بغداد- العراق اليوم: عرض السيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني وثيقة أسماها: ب (مشروع التسوية الوطنية) .. والوثيقة عبارة عن وعاء وطني يجمع مختلف التوجهات والتيارات والقوى السياسية العراقية المختلفة .. حيث يشير اليها السيد الحكيم نفسه بهذا التعريف،قائلاً: "التحالف الوطني بوصفه الكتلة البرلمانية الأكبر يعد العدة لتقديم وثيقة وطنية مهمة للتسوية الوطنية تمثل مشروعاً سياسياً جامعاً للعراقيين بالتزامن مع تحرير مدينة الموصل"، موضحاً أنه "مشروع سياسي جامع سيكون متزامناً مع النصر العسكري". ودعا الحكيم الى "عراق متعايش خالي من العنف والتبعية وتصفير الازمات ورفض العنف والالتزام بوحدة العراق ارضا وشعبا، والنظام الديمقراطي، ورفض التقسيم تحت أي ظرف كان" مؤكدا على ضرورة الالتزام بالدستور . وقد تباينت آراء المثقفين والإعلاميين العراقيين حول هذا المشروع، فمنهم من يرى أن شخصاً مثل السيد عمار الحكيم الذي يملك من الأسباب والعناوين والإمتيازات والمبررات السياسية الدينية التاريخية المرتبطة بأرث بيت الحكيم، مؤهلٌ وقادر على أداء مثل هذا الدور المهم والفاعل..
بينما يرى البعض الآخر أن الحكيم غير قادر على اداء مثل هذا الدور الوطني الشامل، وما عرضه لهذه الوثيقة إلاَّ من باب تكريس صورته الشخصية القيادية المنافسة للمالكي، والصدر، وغيرهما .. لكن، وبعيداً عن هؤلاء واولئك من أصحاب الرأي المختلف،فإن الوثيقة من وجهة نظرنا مهمة جداً، ومفيدة جداً، شرط أن تتوفر فيها النوايا السليمة، سواء في عرضها، أو في الألتحاق بمضمونها الوطني. وأظن أن أهميتها تأتي من أهمية، وخطورة الظرف الراهن، ومن حساسية الخريطة السياسية المعقدة في العراق .. (العراق اليوم) يستطلع آراء عدد من المثقفين العراقيين،حيث يقول المحلل السياسي والإعلامي كريم بدر عن الوثيقة ومصدرِّها بأن التسويات التاريخية التي يقوم بها قادة تاريخيون - وهم ليسوا كذلك. ماهي إلاَّ عملية اعادة تدوير لنفايات سياسية، فقدت بوصلتها ومشروعها. ومحاولة يائسة لاحزاب اضاعت ثقة الجماهير بها فذهبت للبحث عن شرعية خارجية وهمية عبر ادخال الامم المتحدة كضامن دولي لمشروع التفاف مفضوح على قيادات واعدة أفرزتها ساحات المواجهة الوطنية الشريفة ضد الاٍرهاب. إنها محاولة انقلاب فاشلة لاستغلال النصر واحتكاره وحرفه عن مساره، فهي تفسر القلق الواضح من الحراك الشعبي تجاه سياسيين فاشلين متهمين بالفساد.. وبإختلاس مليارات الدولارات من قوت الشعب . . أما الكاتب صالح المحنة، فقد عرض في إجابته سؤالاً قال فيه: هل هي وثيقة تسوية.. أم تقسيم مغانم؟! ويجيب المحنة على سؤاله، فيقول: لقد تعودنا منذ ان سقط النظام البعثي والى يومنا هذا على إطلاق مبادرات المصالحة والحوار والتسوية، وجميعها تنطلق من ممثلي فريق واحدٍ.. وأي فريق ؟ إنه الفريق الذي يقتل أبناءنا بمفخخات وأحزمة ناسفة، والتي يغذيها البعض من الذين يطالبون بالحوار والتسوية والعودة الى حضن الوطن...
