بغداد- العراق اليوم:
من خلف عدسةً دقيقة، كان ابو تحسين الصالحي، يمضي ساعات وليال طوال وهو بانتظار فرائسه من الدواعش، الذين اذاقهم عبر سلاحه الشهير، الرعب ومرارة الموت، فهذا الرجل لا يخطئ، ولا يعيد رميته ان رمى. هو محترف، لكنه يحجم عن قتل اي داعشي اعزل بتاتاً، فهو من مدرسة تترفع عن الاجهاز على اعزل او قتل جريح، او لائذ بعورته، فيما احفاد ابن العاص لا يتوانون عن فعل كل هذه الموبقات والجرائم دون حياء.
ابو تحسين يسأل عن سبب عدم استهداف الدواعش الذين لا يحملون سلاحًا، فيجيب انه لا يقتل الا محاربًا، ولا يقبل ان يصيب من يهرب من المواجهة، اذن فأن لرجل قواعد اشتباك نظيفة يرفض ان يخونها.
ابو تحسين بلحيته المختلطة بالبياض، وببزته العسكرية المميزة، وبقوامه الممشوق، وبقسمات وجهه الذي يجمع بين الشدة والبأس، والحنو والرقة من جهة اخرى، كان رجلًا خبر الحروب كلها منذ حرب تشرين ودفاع القوات العراقية عن دمشق امام الغزو الاسرائيلي الغاشم، وصولًا الى تطوعه في صفوف لواء علي الاكبر التابع للمرجعية الشريفة، حيث كان العم ابو تحسين من اوائل المقاتلين، ومن اكفأ الرماة الذين كانت فوهات قناصاتهم لا تخطئ عدو، وكان رصاصهم لحظة حسم لمواقف، وفاصلة بين معركة واخرى.
الرجل الذي كان يردي الدواعش ممن يواجهون قواتنا صرعى، لم يك يأبه لوقع الموت عليه، اليس هو جندياً في لواء يقوده علي الاكبر.
سطر " القناص" ابو تحسين سيرة مقاتل شرس، وشجاع تمكن من ان يجندل المئات من الدواعش، ولم يك بباله ان يجزى على ذلك . ذات مرة سأله صحفي : متى ستنتهي يا ابو تحسين من عملك هذا؟، فرد ببساطة، حالما ينتهي الجهاد ساجمع " اغراضي" واعود الى بيتي وحياتي المدنية، فانا هنا البي نداءاً للجهاد ليس الا، ولا انتظر شيئاً سوى ان يكون عملي وفق التكليف الشرعي.
لكن يبدو ان مهمة ابو تحسين حتى مع اقترابها من لحظاتها النهائية ، واقتراب لحظة الخلاص من داعش، لم تنه بعد. فالرجل الذي بدأ باحثًا عن الشهادة، بحثت هي عنه في الختام لتناله وقد سجل برصاصه الثاقب اسطورةً عراقية اخرى.
لقد استشهد العم ابو تحسين الصالحي في معركة تحرير الحويجة، وهو في غمرة حزنه على سيده ومولاه الحسين واله وصحبه، فأبى الحسين الا ان يلحقه به شهيدْا محتسبًا.
انتهت سيرة رجل شجاع الى هذه النهاية، ليترك سيرته وسام فخر لكل من عرفه، ولكل من تشرف ان يجاهد معه في ذات الفصيل المبارك. فنم قرير العين يا عين الصقر فلقد حفظت عيونك الوطن، وحفظت روحك ودمك ابناءه .
*
اضافة التعليق