بغداد- العراق اليوم:
من المؤاخذات على الوسط السياسي العراقي أنه وسط ضيق الأفق، أحادي، اقصائي، لا يؤمن بمبدأ التعدد، ولا يريد أن يسمع أكثر من صوته فحسب. المختلف معه عدو، والمؤيد له تابع لاغير. هذه ابجديات العمل السياسي منذ ان عرفه العراقيون والى يومنا، ولعل تجربة ما بعد 2003 كانت بمثابة فرصة للكثير من الحالمين بتغيير سياسي جذري سيطرأ على الواقع السياسي، بعد تجربة خاضها سياسيو المهجر الذين استوطنوا أكثر البلدان ديمقراطيات، وبعضهم على الأقل عاش في فضاء يتمتع بحرية تعبير ذات سقف عال، لكن ما أن عاد الكثيرون منهم الى العراق حتى عادوا الى ذات الفكرة القديمة، تلك القائمة على تقسيم الجميع الى فئتين، عدو .. وتابع.
قد لا ترتبط هذه المقدمة بعزت الشابندر، أذ اننا بتواضع شديد، نشطب على اسمه من لائحة السياسيين العراقيين، اذ فضل ان يختار جانب أخر هو، وفضل ان يبزغ نجمه كعراب صفقات غامضة لا سياسي يعمل في ضوء النهار، ويخاطب جمهور واسع . لذا فمن يختار الزوايا سيجد الكثير من الافاعي، وسيجيد العمل الباطني الذي لا ينتمي لعمل سياسي، بل هو أقرب على عمل مافيوي أو قريب من ذلك.
لكننا تنازلنا ما دامت وسائل الاعلام العراقية والعربية تتعامل مع (عزت) على أنه، وامثاله سياسيون يعملون في الواقع العراقي. لذا سنناقش ما أدلى به (الشابندر ) من على قناة الزميلة ( العهد)، نقاشاً صحافيًا قبل أي نقاش. فعزت الذي يبدو أنه قرأ ما كتب عنه في (العراق اليوم)، وفي مواقع ووكالات عراقية، بعناية، يصر على وصفنا بالجيش الالكتروني التابع للعبادي، مهمته مهاجمته شخصيًا، وهي تهمة مضحكة في واقع الحال، فلو تناولنا في عدد الغد مثلاً ابو بكر البغدادي، وكتبنا عن سيرته، سيتهمنا بذات التهمة، فلا أسهل من تصنف من ينتقدك، فمن صنفك حدك، وقتلك معنويًا، لكن السؤال هنا : هل قرأ السيد الشابندر كل اعدادنا اليومية، والتي تناولت شخصيات من اليمين الى اليسار، وإن سهام نقدنا طالت كابينة العبادي، بل ضربت العبادي نفسه فقد تناولنا عمله، وقراراته اكثر من مرة، وأشرنا خطأ هنا، او هفوة هناك، كما أشدنا بنجاحات حكومية مشرفة، كتحرير الارض، وغيرها من المواقف.
لمَ نفعل هذا يا سيد عزت. . أتعرف لماذا ؟
سنجيبك بصراحة : لأننا صحافيون فقط، مهمتنا أن نراقب ونكتب ونشخص وننتقد، لا نعمل في غرف جانبية، ولا نبحث عن صفقات لنتربح منها!
ثم أنك تقول بلغتك التي تحمل الكثير من التكبر والعنجهية أنك : خاطبت الأخ العبادي حول الموضوع !!، ومن ثم ماذا؟ . ماذا تريد أن يفعل السيد العبادي برأيك. ايحجب سيرتك الذاتية مثلًا وتصنف كأسرار دولة !. الا تعرف انك أبعد من تحجب سيرتك عنا وعن غيرنا، خاصة وان سيرتك وعملك يعرفه أي عراقي، فضلاً عن ان ثمة صحافيين يرصدون كل شاردة وواردة في العراق وما يحيطه .
ثم أن لغة التعالي هذه لا يمكن أن تصل بك شخصيًا الى نتيجة، فما تريده ان نسكت عنه، سنسكت عنه مثلاً، لكن ماذا عن غيرنا من الذين يعرفون حقيقتك؟
هل ستسكتهم ايضاً .. الا تعرف ان اكثر من اربعين وسيلة اعلامية عراقية محترفة تتناول مواقفك، وتتناول اسرار صفقاتك المريبة؟ . فهل كل هذه الوسائل ستسكت ان سكتنا، أو استطعت اسكاتنا؟.
السؤال الغريب الذي يحير أنك مثلاً عشت ردحًا طويلًا في لبنان، بلد الحريات الصحافية، ولربما قرأت ما يكتبه الإعلاميون هناك عن شخصيات لبنانية نيابية وسياسية، وحجم التناول الذي يصل الى الامور الشخصية، فلم نشهد ذات يوم أن سياسياً من هولاء اتهم الصحافيين بأنهم جيوش الكترونية وموظفون عند بري أو عون أو الحريري أو من سبقهم .! فلم لا تتعلمون من هذه البلدان احترام الصحافة، أو على الأقل سماع رأي الشارع بكم ؟.
ثم أنك تحاول الربط تعسفًا بين وساطتك أو تدخلك في أمر قضائي قانوني باعتقال احد الكتاب، مع ما يكتب عنك، وهذا توهم كبير منك، فنحن كصحفيين نلتزم مبدأ لربما لا تفقهه انت، ولن تفهمه ابداً، فنحن اولاً يا حضرة النائب السابق غير معنيين بالامر، ولا نتدخل في عمل الأجهزة الأمنية، كما إننا لا نعلق على أوامر القضاء بتاتًا، لأن هذا خط أحمر لدى الجميع، فقضايا الأمن، والأحكام القضائية، وكل ما يتعلق بها هي احكام نحترمها جداً، ولا نتدخل بها مهما كان نوعها، وذلك بسبب حساسية وخطورة الظروف الأمنية التي يمر بها البلد، والشعب، وبالتالي لايحق لك اتهامنا بالعمالة لصالح العبادي، او اجهزته الحكومية او جيشه الألكتروني. ولن نوضح أكثر من هذه الاشارة لتفهم مانقصده !
ختامًا نقول للسيد عزت أن هذه السطور مهمتها الوحيدة، هي أن تقول لك أن ثمة صحافة عراقية تنهض بمسؤولياتها ولا تلتفت الى الخلط الذي يمارسه جنابك، أو غيرك، وننصحك أن تقرأ ( العراق اليوم) باستمرار لتعرف السقف الذي نتوقف عنده، ولتعرف ايضًا أننا لا نلتزم أمر أي جهة، ألا جهة واحدة فقط، هي ضميرنا الصحافي الوطني، الذي يضع مصلحة العراق فوق كل المصالح، ويضع اعتبار الحق والعدل والقانون فوق أي اعتبار، أو أي صفة او شخص ، فلا تحسس على رأسك عندما يتهم شخص ما في قضية ما، رغم إننا نعذرك في ذلك، فالبطحة التي فوق رأسك تجبرك على ان تتحسسه!
إنه مثل فلسطيني تعرفه حتماً .. ؟!
*
اضافة التعليق