نعم، ولا أظن أن أحداً اليوم يرفض السلم، ولا أحد يرفض العيش المشترك في هذا الوطن الواحد .. ولا أحد يرفض دعوات المصالحة..لكن لاينبغي لنا أن نتناسى جرائم المجرمين، وخيانة الخائنين، وتخاذل المتواطئين.. وهذا لايعني منا إثارة فتنة، أو دعوة الى القتال، إنما هو تفعيل لدور القضاء، ليأخذ كل من أساء لأبناء هذا الوطن جزاءه العادل.. وحينها كُلنا مدعوون الى التسوية العادلة ...
أما أن تُطلق الأمور على عواهنها، فهذا يعني دعوة الى تقاسم الغنائم والمكاسب التي ضحى من أجلها جيشنا وحشدنا وكل شرفاء الوطن. أما الصحفي أحمد نعيم الطائي فقد قال: أن المصالحة الوطنية، او الاتفاق السياسي، او التسوية الوطنية، فهي مصطلحات سياسية للتسويق الاعلامي لاغراض انتخابية او لارسال رسائل اطمئنان للولايات المتحدة، او الدول ذات المسعى الذي يحرص على اعادة الطوق الحديدي للطائفة الواحدة، أقصد الطائفة التي خسرت سيطرتها المطلقة منذ سقوط الدكتاتورية. بالنتيجة هي محاولات مستمرة لاعادة تكرير سياسيين كان لهم دور في ضرب مقدرات الشعب والوطن واشاعة الفوضى واثارة العنف الطائفي. أما الصحفي كريم جخيور، فقد قال رأيه في موضوع الوثيقة: للأسف أن كل المصالحات والتوافقات التي يدعو لها التحالف الوطني تأتي على حساب الدم الشيعي، وعلى حساب هيبة الدولة.. لقد كان الأولى به (أي السيد الحكيم) أن يمد يد المصافحة، ويقوي الطرف السني الذي يعترف بشرعية الحكومة، والذي ظل يساندها رغم ابعاده. أما المحلل السياسي جاسم الموسوي فقد قال:- واضح ان التحالف الوطني مصرٌ على اتباع سياسة التنازلات ظناً منه بقبول الاخر، وايمانه بالتحول لما حصل بعد ٢٠٠٣ وهذا بحد ذاته تصرف خاطى، إذ سيتم طبخ وجبة مسمومة بين قادة الكتل، ستقوم بسرة دماء الشهداء، وحتماً سيكون الحشد بعيداً عن هذه المبادرة، اذا لم تتم إذابة وجوده من خلال المساحات العسكرية والامنية!! في حين أن الكاتب عباس السوداني يرى بأن الكل يعلم بان العملية السياسية مبنية على المحاصصة الطائفية.. ولو كان هناك زعيم واحد في التحالف الوطني يهمه العراق، وشعبه لذهب الى الاغلبية، بعد حصولهم على ١٨٣ مقعداً، لكنهم لايمتلكون القرار .. إذن فإن المصالحة هي تسوية للخلافات السياسية بين الفرقاء، بعد ما نهبوا اموال العراق، وبعد ما توزعت بينهم على اساس التمثيل الطائفي . لقد مرر قانون العفو العام من أجل اعادة الدواعش من الخارج وتسوية ملفاتهم الارهابية ليس أكثر .. اما قادة الحشد الشعبي فسوف يصار الى تفاهمات لضم الحشد للمنظومة الامنية الوطنية، وادخالهم في العملية السياسية. للناشط السياسي عبد الكريم طالب الخطيب رأي، حيث يقول: إن مفهوم الرؤية للتسوية والمصالحة كما هو معروف يعني التسوية التأريخية بين القوى الفاعلة في مجتمعنا العراقي لتحقيق مصالحة وطنية شاملة، تضع اطار عقد سياسي بين اطراف الازمة، وضمن سقوف زمنية تلتزم بها اطراف التسوية. إذ يعتبرها القائمون عليها خياراً ستراتيجياَ أفضل بديلاً عن الاحتراب الاهلي الذي يؤدي الى تقسيم البلاد، او يبقيها في دائرة اللا أمن واللا سلام، وبهذا يعتبرونها أفضل الحلول لانقاذ البلاد، ومحاربة الارهاب، والجريمة، والفساد . لايمكن عودة الارهابيين الملطخة ايديهم بدماء الشعب العراقي بأي شكل من الأشكال، ولا دور لهم بعد الان في الساحة السياسية العراقية ,,,
