المفكر الإسلامي المعروف ضياء الشكرجي نادم على تدينه، ويكتب مقالة في ذكرى (تحرره من الدين) !

بغداد- العراق اليوم:

عقد على انعتاقي من وهم الدين

  ضياء الشكرجي

السادس والعشرون من تشرين الأول، هو عيد تحرري من سجن الدين، بعد محكومية قضيتها لثلاثة عقود من عمري، أودعت نفسي أسيرا في سجن الدين طوعا، سعيدا بسجني، كوني كنت أتوهم أني ضيف عند الله في دينه، حتى أنبأني جبريلي من وحي عقلي، إن هذا الذي أقبع فيه ليس بيت الله، بل سجن الدين، الذي نسب إلى الله، وما هو منه. فبمجرد أني وعيت أنه سجن، اقتحمت باب السجن، إلى الرحاب الواسع للعقل، وهناك وجدت الله من جديد، وجدته كما هو، وليس كما رسم الدين صورته، وعلقها على أحد جدران السجن، وقال حيث الصورة، فهي قبلتك للصلاة، فهناك لا غير، هناك حصرا هو الله. لكني وجدته في فضاءات العقل وآفاق الروح، خارج السجن. اليوم تمر الذكرى العاشرة لتحرري من الأسر وانعتاقي من السجن، وخروجي من الوهم. في الواقع ليس السادس والعشرون من تشرين الأول لعام 2007، إلا عيدا رمزيا للذكرى، وللعيد. لأني لم أؤرخ متى تحولت إلى المذهب الظني، الذي كان جسر العبور من الإيمان الديني، إلى الإيمان العقلي، حيث لاهوت التنزيه، تنزيه الله مما نسبت إليه الأديان، كما لم أؤرخ ليوم حسمي لنفي الدين، وإصدار حكم البراءة لله من تهمة تشريع الأديان وإنزال الكتب وإرسال الرسل. مع هذا جعلت ذكرى اعتناق المذهب الظني في الأول من تموز 2007، وذكرى اعتمادي للاهوت التنزيه (الإيمان العقلي اللاديني) في السادس والعشرين من تشرين الثاني 2007، مستندا في ذلك إلى مقالتين، تؤشر إحداهما على الانتقالة الأولى، والثانية على الانتقالة الثانية. إذ وجدت تاريخ المقالة الأولى في01/07/2007، وتاريخ المقالة الثانية في 26/10/2007. والثانية لم تكن مقالة بقدر ما كانت خاطرة، جعلت عنوانها «وانتصر الفنان فيَّ على الراهب»، حيث كتبت:

