بغداد- العراق اليوم:
يتذكر الجميع كيف كانت اهتمامات المواطن العراقي في زمن طغيان صدام محصورة بالجري وراء لقمة العيش، والخوف من تقرير بعثي ظالم، أو ترقب غزوة عنترية جديدة للقائد الهمام. ومثل جميع مفاصل الحياة في وقتها، كان الإعلام عبارة عن سيرك من الدمى يحركه الكسيح عدي كيفما يشاء.
فمن السيطرة على التلفزيون، والصحف، الى رئاسة ال التجمع الثقافي، مرورا بالكثير من الأشياء التي جعلت المواطن العراقي يعزف عن الاهتمام بالإعلام، وما يطرحه من قضايا، خصوصا وهو يعرف إن كل ما في البلد يتم توجيهآ عبر كونترول البعث . وكان أكبر ما يحصل عليه العراقي من الإعلام هو مباراة كرة قدم مسجلة قبل أسبوع من احدى الدوريات العالمية، أو فلم أجنبي مسروق من قبل تلفزيون شباب عدي يعرض في ظهيرة الجمعة، أو فلم سهرة يقطع غالبا من أجل الاستماع لكلمة ماسخة للقائد العلقري، حيث يظل يتحدث لساعات دون انقطاع، او حتى بريك للدعاية، فيضطرالمواطن للذهاب الى النوم مكرهآ، وهو يتمنى إن لا يظهر القائد في حلمه لتكملة خطبته التي لا يعرف احد هل هي خطبة رئيس دولة، أم هي مجموعة قفشات ومواقف يتذكرها بطل النصر والسلام( وصدام لم ينتصر يومآ او يحقق سلامآ طيلة وجوده في كرسي السلطة )!!
وبعد زوال الغمة الصدامية تنفس العراقيون الصعداء، واستمتعوا بكل ماحرموا منه لسنوات طوال، من قنوات فضائية وانترنت وهواتف نقالة، والتي كانت من المحرمات في زمن البعث القائد . ولعل احدى الكلمات الطريفة لسيدة عراقية تشرح مدى حجم الكبت والحرمان الذي عاشه العراق في العهد الصدامي، حيث قالت هذه السيدة، بعد مشاهتها القنوات الفضائية وهي تنقل كل شيء من مختلف بقاع الأرض (عمرنا خلص واحنه مكابلين جهرة صدام الزفرة بالتلفزيون .. جا وين جانت هاي الوجوه الحلوة قبل)؟!
ولان الشعب العراقي شعب مثقف، ووطني، وواعي لما يدور حوله، نلاحظ هذه الأيام اهتمام عراقي بالمواضيع، والإحداث الوطنية والإقليمية والعالمية وقد رأينا كيف تفاعل العراقيون مع كل إحداث المنطقة حتى وصل الأمر إلى متابعة شغوفة للانتخابات الأمريكية الأخيرة . ولعل الدليل الأبرز على ذلك تلك المتابعة الجماهيرية لما يحصل ألان من أزمة خليجية حامية بين السعودية وقطر .. اعداء اليوم وأخوة الأمس !!
*
اضافة التعليق