بغداد- العراق اليوم:
يسعى رجل الأعمال، المثير للجدل، خميس الخنجر، إلى دخول بغداد، لأول مرة، منذ سنوات، عبر مطارها الدولي، بعدما حاول، مرارا، اختراقها، عبر مشاريع تجارية وسياسية، صنعت له الكثير من الحلفاء السياسيين في السر، لكنها لم تساعده كثيرا في تحسين صورته، على الصعيد الشعبي.
وفي أحدث ظهور إعلامي للخنجر، وجه "إبن الفلوجة"، الكثير من الدعم، لمن كان يعتبر "خصمه اللدود" نقصد زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي.
وبمقارنة سريعة لموقف الخنجر الأخير، بمواقفه السابقة من المالكي، يتبين أن تحولا كبيرا قد طرأ على وضع الرجل، وبات يطالب بمساحة مباشرة في دائرة التأثير السياسي، بعدما كان ينفذ ذلك عبر وسطاء.
والمفارقة، أن الخنجر، لم يحظ إلا بـ "كلمات طيبة"، من رموز "التشدد الشيعي"، على غرار ما قالته زعيمة حركة إرادة، حنان الفتلاوي، والقيادي البارز في المجلس الأعلى باقر الزبيدي بالرغم من اتهام الشارع الشيعي له بدعم الارهاب ورعاية ساحات الاعتصام وغيرها.
ومن وجهة نظر مراقبين، فإن ظهور الخنجر، مادحآ للمالكي، لا يمثل التناقض الأول في مسيرة الرجل الذي بدأ يعرّف نفسه مؤخراً بصفة السياسي المستقل، أو زعيم المشروع العربي.
فالخنجر، خرج برأي هؤلاء المراقبين مستفيدا من أغلب أزمات ومآسي العراق، ابتداءً من غزو الكويت حيث عزز تجارته، وتمكن من إدارة نشاطات تجارية غامضة عرضته الى اتهامات لم يرد عليها. وبعد سقوط النظام ارتبط اسم الخنجر بتمويل الجماعات المسلحة التي رفعت شعار مقاومة القوات الأميركية، حيث يعتبر الداعم الاساسي لحراك التظاهرات السنية بعد 2012.
وربما يحاول "إبن الفلوجة"، أن يغطي صفحات من تاريخه القريب، التي تسببت في دمار واسع للمناطق التي ينحدر منها ويتبنى الدفاع عنها، على غرار ما حدث للأنبار على سبيل المثال، خاصة حسن يتعلق بالمواقف المتشدة التي تبناها إزاء بغداد ووصفه لعناصر تنظيم داعش الذين استولوا على مساحات واسعة من البلاد، صيف 2014، بثوار العشائر.
وعرفت ساحات الاعتصام في الرمادي، العام 2013، نشاطا ماليا وإعلاميا "رهيبا" للخنجر، كما تقول مصادر. ومن صور هذا النشاط توفير الغذاء اليومي لعشرات الآلاف من المتظاهرين، وضمان حضور تظاهراتهم في كبرى وسائل الإعلام العربية، على الرغم من أنه قبض ثمنها أضعافآ مضاعفة من حكومة قطر- التي تعتبر الخنجر رجلها في الفلوجة، بل وفي عموم العراق.
وتشير مصادر عديدة إلى أن الخنجر يحظى بدعم أميركي ايضآ. وقد كشف تقرير لرويترز، اخيراً عن تعاقده مع مؤسسة أميركية لتلميع صورته كزعيم للسنة أمام صناع القرار في أميركا مقابل خمسة وستين ألف دولار شهرياً.
لكن يبدو أن واشنطن ليست هي غرفة العمليات الوحيدة لتسويق زعامة الخنجر لسنة العراق، بل هو يعتمد ايضاً على حليفتيه أنقرة والدوحة في تعزيز مكانته المالية والسياسية والإعلامية متخذاً من أربيل، المقربة من أنقرة مقراً لإدارة نشاطاته داخل العراق، حيث تربطه علاقة قوية برئيس الاقليم مسعود بارزاني.
وفي خضم الانقسامات والانشقاقات الخليجية الأخيرة اختار الخنجر التريث في اعلان موقفه لكنه حسم أمره في الأيام الاخيرة بالانحياز الى المحور القطري - التركي المتناغم مع إيران، مضحياً بعلاقاته مع الإمارات التي أقام فيها لفترة وأدار منها نشاطاته التي ساهمت بتضخم ثروته.
وبعد الإعلان التركي عن مشروع الربط البري المشترك بين انقرة وطهران والدوحة.. طُرِح اسم الخنجر من جديد كمستفيد من هذا المشروع الستراتيجي، وذلك لحظوته لدى المسؤولين الأتراك، وارتباطه معهم بمشاريع تجارية قديمة، فضلاً عن علاقاته المتينة مع الدوحة.
وبهذا فإن الخنجر الذي راوح في مكانه كثيراً.. يدخل رسمياً إلى المحور القطري التركي.. بالتزامن مع جهوده في العودة إلى العملية السياسية في العراق، مستفيداً من النفوذ الإيراني التركي الذي قد يمهّد له الطريق إلى بغداد كما مهده لغيره من المبعدين سياسياً بعد عام 2003.
وبتحقيق حلم العودة الى بغداد بعد تأسيس مقرات له فيها مؤخراً فان الخنجر قد يدخل العملية السياسية من أوسع أبوابها، بعدما حاول مراراً الدخول إليها عبر الشباك دون جدوى، وبعدما استمرت صفة "رجل الاعمال" لصيقة به من دون وجود مشاريع اقتصادية معروفة له.. فليس من المستغرب أن يحمل لقب الزعيم السياسي بعد ان انتقل من راع للقوائم السياسية مثل القائمة العراقية واتحاد القوى والكرامة، الى لاعب سياسي مباشر عبر بوابة "المشروع العربي".
*
اضافة التعليق