ثم انتصر الفنان على الراهب

كان ثمة صراع بينهما

بين أنا الفنان .. وأنا الراهب

صراع ساحته تلك الكينونة الكامنة

في ثنايا دواخلي

صراع بين الفنان المتمرد فيّ

وبين الراهب الناسك فيّ كذلك

رغم شدته وحِدّته

لم يكن الصراع بينهما عنيفا

إذ كلما انتفض عنصر التمرد في الفنان

حالت إنسانيته بينه والعنف

وكلما تصاعد حنق المتدين

عبر تفاعل عنصر التزمت فيه

ردعه عن العنف خوف الله

وهكذا كان الرفق الميزة في الصراع بينهما

رغم عنفوانه

والصراع هذا بينهما

لم يتمدد كثيرا عبر مسافات الزمن

فهو لم يتجاوز إلا لحظة

من اللحظات الواقعة

على خط الزمن الممتد

مقدار تلك اللحظة الزمنية

كان ليس إلا نصف العمر*

ثلاثين عاما لا غير

معها خمسة أشهر

وبضعة أيام

من شباط التحول الأول

عام ثلاثة وستين من قرننا المنصرم

حتى تموز الانعطافة الأخيرة

في العام السابع من ألفيتنا الجديدة

وأخيرا انسحب الراهب فيّ

لصالح الفنان

وبذلك انتصر الإبداع

على التقليد

وانهزم النص

أمام العقل

عندها انتصر الحب

على الفقه

لأن الإيمان كان هو الذي قد انتصر

على الدين

وانتصر الله

على كل ما نسب إليه من ظلم وجهل

انتصر الله

على كل ما يتخذ باسمه موقع التنافر معه

فيكون عامل تنفير منه سبحانه

لا عامل جذب

انتصر الإيمان على الدين

لأنه نزهه سبحانه

عن كل ما نسب إليه الدين

وانتصر العقل على النص

لأن العقل لا الدين

هو الذي يتقن تهجي تسبيحه

حق تسبيحه

وانتصر الحب على الفقه

بعدما كان الفقه قد أفرغ الحياة

من معاني الحب

والجمال

فوجّه الحياة

إلى حيث قطب التنافر والتباعد عن الله

وانتصر الجوهر على الشكل

لأن الأشكال مهما تجملت

فقدت جمالها

عندما انتزع منها

جوهر الجمال

26/10/2007

*: وقتها كان عمري 63 سنة

 

وكنت قد نشرت قبل سنة ونصف على موقعي الشخصي فقط (نسماء) مقالتي «أهنئ نفسي بالذكرى العاشرة لاستقالتي من حزب الدعوة» والذي كان في 3/5/2006، فانفكاكاتي الثلاث تمثل تواريخ مهمة في حياتي، ألا هي انفكاكي من حزب الدعوة، وإعلان انفكاكي من إدارة دار الهدى في هامبورغ، وإعلان انفكاكي من توكلي عن أحد كبار مراجع الدين، ثم انعتاقي من الإسلام). وبعد ما يقارب العشر سنوات، أي قبل حلول الذكرى العاشرة، وذلك في مطلع آب من هذه السنة كتبت:

أبدا لم أعد أحب الحجاب

لكني أبدا لا أسمح لنفسي

أن أكره المحجبات

وإني لأحترم منهن العاقلات

وأحب منهن الطيبات

أبدا لم أعد أحب التدين

لكني أبدا لا أسمح لنفسي

أن أكره المتدينين

وإني لأحترم منهم العقلاء

وأحب منهم الطيبين

أبدا لم أعد أحب الدين

أيَّ دين

لكني أبدا لا أسمح لنفسي

أن أكره أتباع الدين

أيِّ دين

وإني لأحترم منهم العقلاء

وأحب منهم الطيبين

وأبدا مطلقا لم أعد أطيق الإسلام

لكني أبدا أبدا لا أسمح لنفسي

أن أكره المسلمين

وإني لأحترم منهم العقلاء

وأحب منهم الطيبين

إني لا أحب الدين لأني أحب الله

إني لا أحب الدين لأني أحب الإنسان

إني لا أحب الدين لأني أحب الحرية

إني لا أحب الدين لأني أحب العدل

إني لا أحب الدين لأني أحب المساوة

إني لا أحب الدين لأني أحب السلام

إني لا أحب الدين لأني أحترم العقل

ومع إني لا أحب الدين

أدافع عن حرية المؤمنين بالدين

أيِّ دين

كما أدافع عن حريتي

وحرية الملحدين و(المرتدين)

ومع إني أبدا لم أعد أحب الدين

فإني لأحب جدا الإيمان

لكني أبدا لا مشكلة لي

مع غير المؤمنين

وإني لأحترم منهم العقلاء

وأحب منهم الطيبين

لا أقول إني لا أحب الإلحاد

ولا أقول أحب الإلحاد

لكني أبدا لا مشكلة لي

مع الإلحاد

لا ولا مع الملحدين

وإني لأحترم منهم العقلاء

وأحب منهم الطيبين

إني لأحترم كل العقلاء

وأحب كل الطيبين

إني أحب الله

أحب الله

أحب الله

أحب الإنسان

أحب الجمال

أحب الإبداع

أحب العدل

أحب السلام

أحب الله

أحب الإنسان

أحب السلام

ملاحظة أخيرة: أعلم إن في وطننا المُتعَب القضايا الكثيرة، ومنها الساخنة،

التي تتطلب من أمثالي أن يكتبوا فيها، ولذا أعتذر لمن ينتظر مني مقالة في

تلك القضايا، إذ نشرت مقالتي هذه، ربما في غير وقتها المناسب، إلا أنها

الذكرى السنوية العاشرة لحدث مهم في حياتي، هي التي فرضت عليّ توقيت النشر، ولأهمية الموضوع عندي، وللقارئة العزيزة والقارئ العزيز حرية ألا يقرأوا ما لا يحبان قراءته.

علق هنا