برهم صالح يبارز البارزاني بنفس سلاحه، وميدانه، فمن منهما سيغلب في هذا النزال الخطير؟

بغداد- العراق اليوم:

بالتوازي مع زخم الاستفتاء، تشهد الساحة الكردية زخما آخر مرتبطا بالتحضيرات للانتخابات الرئاسية والتشريعية. وأحدث هذه التطورات تشكيل السياسي الكردي برهم صالح حزباً سيواجه به البارزاني في انتخابات منصب رئيس الإقليم المزمع إجراؤها شهر نوفمبر القادم، ويهدف إلى تثبيت “الحكم الرشيد وتداول السلطة عبر انتخابات نزيهة”.

ونقل هونر حمه رشيد، الصحافي في موقع نقاش، عن مقربين من برهم صالح أنه يريد تغيير المعادلة السياسية عبر تشكيل جبهة واسعة والتحالف في مقابل الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وبالتالي تشكيل أغلبية برلمانية تمكنه من اعتلاء السلطة، لذلك أعلن عن خبر قائمته الانتخابية من أربيل.

وأعلن صالح، ليلة الاثنين الماضي الثاني من أكتوبر وعبر رسالة مصورة، قائمة جديدة لخوض الانتخابات التشريعية الجديدة تحت مسمى التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة في خطوة قد تحرك المياه السياسية الراكدة في كردستان. ومع أن لدى برهم صالح في كردستان مؤيدين ومعارضين كثرا، إلا أن الجبهتين تشهدان بأنه قلما تمكّن سياسي من أن يكون لاعباً ماهراً وبارزاً على المستوى الجماهيري وفي الحزب والحكومة مثله.

كان برهم صالح عضواً في الاتحاد الوطني الذي يعتبر أحد أبرز الأحزاب، نائبا لجلال الطالباني منذ سنوات طويلة، حتى أن أصدقاءه يقولون إنه لا يوجد شخص بعد الطالباني بين الأكراد يملك شبكة واسعة من العلاقات الدبلوماسية العراقية والعالمية بقدر ما يملكه برهم صالح.

أما على مستوى الحكم فقد كان رئيسا لحكومة إقليم كردستان لمدة خمسة أعوام، ثلاثة منها في منطقة نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني والعامان الآخران في حكومة كردستان الموحدة، كما وصل في بغداد إلى أعلى المناصب من حصة الأكراد، إذ شغل لفترة من الزمن منصب نائب نوري المالكي رئيس الوزراء السابق وفي فترة أخرى كان وزيرا للتخطيط. ويبدو أن برهم صالح قد فهم المعادلات جيدا، فهو يرمي بهذه الورقة في وقت يعلم أنه لم يبق في منطقته (زون السليمانية) زعيم بارز ومؤثر ولا سيما بعد وفاة الطالباني ونوشيروان مصطفى المنسق العام لحركة التغيير، إذ خلّفا فراغا كبيرا في المنطقة.

وتشي التحركات الأخيرة بأن برهم صالح الذي يعرف نفسه دائما بتلميذ الطالباني يريد الآن أن يخلف موقع الطالباني خارج حزبه، إلا أن مناوئيه يقولون إنه يحمل حجرا كبيرا ليس من السهل رميه، فصالح لم يفهم المعادلات كما فهمها الطالباني ولا يتحلى بالجرأة في اتخاذ القرارات مثله.

مواجهة حامية

في خضم هذا الجدل والقراءات المختلفة، فإن برهم صالح كشف المستور بخطابه وحسم الأمر في أنه ستكون له قائمة خلال الانتخابات المقبلة لبرلمان كردستان والتي من المقرر إجراؤها في نوفمبر من هذا العام. وحسب ما قاله برهم صالح يبدو أن الأمر ليس مجرد قائمة، بل إنه تحالف يريد أن تجتمع تحت ظله جميع القوى خارج الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، وستواجه خطوته الأولى الحزبين أيضا إذ قال بوضوح إنه يريد تغيير نظام الحكم.

وكاستعداد لإعلان قائمته استقال برهم صالح من منصب نائب الأمين العام للاتحاد الوطني منذ أسابيع، وقال سليمان عبدالله يونس مسؤول العلاقات والمخول باسم الكيان السياسي لبرهم صالح “نريد أن نجمع الشخصيات والأطراف السياسية تحت مظلة واحدة”.

وأضاف “بعد خروجه من الاتحاد الوطني بدأ برهم صالح بمرحلتين، المرحلة الأولى تخص احتمال إجراء الانتخابات في إقليم كردستان، أما المرحلة الثانية فهي لاحتمال عدم إجراء الانتخابات”.

وحول الاحتمال الأول قال يونس “بدأت مناقشات مركزة من أجل جمع أحزاب وشخصيات حول التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة للمشاركة في الانتخابات القادمة كقائمة كبيرة”. وتحدث سليمان عبدالله يونس عن المرحلة الثانية لعمل برهم صالح والتي تخص احتمال عدم إجراء الانتخابات وكشف أنه إذا لم تجر الانتخابات فإنهم سيستمرون في نشاطهم التنظيمي؛ بمعنى أنه سينشئ حزبا سياسيا إذا لم تجر الانتخابات.

