بغداد- العراق اليوم: عمليًا تخضع محافظة كركوك منذ عام ٢٠٠٣ والى يومنا هذا الى سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يتزعمه الراحل جلال طالباني، حيث يسيطر الاتحاد على الواقع السياسي والامني والأداري، سيطرةً تكاد تكون مطلقة، وتعرف المدينة بولائها للاتحاد ولقيادته، من قبل ان يسقط نظام البعث الصدامي. هذا الامر كان مصدر قلق وازعاج للحزب الديمقراطي بزعامة مسعود، الذي حاول جاهدًا تغيير المعادلة، لكنه اصطدم برفض قاطع لوجوده وإمتدادته القبلية المتخلفة. وبنجاح هذه السطوة وتحولها لامر واقع، كان على مسعود ان يقوض هذا النفوذ ويأتي عليه ان استطاع الى ذلك سبيلًا . اليوم ومع كل الجدل الدائر حول كركوك، والصدامات المحدودة التي وقعت للأسف في قضاء طوزخرماتو التركماني، بين الحشد والبيشمرگة، نجد ان مسعود يقترب من حلمه بتقويض الاوضاع في كركوك، واشعال حرب استنزافية فيها، تؤثر سلباً على الحكومة في المركز، وكذلك على الاتحاد الوطني الذي يدرك قادته الحاليون نوايا برزاني ومخططاته الشريرة، وقد حذرت قيادات مهمة في الاتحاد من خطورة أي نزاع مسلح على مستقبل كركوك، ومستقبل الاتحاد كذلك. لكن وللأسف يبدو ان هناك من يتبع برزاني في هذه المدينة، ويدفع الى الحرب فيها، حتى مع اعلان الحكومة وقوات الحشد رفضها القاطع لأي تماس عسكري واقتتال عربي - كردي . ما يجري الآن، هو مخطط برزاني مشبوه، وهو حلقة من حلقات المؤامرة على القوى المناهضة لمشروع الديكتاتورية البرزانية، ويراد لهذا المخطط ان يمر بكامل تفصيلاته، التي ستعني المزيد من الدم، والمزيد من الخراب، والانقسام، واللا دولة. ان محاولة البرزاني احراق كركوك، انما هو لعبة لغرض ضرب عصفورين بحجر واحد، وهو امر ينبغي معالجته بروية، وتجنيب المنطقة، لا سيما وانها خرجت للتو من معركة شرسة مع الدواعش. ان على بغداد، تلقف الاشارات الجيدة التي اطلقتها قيادة الاتحاد، والعمل على جعل كركوك بعيدة كل البعد عن الصراع المسلح، فهذه المدينة، كما يقال عبارة عن برميل متفجرات بامكانه احراق العراق بالكامل في حال لعبت به اطراف لا يهمها سوى ان تبقى في الصدارة، حتى ولو كلفها ذلك العراق برمته.
*
اضافة التعليق