والحشد الشعبي وقيادته حالة واقعة أثبتت جذورها في ارض الوطن ولا يمكن لأي قوة سياسية أن تزيحهم أو تؤثر عليهم فهم صمام الأمان للعراق والدفاع عنه، وعليه لايمكن لاي مبادرة أن تنجح في غياب أو تغييب الحشد الشعبي وقادته.. الكاتب عباس العزاوي يقول: التسوية الوطنية برأيي الشخصي عبارة عن تغليف لكمية الخيانة والتأمر واعادة تأهيل القتلة الطائفيين تحت عباءة المصالحة، والتي تعني بالضروة عملية اجحاف وكفر بكل الدماء التي اريقت، وبكل التضحيات التي قدمت من قبل جيشنا الباسل، وحشدنا المقدس، خلال معارك التحرير ,خاصة إذا ما شملت اعادة المطلوبين للقضاء بتُهم الارهاب، وكذلك معتلي منصات العار والرذيلة، والمتسببين الاساسيين بسقوط محافظة الموصل، وماصاحبها من مجازر مروعة في سبايكر وسجن بادوش وغيرها. واعتقد اننا سئمنا هذه المبادرات الفارغة فهي لاتستطيع ان تمنح الخائن قميص الوفاء، ولاتنظف الايادي التي تلطخت بدماء الابرياء, فقد سبقتها الف مبادرة والف مؤتمر مصالحة لم يسفر عنها الا المزيد من توافر الصعاليك، والمرتزقة الذين يعملون باجندات خارجية مشبوهة, إن هذه المبادرات برأيي ستمنحهم شرعية لايستحقونها، وجرعة منشطات سياسية، تؤهلهم للحديث باسم السنة، ومما تعنيه ايضا هذه المبادرات الانبطاحية من الغاء للقانون، والدستور، وفرض ارادة القوى السياسية المتهرية!! أما المحلل السياسي محمود الهاشمي فقد قال: أنها تسوية الثلة الحاكمة، وليست تسوية الشعب،وهدف القائمون عليها تسوية احوال فسادهم وتسلطهم على رقاب الشعب ،إذ سيعيدون انتاج انفسهم ثانية،كما سيعمدون الى اعادة القتلة امثال رافع العيساوي وطارق الهاشمي واثيل النجيفي للتلسط على المناطق المحررة من داعش مرة أخرى..
اما الحشد الشعبي فسينهون ملفه بالمصادقة على قانون الحرس الوطني ورفع دعاوى كيدية ضده بدعوى (الانتهاكات). بينما يقول الكاتب محمد جواد سنبه:- انا ارى ان هذه التسوية تمهد الطريق لعودة السياسيين الطائفيين والارهابيين الهاربين خارج البلاد، وبالتالي فهي بالضرورة تناسياً للجرائم التي ارتكبها هؤلاء بحق الشعب العراقي، وخاصة أبناء المكون السني، الذي سببوا له البلاء والدمار. ويقول الكاتب بدر وهم المحمداوي: أنا ارى ان هذه التسوية فيها اقصاء لقادة الحشد الشعبي، من قبل الاحزاب التي تتحكم بالسلطة بسبب وجود قاعدة جماهيرية واسعة يتمتع بها الآن قادة الحشد الشعبي.. وهذا ما يجعل تلك الاحزاب تحسب الف حساب، فتحاول إبعاد الحشد كي لاينافسها قادته في الانتخابات..