متابعة- العراق اليوم:
نشر القائد الشيوعي الكردي البارز، والوزير السابق لدورتين في حكومة اقليم كردستان حيدر الشيخ علي مقالة مهمة في جريدة (طريق الشعب)، ينتقد فيها بشدة الأخطاء التي ارتكبتها القيادة الكردستانية بإجرائها استفتاء الإستقلال دون تقدير الظروف الداخلية والخارجية، فكانت النتائج كارثية، لا يستحقها الشعب الكردي المبتلى . (والعراق اليوم) ينشر المقال نقلاً عن جريدة( طريق الشعب) لأهميته :
من يزرع الريح يحصد العاصفة / حيدر شيخ علي
لم يكن قدرا هذا الذي حدث، هو سوء تقدير، هي قراءة غير واقعية وبعيدة عن الحكمة للاوضاع، واخطر من مغامرة، اذ ان نتيجتها للبعض كانت معروفة سلفا ، انه العبث بمصير الشعب الكوردستاني ، و مغامرة بمكتسبات الاقليم. لا يستحق الشعب الكوردستاني هذا الانكسار المر. الشعب الذي كافح وناضل وقدم الكثير وضحى بالكثير من اجل حياة حرة كريمة بعيدة عن الاستعباد والذل في مواجهة شتى انواع الظلم والتسلط. وعانى من ويلات الحروب وتداعياتها، والحصارات وقسوتها, وقد مر عليه الكثير الكثير من مختلف المآسي ، وجربت عليه ابشع الاسلحة. بما فيه الاسلحة الكيمياوية والابادة الجماعية .
بصراحة شديدة، ان ازمة الاستفتاء كان يمكن تجنبها، لو ان القيادة السياسية الكوردستانية كانت قد أصغت الى الآراء المخلصة التى قدمت لها من اوساط سياسية، دولية وداخلية، رسمية وغير رسمية واسعة. ولكن للأسف، القيادة السياسية الكوردستانية لم تأخذ بنظر الاعتبار تلك المناشدات ، كانت مواقفها وتوجهاتها مغلقة امام اي رأي مهما بدا الحرص على مستقبل الشعب الكوردستاني وتضحياته الجسام. واذ لا يتسع المجال هنا لذكر المبادرات التي قدمت لهم كبديل عن الاستفتاء، ولا يمكن احصاء المناشدات الحريصة التي طالبت بتأجيلها، توقعنا من قيادة خَبرت الازمات، وعاشت الويلات وقدمت التضحيات، ان تتحسب للتداعيات، وتأملنا الى آخر يوم ان تأخذ كل ذلك بنظر الاعتبار، لكن للاسف مضت لما تريد، ولم تسمع إلا صوتها، حتى غابت لغة الحكمة .
كنا نمني النفس ان نشهد من لدن اطراف اللجنة العليا للاستفتاء ان تأخذ كل هذا بنظر الاعتبار، وبعكس ذلك شاهدنا منهم هرولة مخلة لا مبرر لها، حيث طغت العواطف على الحكمة
لا اناقش هنا، حق تقرير المصير كحق لا جدال حوله، سواء تضمنه الدستور العراقي ام لم يتضمنه ، فقوانين الامم المتحدة اقرته للشعوب، كبيرة كانت ام صغيرة، حق معترف لكل شعب سواء كان يعيش تحت الاحتلال او لم يكن محتلاً، النقاش يدور حول الظروف الملموسة لتطبيقه والمستلزمات الضرورية المطلوبة لذلك ، وهذا ما غاب عن ذهن القيادات السياسية الكوردستانية.
الشعب الكوردي الصابر لا يستحق الانكسار مهما ناكده التاريخ والجغرافية، اذ لم يمر عقد من الزمن دون ان تعصف به ازمة كارثية،. كل هذا في الوقت الذي ينبغي المحافظة عليه كامكانيات ايجابية ، بددتها اللجنة العليا للاستفتاء هباءً، وهي بهذا تتحمل المسؤولية الاساسية في صناعة الازمة والفشل في ادارتها.
في الوقت الذي اجزم ان هذه الازمة، مهما كانت صادمة ومؤلمة وخلقت تداعيات كان يمكن تجنبها ، فأن الشعب الكردستاني سيخرج منها معافى، وسينهض مرة اخرى، مرفوع الرأس وعالي الجبين.
*
اضافة التعليق