تابعه - العراق اليوم
سيف الشرهان
ظل احمد البشير يتسكع على ابواب القنوات الفضائية العراقية سنة 2014 بعد ان قرر سعد البزاز صاحب قناة الشرقية الاستغناء عن خدماته لانه راى ان برنامج "ليفة ستايل " الذي كان يقدمه لا يليق بمستوى قناة الشرقية، وان احمد البشير على حد وصف البزاز " ولد سمج ونكاته تافهة وثقيل الدم " . وقتها ضاقت القنوات الفضائية العراقية بما رحبت على البشير حيث لم تقبله واحدة منها رغم انه طرق ابواباً عديدة من تلك الفضائيات ، بل حتى حين استطاع ان يجد واسطة لاقناع مدير قناة دجلة الفضائية ، لم يدم عمله سوى اقل من 24 ساعة فقط بعد ان رفض صاحب القناة تعيينه لتقديم البرنامج لانه لم يكن راضياً على المستوى الهزيل الذي كان يقدمه البشير في برنامجه السابق ضمن قناة الشرقية واعتبره سوقياً.
وتصادف في تلك الفترة بداية تأسيس قناة (الشاهد المستقل)، وببعض الوساطات من هنا وهناك لمدير تلك القناة كي يعين احمد البشير لتقديم برنامج فيها، فكان البشير شو في موسمه الاول ، واعتبر هذا التعيين على سبيل التجربة واعطاء الفرصة لشابً طموح يحتاج الى فرصة حقيقية، وقد نقل احد اصدقاء مدير القناة الذي كان حاضراً في اليوم الذي جاء به احمد البشير يطلب التعيين، انه بدأ بائسآ، شبه باك للحصول على فرصة للعمل، وبعد موافقة مدير القناة على التعيين خاطبه البشير قائلآ بإسلوب فكه :
" عمي مو يومين، وتسربتني "......!!
وشاءت الصدفة والحظ ان يلعبا لعبتهما في موسم البرنامج الاول بعد ان وضع مقطع فيديوي على اليوتيوب من احدى حلقاته هاجم فيه الحاج هادي العامري، وكان ممن اطلع على ذلك المقطع، سياسي عراقي، له علاقات متينة في قطر، فأرسل المقطع إلى احد الشيوخ النافذين فيها على سبيل (اللواگه)، او ربما كانت السخرية من الحاج هادي العامري قد اعجبت ذلك السياسي كثيراً فخطر في باله ان يشرك الشيخ القطري معه في المقطع الفيديوي. بخاصة وإن موضوعه يمثل هدفا مشتركا بينهما !!! .
وبالفعل فقد تم تحويل الفيديو في رسالة، وبعد نصف ساعة اعاد الشيخ القطري للسياسي اجابته متمثلة بنصف كلمة، هي : " ههههههههه "!!
وهي دلالة على ان المقطع اضحك الشيخ القطري، فأخرج منه هذه الههههههه " او قد تكون مجرد مجاملة للسياسي الزاحف، ورسالته البائسة ، ولان ههههههههه من سموه لاتشبه اي هههههههههه من سواه، فقد اراد ذلك السياسي ان يحولها الى اجراء عملي يجامل الشيخ فيه، فكان ان ارسل بطلب احمد البشير، ليعرض عليه التعاقد احتكارياً لانتاج البرنامج لصالحه!!
ويبدو من السياق ان ذلك السياسي كان قد اقترح على سمو الشيخ القطري فكرة استغلال البرنامج كأداة فاعلة لانتقاد وضرب السياسيين العراقيين خاصة الشيعة منهم، وتشويه قيادات فصائل الحشد، كما ستظهر الحلقات اللاحقة بعد ذلك، ويبدو ايضاً (من باب التخمين شبه المتيقن) ان سموه قد وافق، ودفع !!، لتنفتح على حين فجأة ابواب الحظ والمال لاحمد البشير على كل مصارعها، وكانت اولى العطايا من السياسي العراقي للبشير مبلغ خمسة وعشرون الف دولار لشراء سيارة وعقد بمليون دولار سنويا مع احتكار البرنامج، مقابل ان يتم تزويد البشير بالاسماء التي يراد مهاجمتها، فضلآ عن رسم سياسته الكاملة.
ولان احمد البشير ابن (سوگ ولوتي) كما يبدو، فقد فهم الوضع من اوله، وعرف بدهائه ان هذا السياسي غير معني بالبرنامج ليوليه كل هذا الاهتمام ويدفع له كل هذه المبالغ غير المسبوقة ، لذلك وضع البشير بعض الشروط، واولها: ان لا يعرض البرنامج في القناة التي يمتلكها ذلك السياسي، كي لا يحسب عليه ؟؟؟!!!