وتفيد المعلومات التي نقلها موقع نقاش عن مصادر وصفها بالمطلعة والقريبة من برهم صالح بأنه بدأ محادثات مباشرة مع شخصيات علمانية وإسلامية بارزة في كردستان وأن بعضها وافقت على العمل معه من أمثال محمد رؤوف، العضو السابق في المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي، وآرام قادر العضو السابق للمكتب الإسلامي للجماعة الإسلامية.

وأكد محمد رؤوف هذه المعلومات قائلا “تم إجراء محادثات وستستمر من أجل إنشاء تحالف كبير”. وأضاف “نعمل في المجال السياسي والاقتصادي والإصلاحي والعدالة الاجتماعية وليس العمل فقط لإنشاء حزب أو قائمة معينة”.

وأكثر من ذلك فإن برهم صالح يريد أن يقنع حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية بالعمل معا ضمن تحالف واحد وفي سبيل ذلك أجرى محادثات مع الأطراف الثلاثة، بالإضافة إلى ذلك يستهدف برهم صالح حزب العمال الكردستاني الذي يملك بعض النشاطات في كردستان.

وأكّد شمال عبدالوفا، الناشط في حركة التغيير، تلك المعلومات مشيرا إلى أن “هناك نية لتشكيل تحالف وقد تمت مناقشة الأمر والمحادثات مستمرة”. وقال عبدالوفا، وهو وسيط بين برهم صالح وحركة التغيير، “تم اتخاذ خطوات جيدة وهناك تفاهم جيد” ولكنه لم يكشف تفاصيل أكثر.

    الانتقاد الكبير الذي يوجهه معارضو برهم صالح له هو أنه لا يتمتع بشخصية جريئة من الناحية السياسية وأنه يختار الحل الوسط للتخلص من معظم المشكلات.

وقالت خانم رحيم، الناشطة في مجال المرأة ورئيسة إحدى المنظمات المدنية والتي قررت العمل مع برهم صالح، “لقد “أجرينا عدة اجتماعات موسعة في المدن والبلدات لتشكيل إجماع حول قرار دعم تلك القوائم والأحزاب”.

المراهنة على الخارطة السياسية للإقليم

توزعت الخارطة السياسية لإقليم كردستان على خمسة أحزاب رئيسية هي الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية، وهي تشكل الأغلبية في برلمان كردستان.

ولا توجد في كردستان تجارب في تشكيل تحالفات موسعة ولا سيما قبل الانتخابات سوى تجارب الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، وإن وجدت فهي ليست ناجحة ولم تدم طويلا، ولا يعرف إن كان برهم صالح سيتمكن من ذلك خصوصا وأن الأحزاب لم تعطه ردا حاسما.

رئيس الإقليم.. الخطوة الصعبة

الانتقاد الكبير الذي يوجهه معارضو برهم صالح له هو أنه لا يتمتع بشخصية جريئة من الناحية السياسية وأنه يختار الحل الوسط للتخلص من معظم المشكلات، ولكن لا يعرف إن كان هذه المرة سيتقرب إلى منصب رئيس الإقليم. وتفيد المعلومات بأن تحالف برهم صالح وحركة التغيير منشغلان الآن بتحديد مرشحيهما لانتخابات منصب رئيس الإقليم، وما يجمع برهم صالح وحركة التغيير في الموضوع هو وجود مرشح مشترك لمنصب رئيس الإقليم حتى يتمكنوا من المنافسة وضمان المنصب في الانتخابات. وينقل موقع نقاش عن بعض المصادر تأكيدها أنه جرت مناقشة الأمر بين برهم صالح وحركة التغيير وقد توصلا إلى اتفاق مبدئي على شخصية محددة لتكون مرشحا لمنصب رئيس الإقليم. وكشف زمناكو جلال، منسق غرفة الانتخابات لحركة التغيير، أنه سيكون لحركة التغيير مرشح لمنصب رئيس الإقليم سواء أكان منفردا أم بالاشتراك مع الأطراف الأخرى، دون أن يسمي ذلك الشخص.

لم يخف جلال أنه تمت مفاتحة الأطراف في اختيار شخصية قوية كمرشح لمنصب رئيس الإقليم ليتمكن من منافسة المرشحين الآخرين، وبعد نشر رسالة برهم صالح اشتد الحديث من جديد حول ما إذا كان صالح سيخطو نحو منصب رئيس الإقليم ولكن لم يرد على ذلك بنفسه أو عن طريق المقربين منه.

المتفائلون بخطوة برهم صالح يرون أن بإمكانه القيام بعمل جيد ويحدث تغييرا بالنظر إلى قدم “تجربة مختلفة”. وأحد هؤلاء هو الكاتب والمحلل السياسي لطيف فاتح فرج الذي قال “لبرهم صالح تجارب داخل إقليم كردستان وخارجه، فإذا نظرنا إلى تجاربه من المؤكد أن جزءا كبيرا من أعماله كانت ناجحة ولا سيما في مجال الإدارة، ولكن الشرط الأساسي لنجاحه في خطوته الجديدة هو عمله على أربيل ودهوك وعدم التوقف عند السليمانية فقط”.

وفي المقابل يتحدث الذين لا يؤمنون بهذه الخطوة عن أن برهم صالح نشأ تحت عباءة الاتحاد الوطني الكردستاني وكان لسنوات شخصا مسموع الكلام ويتحمل جزءا كبيرا من السلبيات، لذلك لا يمكنه الآن القيام بأمر مختلف.

علق هنا