادة (السيد) أيضاً، ليعيد ذات اللعبة، مدعيًا انه سيعلن الحرب على الفساد ايضًا، وسيدعم توجهات العبادي، وانه لن يستثني احدًا، وغير هذا من الشعارات التي وردت على لسان بشكل بيان نقله احد نواب كتلتهم النيابية. لكن هذا الركوب الواضح للموجة يراد منه، اشعار العبادي ان قرار مكافحة الفساد لا ينبغي ان يكون حكوميًا، بل عليه ان يخضعه للمحاصصة الحزبية، حتى تكون الفائدة (الإنتخابية) تحاصصية، ونفعها يصل للجميع! كما يريد ان يقول التيار - الحكمة - للعبادي، بأن يترك المحاسبة للجهات والاحزاب المعنية، كما ترك لهم موضوع التكنوقراط في السابق ليختاروا هم بانفسهم الوزراء، والذي أثمر عن مجيى الحمامي واللعيبي، وهلم جرا من الوزراء الفاسدين والضعاف الهزيلين. ان هذه الموجة التي يظنها (الحكمة) عابرة كسابقاتها، لن تكون كذلك، فقد فهم العبادي اللعبة، واستوعب الدرس، ولن يلدغ المؤمن من جحر مرتين، واذا ماكانوا يؤمنون بما اعلنوه من تضامن فعلاً- وهو ليس ذلك طبعاً - فعليهم، فتح الباب امام لجان العبادي التحقيقية الدولية، التي ستبحث ملف هيئتهم الاقتصادية، والكثير من ملفات البصرة، ومحافظها، ونفطها، وملف النقل ووزيريها عبطان والحمامي، وملف وزارة ومؤسسات النفط التي تزكم رائحتها الأنوف، بفضل وزيرها التكنوقراط، واغلب مسؤوليها، ومدرائها الذين ينتمون الى تيار الحكمة، فضلاً عن مئات المناصب المتقدمة والمواقع الرفيعة في الدولة، وقتها يمكن ان نقول ان الجماعة استسلموا للموجة التي ما عادت قواهم تعينهم على ركوبها، بل انهم استسلموا للواقع، وحينها يمكن ان نقول ان الحكمة طهر بيته من الداخل، وانتهى الى مصالحة حقيقية مع الواقع، والا فأن القصة ستنتهي بسيناريو لا يعلمه الا الله والعبادي شخصيًا.. وأغلب الظن ان السيد لن يضحي بالبقرات الحلوب، ولن يكرر خسارته لماجد النصراوي، وسامر كبة مدير الخطوط الحوية، وغيرهم مرة اخرى، وطز بالإصلاح !
*
اضافة التعليق