لا فتى الا علي، لا عدالة الا في منهجه

علاء الموسوي

كلما مر ذكر علي، اوقضت هذه الحروف كوامن النفوس، وحرك هذا المعنى ضمائر الاحرار، وتفجرت في نفوس المظلومين ثورة العدالة، فهذا النبراس الخالد، لغةً لوحده لا يفهمها سوى الانسانيون الذين يدركون كم هو عابر اسم ( علي) لحدود الدين والقومية والعرق والجنس. يعرفون ان عليًا معنى ورمز وشفرة لا يفهمها ولا يتحسسها سوى اولئك الذين يملكون ضمائر نقية، وحسًا انسانيًا عابرًا لحدود التقوقع الايدلوجي، والاختلاف الفكري.

في قراءة شخصية علي ابن ابي طالب في يوم (غديره)، قد لا يسعك الحديث ولا يسعفك اتساع المعنى، فتخشى ان لا يكون لحديثك اضافة، وان  لا  تتسع اضواؤك الكاشفة لانارة جزء بسيطاً من تلك المنارة التي تشمخ بكبرياء في قلب التاريخ وتنغرز بقوة في مستقبل العالم.

عليُ منه قد يبدأ الحديث، لكنه سينتهي حتماً عند حلم أي مستضعف في مشرق الارض او مغربها، فهو ضمير يتحرك لدى جميع الاحرار، وهو قاسمهم الاكبر الذي ينطلقون منه واليه، بحثاً عن وجود يعطيهم معنىً، ويمنحهم دفئاً لصقيع عالم لا تلسع اطراف ظلمه سوى اضلاع الفقراء .

ميزة علي انهُ شخصية ترفض الاحتكار، وتستعصي على القولبة، او التنميط، فهذا الرجل متجاوز بقيمه المترسخة كل المديات المغلقة، باعتباره مدى المدى كله، وافق فوق كل الآفاق، وسمو فوق كل سمو .

يسألني البعض، هل يعرف مستضعفو الارض وفقراؤها في هذا العالم، علياً ؟ فأجيب ببداهة: بلى!

يأتي جواب سائلي وكيف ذاك وكيف يعرفه من لم يسمع بأسمه . فاجيب بثقة اكبر : ومن ذا الذي لا يعرف علياً، علي يعرفهُ كل الظلمة والمتجبرين قبل غيرهم، ويعرفهُ كل مظلومي الارض الذين يجابهون عسف التسلط والمصادرة. يعرفهُ الديكتاتوريون والطغاة بأنه صوت ينطلق من اعماق الشعوب وفقرائها، يزلزل عروشهم ويطيح بديكتاتوريتهم، يعرفهُ المظلومون كلما نشدوا العدالة، او تجرعوا مرارة الظلم فيأتي ذكره كترياق شافي لهذا .

من ينكر ان مفهوم الثورة من اجل العدل لا يعرفه الجميع حول الارض، من ينكر ان صوت العدالة الانسانية هو المفهوم الاعم والاشمل الذي يبتغيه منهم في غابات افريقيا او في اصقاع الارض، من ينكر ان كل حر يلهج ليلاً ونهاراً بذكر علي، نعم بذكر علي، فكلما سمعت كلمة عدل عليك التذكر فوراً انها تعني علياً، وكلما سمعت بثورة يقودها الفقراء والمسحقوقون، تذكر ان علياً خلفها، هذا هو الرجل الذي يصنع من على بعد مئات السنين الضوئية ثورات متلاحقة، ويحرض من تحت قبته الشامخة كل ضمير حر على رفض استلاب الانسان وهدر كرامته.

هذا علي الذي نعرفه وندرك كم تجاوز مفهوم علي من الشخص التاريخي الى المفهوم الاجتماعي المتسع ليشمل كل مفردات حياة من يبحث عن حريته، وينشد عدالة لا تصادر من طبيعته البشرية أي جزء مهما كان الداعي والسبب، ديناً او لونًا او طائفةً، فعلي فوق هذا كله، لأنه صوت العدالة الانسانية كما عبر الراحل عزيز السيد جاسم.

من اجل هذا عشقنا علي، وآمنا بعلي، ورسالة علي، سواء كنا يساريين أو يمينيين، أو لا مابينهما !

علق هنا