ومع ان الطلب سخيف كما يقول التنين الشهير (گريسو) في افلام الكارتون ، وفيه استهانة واستهزاء واضح بذلك السياسي، اذ لا يعقل ان تحرم الجهة التي تدفع المال من عرض ما انتجته ،، الا انه اضطر ان يوافق على شرط البشير ويغلس على الاهانة التي شعر بها، وذلك من اجل تسيير عملية شراء البرنامج بسلاسة.
وكعادة اهل السياسة في الاستفادة من جميع المواقف حتى التي تبدو خاسرة فقد برر السياسي ذلك الشرط المهين بأنه أمر جيد، يأتي من صالحه، إذ سيرفع عنه ثقل الارتباط بالبرنامج، وبأسم مقدم البرنامج، كما يتيح له مساحة اكبر لضرب الجميع دون استثناء ودون مجاملة، ولا عتاب ولا حساب ولا كتاب ولا ارهاب ولا كباب ولا شكاوي ولا محاكم ولا هم يحزنون !!!
لكن الغرابة كلها بدأت بعد ذلك ، فحين بدأ البرنامج باللعب الخشن، متقصدآ اهانة وشتم السياسيين العراقيين، وبعد ان بالغ في اطلاق الايحاءات والايماءات الجنسية، بل وتعدى حدود ذلك، حين راح يسيء الى الرموز الدينية المقدسة ولمراجع الدين العظام، وكبار قيادات فصائل الحشد الشعبي، هنا استهوت اللعبة الوسخة سمو الشيخ القطري، ما جعله يوجه بنفسه بين الحين والاخر لابلاغ احمد البشير في شتم الرمز الفلاني والسخرية من الاخر ، وطبعآ فقد كان السياسي المرتزق ينقل ما يطلبه الشيخ، فينفذها البشير بحذافيرها، وحين سئم الشيخ من اللعبة، اوكل المهمة الى ضابط في جهاز المخابرات القطري ليوجه ويشرف على البرنامج، وعلى مقدمه الاراگوز . وواصل البرنامج ومقدمه الخوض ، والغوص في الوحل القطري، الذي تعود على شراء الذمم ثم رميها الى اسفل السافلين.
ولان احمد البشير طري العود، ولم يزل صغيرآ على عمليات التجنيد الاعلامية المعقدة، تراه اندفع مبالغاً بالاساءة الى كل ماهو عراقي، تحت تأثير وتخدير المال القطري، وترضية لاولياء نعمته الجدد في الدوحة.
ولما كان هوى القطريون طائفياً ذلك الوقت، فقد كانت الأوامر للبشير تشدد على توجيه الإهانة لكل ماهو شيعي ( بدءآ من الشعائر، الى الرموز ، الى الشخصيات وصولاً للمرجعية المبجلة)، اتساقا مع رؤيتهم في دعم الحركات الاسلامية السلفية المتطرفة التي ترى التشيع كفراً بل خروجاً عن الاسلام ،، ثم على حين غرة تغيرت السياسات والمواقف والولاءات والاهداف حين تقاطع القطريون مع باقي اهل الخليج ولم يجدوا سوى ايران حضناً دافئاً يلوذون به بعد جحود الاهل والاخوة، وهي فرصة تنتظرها ايران لتضع يدها عياناً جهاراً في عمق الشأن السياسي الخليجي بعد ان كانت تعمل لسنوات طويلة في الخفاء.
وبسبب هذه الاستدارة المفاجئة في الموقف وجد ايتام قطر انفسهم (ومنهم طبعآ احمد البشير) في مفترق عويص، مثل حمار عالق في وحل مستنقع لزج، لا يعرف ماذا يفعل، وأين يوجه فوهة (مدفعه) هذه المرة، كي تطلع منها مقذوفاته، حسب الهوى القطري الجديد وقد كان انعكاس ذلك واضحا عليه، حين بدأ ينقلب على العاملين معه، ويطرد غالبيتهم من العمل، لانهم لم يستطيعوا تغيير الوجهة على جناح السرعة، كما فعل هو !!!
السؤال المحير الان الذي يجب ان يسأله البشير لنفسه :
ترى ماذا سيحدث لو عادت مياه قطر الى مجاري اشقائها في الخليج، وكيف يستطيع ان يعيد الفوهة نحو الاهداف الاولى ؟؟
نعتقد ان في الامر حيرة كبيرة تعجز عنها مهارة البشير، حتى ولو كان اراجوزاً شاطراً على حد وصف سيده القطري ،، وهنالك تسريبات تقول ان بعض السياسيين العراقيين من اصحاب الخبرة في العمالة نصح البشير بأن يكون بفوهتين كي يستطيع ان يغلق واحدة، ويفتح الاخرى عند الحاجة دون كبير عناء، حيث يمكن له في الاحوال العادية ان يؤجر الفوهة الاخرى الى جهة ثانية، ليسقط بذلك المقولة البعثية التي سادت لثلاثة عقود: ( للقلم والبندقية فوهة واحدة )!! إذ يبدو الان، ان فوهتين خير من فوهة واحدة!! والحاضر يعلم الغايب......!!
*
اضافة التعليق