بغداد- العراق اليوم:
اتت خطبة المرجعية العليا في النجف الاشرف، الجمعة، لتضع الامور في نصابها، واسقطت المراهنات على انها ستدعو للاعتراف بما جرى كامر واقع، فقد جاء بيان المرجعية عبر وكيلها العام احمد الصافي واضحًا دعت خلاله للعدول عن كل الممارسات الخاطئة والعودة الى احترام الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية، في اشارة واضحة الى ان ما جرى في ٢٥ايلول باطل، ولا يحمل اي صفة قانونية او شرعية.
وقالت المرجعية، ان " على الساسة الكرد احترام الدستور نصً وروحًا وترك ما يثير الفتن ويسبب الاضطراب، كما حذرت من مغبة الخطوات التقسيمية على حياة المواطنين الاكراد قبل غيرهم".
المرجعية اشارت بوضوح الى رفضها اي مساومة على موضوع وحدة العراق وعدم خضوعها لأي امر يفرض كأنه واقع، كما لم يغب عن المرجعية وهي التي عرفت بدورها الابوي المطالبة بعدم شمول المواطن الكردي البسيط بأية اجراءات عقابية او رداعة ضد منظمي الاستفتاء المشؤوم.
وقبل ان يجف حبر هذه الكلمات المباركة وجدت صداها في الشارع الذي رحب وتفاعل، فيما كان الوسط السياسي العراقي قد ايقن ان لا منافذ لبرزاني وحزبه وجماعته من الداخل، اللهم سوى جحوش مسعود، وبعض الساسة الذين يريدون ان يدفعوا بالامور الى الصدام.
لكن المفاجئ هو مبادرة الدكتور اياد علاوي الذي دعا الى تجميد الاستفتاء لمدة عامين، ومن ثم البدء بمفاوضات الامر الذي رأته نخب سياسية واعلامية انه طوق نجاة ومحاولة مفضوحة لشرعنة استفتاء باطل ومزور جملةً وتفصيلًا، محذرين من سماع مثل هذه المبادرات التي تضرب الدستور عرض الحائط.
وكان علاوي قال في بيان تلقاه ( العراق اليوم ) ، " بعد ان اطلقنا مبادرة لحل الازمة التي تعصف بالبلاد، أرسلت رسالة الى الاخ حيدر العبادي والاخ مسعود البرزاني باستثمار هذا التطور بالانتقال الى صفحة عملية اخرى من خلال فتح باب الحوار دون شروط مسبقة لاي طرف وان يكون سقف الحوار هو دستور جمهورية العراق.
ورأى سياسيون ان " اشتراط علاوي المفاوضات بلا شروط مسبقة، انما هو انتصار لبرزاني على بغداد، فبرزاني هو من انتهك الدستور وضرب الدستور عرض الحائط واهان المحكمة الدستورية العليا التي افتت بعدم جواز تنظيم الاستفتاء، فكيف يمكن جمع هذا المتمرد على الدولة والقضاء مع رئيس حكومة شرعي يريد تطبيق القانون".
واضافوا " ان هذه المبادرة ولدت ميتة حتى وان عاد علاوي واكد ان مسعود ( سعيد) بالمبادرة ورضي بها، وينتظر رد العبادي، فمن المؤكد ان السيد العبادي غير مسعود ولا سعيد ان يتفاوض مع منتهك للدستور وخارق للقوانين، واذا ما اراد ان يبحث عن مخرج للمأزق الذي وضع نفسه فيه، فليس امامه سوى حل وحيد وهو الغاء الاستفتاء وانفاذ الدستور على كافة اراضي الاقليم والعودة لتطبيع الاوضاع". وفي الختام نود الإشارة الى ان مبادرة علاوي ليست بعيدة عن علاقة علاوي الشخصية بمسعود البرزاني، فالرجلان اصدقاء وشركاء، والموقف يتطلب ان ينقذ الصديق صديقه من المأزق الذي هو فيه، فضلاً عن ان هذه المبادرة غير البريئة، تأتي بمثابة استجابة للرغبة (السرية) لحكام السعودية، و(العلنية) لحكام الإمارات، بإعتبار ان (جيب) علاوي (سعودي) مئة في المئة، وهذا أمر ليس وليد اليوم، إنما هو معروف منذ ثلاثين عاماً وأكثر.
واعتقد ان الكثير من العراقيين وغير العراقيين باتوا يعرفون ان السعودية تتمنى سراً بل وتحلم بتقسيم العراق، اما الامارات فلا تخفي رغبتها بالتقسيم، وبأمكان اي متابع للأعلام الاماراتي اليوم ان يدرك حجم حملة التطبيل والتزمير لمشروع مسعود التقسيمي في جميع وسائل الإعلام الأماراتي. وفي ذات الوقت فأننا نعي جيداً ان علاوي لن يتأخر في التصدي لأي موضوع يخص علاقته بالسعودية. وقد راينا كيف وقف علناً وبشراسة ضد طارق الهاشمي، حين دافع الهاشمي عن قطر منتقداً الموقف السعودي، فكانت معركة اعلامية بين علاوي والهاشمي بسبب موقفيهما من الخلاف السعودي القطري.
اذاً فإن مبادرة علاوي مدفوعة الثمن، وهي لا تمثل اكثر من كلمة حق تدافع عن باطل.. وأي باطل حين يتعلق بوحدة العراق، ودماء العراقيين ؟!
*
اضافة التعليق