بغداد- العراق اليوم:
لم يكُ السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتوقع، ان ينتهي طموحه ورغبته في تشكيل كابينة وزارية قائمة على اساس مهني تكنوقراطي كما طرح ذلك صيف ٢٠١٦، الى هذا الذي حدث، وما آلت اليه الامور من مآلات، لا تسر صديقاً ولا تبغض عدواً، حيث افرغت الحيتان الكبيرة الفاسدة هذه المبادرة من مضمونها الوطني الخلاق، وانتهت بها الى محاصصة اخرى اشد ضرراً بالباطن، كما جرى في لعبة تولي الكتل السياسية للوزراء التكنوقراط.
فازاء الاصرار الكبير للسيد العبادي على استبدال الكابينة الوزارية التي تشكلت صيف ٢٠١٤، والتخلص من الزعامات السياسية في داخل حكومته، وترشيق الحكومة التي باتت كقطار متهالك تعجز اي قاطرة مهما كانت حديثة عن سحبه، لم تجد الكتل بدًا من الاستجابة والانحناء لتلك الرغبة، لكنه وكما يبدو انحناء ريثما تمر العاصفة، ولبعض الكتل قدرة هائلة على التلاعب بالملفات والمبادرات والالتفاف عليها وافراغها من مضمونها.
وهكذا كان، فقد نجحت هذه الكتل في اقناع العبادي بانها ستتولى ترشيح وزراء جدد تكنوقراط مهنيين، مختصين يديرون الوزارات بامانة واحتراف، ولكنها كانت مجرد شعارات اثبتت الايام زيف الكثير منها.
ولعل وزارة النقل كانت ولا تزال من بين اكثر الوزارات تعثرًا وعدم استقرار، واكثرها تضررًا من مفهوم الادارة المتحزبة، ونشوء كارتلات الفساد ولوبيات المصالح الحزبية والفئوية، وكانت العيون ترنو لتخليصها من هذه الافة، والنهوض بها لتتولى مسؤولياتها الجسام جدًا، لكن هذا لم يحدث بطبيعة الحال. فقد اعادت كتلة الحكمة التابعة لرجل الدين عمار الحكيم ذات الكرة حين رشحت احد محازبيها لتولي المنصب، ولم ينجح الوزير كاظم الحمامي في تطوير اداء الوزارة ولا تخليصها من افات الفساد وانياب المحاصصة، بل وبشهادة لجان مختصة فأن الظاهرة استفحلت ولم يعد يجدِ معها اي حل للمعالجة.
ولعل وسائل اعلام عراقية متعددة نشرت مئات الانحرافات وقضايا الفساد والخروقات في وزارة الحمامي، مع تراجع مريع في اداء الوزارة التي باتت تصنف على انها من بين علامات الفشل الوزاري، وللأسف اطاحت بمفهوم التكنوقراط النبيل الذي طرحه العبادي وحرص على انجاحه. ولأن اخر الدواء الكي كما تقول العرب، يبدو ان مجلس النواب عازم على اقتلاع سبب هذا التدهور وانتشار الفساد من جذوره، وقطع دابر العابثين بشكل قاطع.
فقد كشف رئيس لجنة الخدمات والاعمار البرلمانية ناظم الساعدي، الاثنين عن استكمال كافة الاجراءات القانونية والشكلية للشروع باستجواب وزير النقل كاظم فنجان الحمامي.
وقال الساعدي في تصريح له إن “رئاسة مجلس النواب ستحدد نهاية شهر تشرين الثاني الحالي موعدا لاستجواب وزير النقل”، مؤكدا “استكمال جميع الاجراءات القانونية والشكلية وبانتظار تحديد الموعد”.
وأضاف الساعدي، أن “هناك عدة ملفات تخص عمل الوزارة سيتم استجواب الحمامي بشأنها”.
فهل سينجح الساعدي وزملاؤه من النواب النزهاء في ( كنس ) رأس من رؤوس الفساد، أم سيقاتل (السادة) مسؤولو كتلة الحكمة من اجل انقاذ قاصة التمويل من الزوال ؟
*
اضافة التعليق