بغداد- العراق اليوم:
فجرًا، كانت الدوائر البرزانية تحاول إن تباغت بغداد التي تستعد لجولة جديدة من فرض القانون، ومحاسبة جريمة مخمور البشعة التي ارتكبتها العصابات الكردية، تجاه القوات الاتحادية، وجريمة التمثيل بجثث القتلى، وأسر عدد من الجنود الذي اخذوا على حين غرة، لكن هذه المباغتة والتي يراد منها غض النظر عن الانتهاك الخطير، والتصعيد المدان داخليًا ودوليًا من قبل عصابات مسعود ضد القوات العراقية التي لا تزال تواجه داعش، ومحاولة لإمتصاص الغضب المتصاعد من هذه الجريمة، فكان البيان بمثابة ذر الرماد في العيون، لا أكثر، فهو لم يأتِ بجديد ابدًا، أنما هو هروب بالأزمة الى الامام، أن لم يكن حصان طروادة، ونصر مؤجل سيمنح فرصة للتنفس ان وافقت بغداد عليه. فما الذي جاء به بيان أربيل، غير تكرارات قديمة ومرفوضة، نعني ما يسمى نتائج الاستفتاء، وهو الذي رفضته بغداد، بعد ساعات من اجراء الاستفتاء المشؤوم، فكيف تقبله الآن، وهي تقف على دكة النصر، ويقف خلفها دعم شعبي واسع، ودولي كبير, كيف يمكن ان تمنح مسعوداً ما رفضت ان تمنحه اياه تحت ضغط شديد وتهديد بحرب واستنزاف، كيف يمنح مسعود الموافقة على التنطع من جديد، والتمرد، وسيكون هذه المرة مصحوبًا بشرعية ضمنية بالاستقلال ان وافقت بغداد على الاستفتاء المُجمد . ان ما جاء به بيان الاقليم لا يحل المشكلة، بل هو انقاذ لاربيل التي تكاد تغرق الآن بصراع داخلي، فعن أي اطلاق نار تتحدث أربيل، وبغداد اصدرت الاوامر لقواتها الاتحادية بعدم الرد على أي استفزازات كردية تقوم بها المليشيات التابعة لمسعود، ثم كيف يريد هذا البيان ان يساوي بين المُعتدي والمُعتدى عليه، ويطالب بتعويم واضح بايقاف فوري لاطلاق النار ؟، كان الاولى أن يتضمن البيان الاعتراف بالمسؤولية الكاملة عما جرى في مخمور، ووعدًا بتقديم المعتدين للقضاء لمحاكمتهم، لا ان يطالب بوقف اطلاق النار، وكأننا أزاء طرفين اعلنا الحرب على بعض!. ثم أن البيان يعد بتجميد لنتائج الاستفتاء، ولا ندري هل يقرأ مسعود وكادره الحزبي البيانات التي صدرت عن بغداد، أو هل يفهم خطابات رئيس الحكومة الواضحة كل الوضوح، أن بغداد لن تتحاور ولن تتفاوض، ولن تتوقف ابدًا عند كلمة تجميد أو ايقاف مؤقت لما جرى. أنما هي بانتظار كلمة واضحة هي ( الغاء) نتائج الاستفتاء، بل الغاؤه تمامًا من القاموس الكردي، والعودة الى الوضع الدستوري الطبيعي، والالتزام بالورقة الأسمى في البلاد، نعني بها الدستور الدائم لعام 2005، والتحاور تحت سقفه في المجلس النيابي المنتخب، وفي الاروقة الشرعية الديمقراطية. نعتقد ان ما جاء ببيان الاقليم رغم كل التهليل والتبريك من قبل الناشطين والتابعين ومحبي مسعود، لا يمثل الحل، ولا يقترب من أسهاـ وهو محاولة واضحة لكسب المزيد من الوقت لا أكثر. واذا كانت اربيل اقتنعت الآن أنها أخطأت فلتمتلك الجرأة الكافية ولتعلن ان الاستفتاء كان خطوة خاطئة، وأنها تلتزم بالقرار الولائي الصادر عن المحكمة الاتحادية، وتنهي الجدل، وتعيد الأمور الى طبيعتها، وبخلاف ذلك يتحمل مسعود تبعات ما جرى وما سيجري في قابل الايام.
*
اضافة التعليق