بغداد- العراق اليوم:
كعادته لم يجد البرزاني وجوقه الملحق به، تبريرًا لهروبهم الجماعي امام القوات العراقية، وانسحابهم من كركوك، سوى القاء تهمة الخيانة على شركائه السياسيين في الاقليم، حيث بادرت قيادات في البارتي ( حزب مسعود) الى اتهام حزب الاتحاد الوطني بالخيانة وتسليم كركوك للقوات العراقية .
الامر الذي رأه قادة ميدانيون وسياسيون أكراد من الاتحاد الوطني بأنه مجرد مزايدة لا اكثر، وتبرير للفشل الذريع الذي مني به مشروع التمرد اللامسؤول الذي يقوده مسعود والذي كاد ان يوقع كارثة الكوارث في الاقليم ومكتسباته التي حصل عليها جراء شراكته البناءة مع بغداد.
حيث قال القيادي في الاتحاد الوطني نصر الله السورجي، أن "هذه الأصوات التي تتهم الاتحاد بالخيانة تحاول خلط الاوراق، وما تم هو اتفاق قانوني ورسمي جرى بين القوات الحكومية والبيشمركة التي هي جزء من القوات المسلحة، لغرض تسلم مواقع ونقاط مشتركة في كركوك".
ولم تتأخر قيادة الاتحاد الوطني بالرد على تخرصات برزاني وحزبه، واتهاماته المجافية للحقيقة، حيث أصدرت عقيلة الرئيس الراحل جلال طالباني، السيدة هيرو خان بيانًا شديد اللهجة ضد مسعود، متهمةً اياه بالخيانة.
وقالت هيرو ابراهيم وفقًا لبيان ورد لـ " العراق اليوم "، " الآن نرى ونسمع هنا وهناك بعض الإعلام المغرض التابع للاطراف التي هي صاحبة صياغة هذه المؤامرة والمخطط، تكيل الاتهامات للإبطال الذين يدافعون ليل نهار عن مدينة كركوك، وتعمل على افشال مخطط الاعداء، ومن الواضح ان مثل هذه القنوات الاعلامية تخدم اعداء الكرد وكردستان ووحدة صف شعبنا".
وشهدت محافظة كركوك تطورات متسارعة اليوم، حيث أعلنت القوات العراقية سيطرتها على مطار كركوك العسكري وقاعدة كي1 العسكرية وحقول نفطية ومناطق أخرى، بعد ساعات من بدء عملية عسكرية سمتها بغداد "عملية فرض الأمن في كركوك".
فيما نقلت مصادر من كركوك أن الساعات الأولى من تنفيذ اتفاق خطة فرض الامن في كركوك، شهدت انهيار بيشمركة برزاني التي حاولت ان تخلط الاوراق، وان تشعل نار الفتنة، لتستغل هذه الثغرة للنفاذ الى داخل كركوك، الا ان حكمة قيادة الاتحاد الوطني، ورعاية طرف ضامن للاتفاق الذي تم مع بغداد افشل هذا المخطط.
وبحسب تلك المصادر، فأن " مليشيات برزاني حاولت التعرض للقوات المنسحبة من بيشمركة الاتحاد، أو للقوات المتوغلة من جهاز مكافحة الارهاب والجهات الساندة له، الا أنها اصطدمت برد قاس، أجبرها على الهرب دون مقاومة تذكر، حيث اضطر ذلك كوسرت رسول الى ان يهرب هو والقوة التي استقدمها من اربيل لقتال الجيش العراقي والقوات النظامية ".
وفي محاولة لتظليل الرأي العام، قال رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارزاني في مجلس النواب، عرفات كرم ،ان ما حصل في تطورات واحداث عسكرية في محافظة كركوك، "مؤامرة دبرت بليل"، فيما طالب المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الشعب الكردي.
وادعى عرفات في تصريح متلفز تابعته (العراق اليوم) ان "هنالك شرذمة من الاتحاد الوطني نشأت في اوربا، وترعرعت على النستلة والبسكويت ولم تعش حياة الجبال، هؤلاء هم من انسحب امام القوات العراقية، وهذا امر دبر بليل"، مناشدًا "المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الشعب الكردي".
وزعم عرفات ان "رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، تنصل عن اتفاقيته ووعوده بحماية الشعب الكردي وجميع المكونات العراقية".
وتعليقًا على الانهيار السريع لمليشيات مسعود برزاني، قال الجنرال العراقي الدكتور وفيق السامرائي، في حديث تابعه ( العراق اليوم ) ان " أسباب هزيمة ميليشيا مسعود: الضعف الشديد في الانفتاح التعبوي والتبعثر وانعزال المواقع، وانهيار الجانب المعنوي، واختفاء القادة وعدم حضورهم الميداني، وعدم عدالة القضية، وتجارب الناس المريرة مع استبداد سلطة بارزاني، وخشية الوقوع تحت سلطة القانون باعتبار تصرفهم عصياناً مسلحاً وحرباً على الدولة، وعدم رغبة بيشمرگة السليمانية في القتال، والتفوق العراقي الساحق، ودقة الخطط العراقية بالمناورة نحو أهداف مهمة عملياتياً واقتصادياً خارج المناطق السكانية، تمهيدا لخطوات لاحقة، وتمت السيطرة على معظمها.
واضاف ان " ارسال تعزيزات عسكرية من اربيل الى كركوك اليوم يثبت سوء وضعهم الحالي، وسوء تقديراتهم السابقة، وضحالة معلوماتهم، ووقوعهم تحت تأثير خطط المخادعة، وعدم التقدير السليم لدرجة ولاء مسلحيهم لقيادة بارزاني، ونتيجة التفكك السياسي، والتفاوت الشاسع في القدرات. لافتاً الى ان " الحكومة العراقية مصممة على فرض الارادة الوطنية المسندة دستوريا وقانونيا ودوليا. وستدخل كبرى المدن تدريجيا دون تسرع".
وعما يمكن اتخاذه الان قال السامرائي " الآن، مطلوب أفضل رعاية لعناصر البيشمرگة الذين يرفضون مجابهة القوات الوطنية، سواء التحقوا بالقوات أو تركو، فهؤلاء أخوة غرر بهم. فضلاً عن ضرورة تكثيف العمل السياسي مع الأحزاب الكردية، عدا حزب مسعود.
الجماهير الكردية لم تتفاجأ بقدوم فرسان النصر العراقي من مقاتلي القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي، والتي صفق شبابها للأيادي التي رفعت العلم العراقي في مناطق مختلفة من كركوك، واسقطت صور مسعود الكبيرة المنتشرة في شوارع المحافظة، بل وراح بعضها يهشم، ويمزق بيده هذه الصور، هذه الجماهير طرحت سؤالاً مشروعاً، وهي ترى مقاتلي بيشمركة مسعود يهربون بجلودهم امام (اولاد الملحة ):
اذا كان مقاتلو بيشمركة الإتحاد الوطني خونة كما يقول قادة الحزب البارتي، لماذا أذاً هرب مقاتلو بيشمركة مسعود البارزاني، ولماذا لم يصمدوا في مواقعهم ساعة واحدة؟
إنه سؤال معقول، ومقبول جداً !
*
اضافة التعليق