بغداد- العراق اليوم:
لم يطل تضارب الانباء طويلًا حول اطلاق سراح أحمد عبد الله الجبوري محافظ صلاح الدين السابق من قبل القضاء العراقي، حتى أتت الصور لتفصل القول، وتعلن بما لايقبل الشك ان الرجل اصبح خارج الأسوار (الوهمية) التي وضع خلفها ليال معدودات، وهو الذي أُتهم بقضايا قد تكلف أي شخص بسيط عمره كله وراء قبضان غليظة ان تورط بأقل منها .
وأزاء انتشار هذه الصور للرجل المنتصر، وجد القضاء العراقي نفسه في حرج شديد امام الرأي العام الذي لم يصدق ما يجري، فأصدر توضيحًا ليته سكت عنه. وترك الصمت يقتل الحدث على ان يصب زيت التبرير على نيران الاستغراب والاندهاش اللذين يلفان الموقف الشعبي.
فقد أعلن القاضي عبد الستار البيرقدار الناطق الرسمي بأسم مجلس القضاء، أن " اطلاق سراح احمد الجبوري ( ابو مازن) جاء بعد شموله بقرار العفو العام الصادر في العام الماضي بعد تقديم الأخير طلبًا للقضاء !
واضاف " كما ان الجبوري لا يزال مطلوبًا للقضاء بتهم أخرى غير محسومة لغاية الآن".
واذا ما اردنا مناقشة تصريح السيد البيرقدرار، فأننا نود ان نتساءل عن الكيفية التي يتم بها اطلاق سراح مدان بقضايا فساد بهذه السرعة، وهو لا يزال مطلوبًا بحسب البيان بقضايا قد تكون أكبر جرمًا من تلك التي أدين بها ؟
ثم ان اجراءات العفو حتى مع فرض انطباقها على الجبوري، هل يمكن ان تكون بهذه السهولة والسلاسة التي تمت، حتى ان المتهم ظهر من المعتقل المزعوم وقد ارتدى بذلة انيقة، واستقبل بموكب رسمي طويل كما في الصورة، وكأنه عائد من سويسرا، وليس من موقف، أو معتقل !
كما ان الجبوري زاد على هذا برفع أصبعيه بعلامة النصر الشهيرة !
ولا ندري على مَن تحقق هذا النصر، أهو انتصار على القضاء العراقي، الذي أهدرت اليوم مصداقيته للأسف الشديد ؟ ، أم على الشعب الذي أصبح حائرًا ازاء هذا التراخي في الموقف القضائي اللامبرر، وهو يرى أن ثمة احكاماً شديدة تصدر بحق سراق بسطاء، بل ان حكمًا قضائيًا بالسجن 11 عامًا قد صدر بحق صبي سرق حمامة، وقد نفذ الحكم، ولا يزال الصبي خلف القضبان !
فهل يعقل ان يطلق أبو مازن بهذه الصورة والكيفية ويبقى صغار السراق او الذين اضطرتهم الظروف للانحراف في السجون؟
لسنا في وارد التعليق على احكام قضائية، لكننا نبدي تساؤلات مشروعة بات الجميع يضعها كعلامات استفهام بعد ان اتسعت ظاهرة المحاباة القضائية، والتساهل تجاه مسؤوليين حكوميين نافذين، الامر الذي أخذ يفسر بابعاد قد تضطر الناس الى ان تفقد ثقتها بعدالة القضاء وقوة تنفيذ القانون على الجميع بالتساوي وبذات المعايير ؟.
نتمنى ان لا يهدر دم العدالة، فلا أبو مازن يستحق ذلك، ولا غيره مهما علا منصبه، ومهما تدخلت الجهات الداعمة، فالقضاء سلطان الله، فلا يهدر سلطان الله لأي سبب وتحت أي مبرر !
*
اضافة التعليق