بغداد- العراق اليوم:
في ذروة النقاش والسجال العراقي- الكويتي، وردود الفعل الغاضبة تجاه تصريحات النائبة الكويتية الموتورة صفاء الهاشم ضد الشعب العراقي، وهجومها غير المبرر على الشعب العراقي بداعي احتجاجها على زيارة مرتقبة للفنان العراقي كاظم الساهر للكويت، رحل الفنان العربي الكبير الكوميدان الاشهر في منطقة الخليج العربي عبد الحسين عبد الرضا عن عمر يناهز الـ 78 عاماً، ليترك في الشارع العربي برمته صدمة ومفاجأة و حزنآ غير متوقع، نقول غير متوقع نظراً للظروف العصيبة التي يمر بها عالمنا العربي من الفتن والحروب والمآسي، حتى ظننا اننا فقدنا احساسنا بالفن، وارتباطنا بعمالقة الزمن الجميل، فكانت هذه الصدمة، بمثابة اعادة اكتشاف، وتأكيد على ان نبض الفن لا يزال في قلوبنا، وان التوق الى لحظة فك اشتباك بين الواقع العنيف والحلم الانساني الشفيف لا يزال على أشده.
لذا كان موت " بو عدنان " المفاجئ، لحظة فارقة في قطع السجال الذي تسببت هذه الموتورة بشتمها العراق واهله، ليتحول هذا الفقد الى مصاب مشترك بين العراقيين والكويتيين الذين رأوا وقرؤوا نعياً عراقياً منقطع النظير لفنان احبوه واحبهم، ومثلما عشقوا عفويته، عشق هو طبية العراقيين وذوقهم الرفيع.
كانت لحظة فقدان عبد الحسين عبد الرضا، رغم وجعها، لحظة تدعو للتأمل عن مدى القرب الانساني، والاشتراك الذي تصنعه الفنون في حياة الناس، وكيف يمكنك ان تقرأ التقارب الذي يتركه الفن بين الشعوب مهما تنوعت المشارب، واختلفت الثقافات، كيف وان الشعبين العراقي والكويتي ينتميان لنفس الذائقة، ويرجعان الى نفس النبع الجميل الصافي.
لقد كان رد العراقيين على رحيل فنانهم المفضل مساوياً ان لم نقل فاق في بعض الاحيان رد فعل الشعب الكويتي الذي تألم لهذا الفقدان المبكر، فكان ان تكفل الفن مرةً ثانية باصلاح ما افسدته يد العبث السياسي، ومرض الكراهية الذي يتأًصل في نفوس الطائفيين والعنصريين الذي لا مكان لهم في عالم اليوم، لكننا للأسف لا نزال مضطرين لنسمع ذلك العزف النشاز بفعل الميديا التي لا تبحث سوى عن الاثارة ! فكانت النائبة " صفاء " مثيرة هذه المرة، وهي تنفث سم الكراهية بين الناس.
لم تكن الاساءة الغبية للشعب العراقي، لتحجب العراقيين عن التضامن والتألم لفقدان فنان عربي افنى 55 عاماً من عمره صانعاً للفرح البهي، ولم يكن هذا التحريض العنصري البغيض ضد الساهر، الا دافعاً ليقول ان ما يجمع الشعوب اقوى مما يفرقها، وان رسالة الفن هي صناعة المحبة قدر المستطاع.
رحل " بو عدنان " عن عالمنا، لتخسر حياتنا رجلآ اخرآ نذر حياته مدافعاً عن الجمال، باحثاً عن لحظات تجمع ولا تفرق، ولكن هذه الخسارة القاسية، ستكون درساً مهماً لنتعلم السمو فوق الكراهية، ورفض العنصرية، والتمسك بخيار التنوع وقبول الاخر، فرحم الله الفقيد، وابعد عنا شرور الطائفيين والعنصريين .
*
اضافة التعليق