بغداد- العراق اليوم:
“مُغلق لأداء الصلاة”، تحت هذا العُنوان يَتطرّق الكاتب السعودي صالح الشحي لأكثر القضايا جدليّةً في العربية السعودية، ويفتتح مقاله بالقول: “هذه القضية جدليّة، ومن الوارد جدّاً أن تجد من يقول لك: هل انتهت قضايا المجتمع حتى تكتب عن هذا الموضوع، سأتحدّث عن إغلاق محطّات الوقود عند أوقات الصلوات الخمس.
الكاتب الشحي، يُشير في مقاله، إلى الأمر المُضحك الذي يتعرّض له المسافر مثلاً، حين يحق له الجمع بين الصلوات، ويتوقّف عند محطة الوقود، لكن عامل المحطّة غير المسلم يُخبره أنها مُغلقة للصلاة، ويُضيف لا أنت تصلي، ولا هو يصلي، وأحياناً يحكي لك قصّة حياته، ومن ثم تمضي في حال سبيلك.
ويرى الكاتب في مقاله الذي أعاد موقع قناة “العربية” الإلكتروني نشره، أنه من حق كل إنسان، أن يُغلق محلّاته وقت الصلاة، إن رغب في ذلك، فهذه حُريّة شخصية، ولكن لا يجب ألا يتم إلزام الجميع بإغلاق محطّات الوقود مثلاً، فهذا يحتاج إلى رأي فقهي أو قياس سليم، ويوضح الكاتب أن حديثه لا يشمل صلاة الجمعة، فتلك محكومة بنص.
ويَبحث الكاتب باستغراب عن وجود نظام أو قانون واضح، يَمنع فتح المحال وقت الصلاة، ويتساءل على أي نص يستند الذين يمنعون ذلك، ويتطرّق الكاتب الشحي في مقاله المنشور في صحيفة “الوطن” المحليّة، الذي يتعرّض له المسافرون، ويستند في رأيه حول وجوب فتح المحال في أوقات الصلاة الخمسة، إلى أحد الباحثين الشرعيين، والذين اعتبروا أن أساس الإغلاق بِدعة، لا أساس لها من دينٍ أو عقل، ولم تأتِ به الشريعة.
مقال الكاتب الشحي، تفاعل معه عددٌ من النّشطاء والمُغرّدين السعوديين، عبر موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، وانقسموا بين مُؤيّدٍ ومُعارض، حيث قال عبدالعزيز السدلان يكفي في موضوع الإغلاق للصلاة احترام هذا الدين العظيم، أما حساب غريب، فأكّد أنه يُؤيّد السماح بفتح المحال وقت الصلاة، 55 علّق على الموضوع قائلاً: “هذا زيف وخداع، وهذا كاتب بفكر مسموم، ويدعو للضّلالة”، أما فهدة فوجدت أن السماح بفتح المُستشفيات والصيدليات، أمرٌ إنساني، ويَجب العمل به.
السلطات السعودية، وعبر يَدها الضاربة المُؤسّسة الدينية، وهيئتها الأمر بالمَعروف والنّهي عن المُنكر، كانت إلى زمنٍ قريبٍ، تُطبّق عُقوبات صارمة بحق المُخالفين، الذين يبقون محالهم مفتوحةً خلال الصلاة، وتتنوّع العُقوبات بين التسفير للمُقيمين، والغرامة والحبس للمُواطنين، وهذه الصرامة دفعت بالكثير إلى اللجوء إلى طُرقٍ مُلتوية، كالتظاهر بالإغلاق، والاختباء داخل المحل، أو الإيحاء بأنه يتّجه نحو المسجد لأداء الصلاة.
ومع انفراط عقد المؤسسة الدينية، وتقليص صلاحياتها في زمن الانفتاح والترفيه، يبدو فيما يبدو أن الإعلام المحلّي، ووفق تعليمات عُليا، بدأ بطرق أبواب الموضوعات المُحرّمة، والتي كان يُمنع حتى التطرّق لها، لما في الحديث فيها، من تخطٍّ لخُطوطٍ حمراء، قد تُودي بصاحبها إلى التهلكة، وإغلاق المحال خلال الصلاة الذي أصبح بقُدرة قادر “بدعة”، واحد من تلك المواضيع المُهلكة في بلاد الحرمين.
مقال الكاتب الشحي، جريء لكنه مُتعمّد توقيت كتابته، وفق مراقبين، ويأتي في توقيت دعوات الانتقال إلى العلمانية، في بلاد حكمتها الشريعة الإسلامية بشكلٍ صارم منذ 80 عاماً، ويحاول أن يُهيء الرأي العام يبدو كما سيفعل زملاء له في المهنة قادم الأيام، لخطوة التخلّي الرسمي عن الإغلاق وقت أداء الصلوات.
الحُريّة الشخصيّة في المملكة النفطيّة، ليست أمراً يَعود للفرد فعلاً، فهناك في تلك البلاد ضوابط وقوانين تُقيّد الفرد، لكن الكاتب بحسب ما يرى مراقبون أشار إليها أي الحُريّة الشخصيّة بأريحيّة، حين ترك للفرد أو الإنسان كما وَصفه حُريّة الإغلاق وقت الصلاة من عَدمه، في حين أن السلطات السعودية، كانت إلى وقتٍ قريب، لا تَفرض فقط الإغلاق على أصحاب المحال وقت الصلاة، بل تُلاحق الناس في الشوارع لإجبارهم على التوجّه إلى المسجد، في مُصادرة صريحة لحُريّاتهم، فسُبحان مُغيّر الأحوال، يَتعجّب مراقبون.
*
اضافة التعليق