السوبرمان محمد بن سلمان!

بغداد- العراق اليوم:

مهند بتار

ينوء جبل إيفرست ولا ينوء الأمير الشاب محمد بن سلمان تحت ثقل المهام العظيمة التي يتجشم عناءها ، فهو في آنٍ معاً : ولي العهد ، نائب رئيس مجلس الوزراء ، وزير الدفاع ، رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية ، رئيس مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية ،  رئيس مؤسسة مسك الخيرية ، رئيس مركز الملك سلمان للشباب ، رئيس جمعية الملك سلمان للإسكان ، رئيس أو عضو مجلس إدارة ما يقرب من عشر جمعيات أو مؤسسات خيرية متنوعة أخرى ، رئيس التحالف الحربي في اليمن ، صاحب رؤية ووعود ومشاريع (السعودية 2030) بما في ذلك خصخصة شريان الحياة السعودي (آرامكو) ، وأخيراً وليس آخراً رئيس اللجنة العليا لمكافحة الفساد التي تم إستحداثها مؤخراً لتكون بمثابة (الجرافة) التي تمهد له الأمتار الأخيرة المتبقية في طريقه إلى كرسي العرش .

والآن ، ومع التطورات الدراماتيكية المتلاحقة في السعودية ، فقد وصل المزاج العام هناك إلى ذروة الإستعداد المعنوي (ترغيباً وغالباً ترهيباً) لإستقبال نبأ تخلي الملك سلمان في أية لحظة عن كرسيه لصالح إبنه الأثير على قلبه ، إذ أن الأنظار كلها مشدودة ببالغ الإندهاش إلى مشهد التحضيرات اللوجستية المتسارعة، من أمنية إلى إعلامية إلى إقتصادية إلى سياسية إلى غيرها لساعة تتويج الأمير الجامح ملكاً على بلاده، بعد أن تمكن من الإمساك بكل خيوط اللعبة الملكية كما يبدو من ظاهر الأحداث ، أما باطنها فهي نيران كامنة كما هو حال البركان المخادع ، تحسبه هامداً لكنه ينطوي على عوامل الإنفجار المباغت ، وهكذا هو واقع المملكة العربية السعودية اليوم بفضل الأمير محمد بن سلمان الذي حطم ويحطم كل من يخاله أو يشتبه به كعدو داخلي محتمل لطموحاته حتى لو كان يحمل جينات آل سعود ، فلا فرق عنده بين أمير وخفير قدر تعلق الأمر بمعركة التاج ، ولأجل هذه الغاية بادر إلى تطبيق المثل القائل (أضربْ المربوط يخاف السائب) على أقرب أقربائه، حين زج في (قائمة الأمراء والذوات الفاسدين المربوطين) برمز النفوذ الأمني (الأمير متعب بن عبدالله) ورمز النفوذ المالي (الأمير الوليد بن طلال) ليـُـرهبَ بهما بقية الأمراء من ذرية عبد العزيز آل سعود ، فينقاد له الجميع سمعاً وطاعة .

سوى أن هذه الدراما الواقعية السعودية بقدر ما تبدو ظاهرياً مُحبكة بقدر ما تحمل في طياتها مخاطر انفلاتها وانهيارها بالنظر إلى سعة إنفتاحها على المجهولة من الأحداث والتحديات ، فثمة أيضاً الجبهات الخارجية التي لا ينفك محمد بن سلمان يغذيها بأسباب التفاقم من قبيل الجبهة اليمنية المشتعلة ، والجبهة اللبنانية المتأزمة ، وجبهة إيران الساخنة ، وجبهة قطر المفتعلة ، وكلها جبهات يستحيل كبح واحتواء تأثيراتها الفاعلة على الجبهة السعودية الداخلية ، هذه التي لا ينقص ما تحت رمادها من حجر الكريبتون (كما في الأسطورة) سوى نكشةٍ حتى ينكشف هذا الحجر تحت أقدام (السوبرمان) محمد بن سلمان فيتهالك وتخور قواه ، وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق في ظل إندفاعته الهوجاء نحو العرش بأي ثمن وبلا حساب لآلاف الأمراء من بني عشيرته قبل غيرهم من الساخطين على جبروته ، رغم تحصّـنه بسـور من الأتباع والمريدين والمنتفعين والوصوليين.

علق هنا