بغداد- العراق اليوم:
نشرت مجلة “أتلانتك” الأمريكية تقريرا موسعاً سلطت فيه الضوء على القرار الذي اتخذته السعودية مؤخرا بشأن السماح للمرأة بقيادة السيارة، ليكون الأحدث ضمن سلسلة الإجراءات التي تتخذها ضمن “رؤية 2030” التي أعلنت العام الماضي.
وتحت عنوان “هل تتغير السعودية حقا؟” قالت المجلة في تقرير، إن رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، تافه بالنسبة إلى بقية العالم، ولكن بالنسبة للمملكة فإن التغيير الاقتصادي مع تراجع أسعار النفط بجانب المشاكل الدبلوماسية في اليمن ومع قطر، قد يبشر بالتحول الوطني، أو قد يكون القشة التي تقصم ظهر البعير.
وفيما يلي نص التقرير:
إعلان السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارة أمر غير عادي سواء من الناحيتين الاجتماعية والسياسية، كما أن هناك بعدا اقتصاديا هاما، ففي الوقت الحاضر، هناك ما يقدر بنحو مليون أجنبي، معظمهم من جنوب آسيا والفلبين، يعملون سائقين في السعودية، والآن، لن يكون هناك حاجة إلى الكثيرين منهم.
في الماضي عارض رجال الدين السماح للمرأة بالقيادة، وقال أحدهم الأسبوع الماضي، حظر قيادة المرأة للسيارة يجب أن يظل قائما، المرأة ليس لديه عقل مثل الرجل، وهو ما أثار ضجة كبيرة في المملكة التي سارعت بمنعه من الخطابة.
المجتمع السعودي يحترم رجال الدين بشدة، ولكن كل هذا قد يتغير، قرار رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة صدر باسم الملك سلمان لكن من الواضح أن نجله ولي العهد هو من يقف وراءه، فالرجل البالغ من العمر 32 عاما، يحاول بناء اقتصاد بعيد عن النفط ورؤيته لـ 2030، هي الخطة الكبرى التي أعلن عنها العام الماضي تتصور وجود اقتصاد ذو قاعدة صناعية أوسع أقل ارتباطا بالنفط، ولديه وجهة نظر أقل تحفظا من العادات الاجتماعية.
وسمحت السلطات للمرأة بالاحتفال بيوم استقلال المملكة في ملعب رياضي هذا الأسبوع، وجزء من خطته الاقتصادية ينطوي على تطوير المنتجعات السياحية على طول ساحل البحر الأحمر، وسيتم بناء المرافق طبقا لـ “المعايير الدولية”، وهو مصطلح يفسر على نطاق واسع أنه يسمح ليس فقط باختلاط الجنسين، ولكن أيضا البكيني وربما الكحول.
“التغيير” كلمة تستخدم بحذر في المملكة، وفي الماضي كان أي تلميح للتقدم يتم تغطية بكلمة “الإصلاح”، السماح للمرأة بقيادة السيارة كسر واضح لهذه العادات، وهو ما يثير تساؤل هل السياسة الجديدة سوف تنجح؟.
منع المرأة من قيادة السيارة لم يكن مطبقا 100%، ففي المناطق الريفية بالمملكة كانت النساء يقدن السيارة ضمن عملهن في رعاية الحيوانات، وأداء الأعمال الزراعية الأخرى، وفي المدن، سمح للعديد من النساء الأجنبيات بالقياد.
السؤال المطروح الآن هل ستنفذ العائلة الحاكمة قرارها؟، النساء السعوديات أمامهن عدة أشهر قبل البدء بالفعل في القيادة بشكل قانوني، حيث سيكون عليهن التقدم بطلب للحصول على رخصة، ثم يفترض حصولهن على دروس قيادة، وربما يحتاجون إلى شرطة مرور نسائية أيضا.
وهل تحتاج النساء إلى إذن من وليها للحصول على ترخيص؟، قال السفير السعودي في واشنطن الأمير “خالد بن سلمان” إنهم لن يفعلوا ذلك، وهل سيسمح للنساء أن يقدن مع رجل غريب في نفس السيارة؟ وغيرها من التفاصيل سوف تكشف عنها الأيام القادمة.
وفي المجال الاجتماعي، يقلل هذا الإجراء من سلطة رجال الدين المحافظين، كما يضعف الهيكل الاجتماعي التقليدي الذي يعتبر رب الأسرة هو الحاكم.
الخطة التي يسعى ولي العهد لتطبيقها جرأة إلى حد خطير، ففي بداية توليه منصبه كوزير للدفاع عام 2015، شن حربا في اليمن، وبعد بضعة أشهر، أصبح وليا للعهد، وأعلن عن رؤية 2030 وهي خطة التحول الوطني، بجانب إشتعال الأزمة مع قطر.
ومع ذلك، فإن اليمن حتى الآن مستنقع، والخطة الوطنية يجري إدخال بعض التعديلات عليها، و الأزمة مع قطر في طريق مسدود، وفي ظل هذه الظروف، ما هي فرص نجاح مبادرة قيادة النساء للسيارة؟
في الماضي، كانت المملكة توصف بأنها تحالف بين آل سعود والمؤسسة الدينية الوهابية، ويعود تحالفهم إلى عام 1745 عندما قام زعيم القبائل محمد بن سعود بالتحالف مع الداعية “محمد بن عبد الوهاب”، وقرر الجمع بين براعة القتال والحماس الديني لضم القبائل العربية.
ولكن تأثير رجال الدين تضاءل على مر السنين، ولكن الأسرة الحاكمة لا تزال تعرف دورهم القوي في مكة المكرمة، والمدينة المنورة وهو أكثر أهمية بكثير من قيادة العالم العربي، أو كون الملكة مصدرا رئيسيا للنفط، لذلك تعطي المملكة اهتمام كبير لتنظيم موسم الحج لكي يمر بسلاسة كبيرة.
رجال الدين المتضررون لم يكونوا بمنأى عن العقوبات الرسمية عندما تم اعتقال عدة أشخاص في وقت سابق من هذا الشهر لكونهم أقل تأييدا للأزمة السياسة مع قطر.
قد يبدو حق المرأة في القيادة تافه بالنسبة إلى بقية العالم، ولكن بالنسبة للمملكة فإن التغيير الاقتصادي المتصاعد مع تراجع أسعار النفط بجانب المشاكل الدبلوماسية في اليمن ومع قطر، قد تبشر بالتحول الوطني، أو قد يكون القشة التي تقصم ظهر البعير.
*
اضافة التعليق