بغداد- العراق اليوم: لكي تنال وظيفة في جهاز الأمن الوطني يتوجب عليك اولاً وقبل أي شيء، أن تكون من عشيرة ( البو عامر)، أو من سكنة الراشدية، أو الرضوانية، أو أن تكون مزارعاً، أو إبناً، أو أخاً، أو إبن أخت لأحد المزارعين في مزارع (الشيخ) فالح الفياض، رئيس جهاز الأمن الوطني.. أو أن تأتي بورقة من الجعفري، أو مكتب الجعفري.. أما إذا لم تتوفر بك مثل هذه المواصفات الذهبية، فعليك أن تأتي بشيخك الجليل، أو بأحد شيوخ العشائر، ليصطحبك ويمضي بك الى (مضيف) آل الفياض في الراشدية، ليتوسط لك هذا الشيخ (بعد أن تدفع له المقسوم الدسم طبعاً) عند شيوخ البوعامر كي يبصم الشيخ فالح الفياض على طلب تعيينك.. وأين؟ (في المضيف طبعاً) !!
أما إذا لم ترزق بمثل هذا الحظ السعيد، ولم تحضَ بلقاء الشيخ في مضيفه، بعد أن تذهب مع شيخك اليه أكثر من مرة، ولا تجد معالي رئيس الجهاز، فما عليك إلاَّ أن تدفع الى أحد أفراد أسرته (الكبيرة).. ("شدّة" مو هواي) –أي عشرة آلاف دولار فقط- لتحظى بالوظيفة الذهبية في جهاز الأمن الوطني !!.
وللحق فإننا لم نكن نفكر بعرض هذا الموضوع في هذه الأيام العصيبة، التي يمر بها العراق، حيث تنشغل اجهزته الامنية والعسكريةبمواجهة عصابات الإرهاب التكفيرية، وتحرّر الموصل الحدباء من براثن الاوباش، لولا إني ألتقيت بشاب قبل أيام في أحد الأسواق ببغداد، وهو يبيع (الطماطة والخضراوات ) وقد طلب مني بعد أن عرف إني إعلامي، أن أعرض مشكلته، التي لخصها بأنه خريج الدراسة الإعداية، ويدرس (مسائي) في الجامعة، كان قد تقدم الى جهاز الأمن الوطني للتعيين برتبة ضابط (وهي رتبة فخرية) قبل أكثر من سنة، بعد أن رزقه الله بوساطة احد أصحاب فالح الفياض، وبعد مرور سنة كاملة قضاها بين الفحوصات واللجان والمقابلات، والـ "روح وتعال"، ظهرت النتائج، فنال القبول والحمد لله، بعد أن أخبره المسؤولون في الجهاز رسمياً بذلك، إضافة الى ستين متقدماً آخراً تم قبولهم من بين مئات المتقدمين.. وعليه أن ينتظر مع زملائه اتصالا هاتفياً للالتحاق بالدورة التدريبية، التي لن تستغرق أكثر من ستة أشهر، لينال بعدها المتخرج رتبة ضابط في جهاز الأمن الوطني..
وظل الشاب ينتظر الاتصال والالتحاق بالدورة التدريبية، شهراً وثانياً وثالثاً، دون جدوى، وقد كان عذْر المسؤولين في الجهاز عن هذا التاخير، بان المعسكرات التدريبية مشغولة و مزدحمة بالدورات، - وانهم اي المسؤولين عن الجهاز - يسعون للحصول على معسكر تدريبي في منطقة بسماية، او الصويرة، او ديالى، لكنهم للأسف لم يجدوا هذا المعسكر..
وظل الشاب مع رفاقه ينتظرون سبعة أشهر دون أن يتصل به، أو برفاقه أحد.. حتى جاءهم الخبر اليقين الذي يقول أن السيد فالح الفياض قد أستبدل أسماءهم، بأسماء آخرين يعملون (مزارعين) في أراضي معاليه الزراعية في الراشدية .. يعني ( الأخوة فضائيون)!!
أنا لا أريد هنا أن أتحدث عن المهمات الصعبة التي يتكفل بها جهاز الأمن الوطني، مثل جمع المعلومات، وإدارة النشاطات الإستخبارية ذات الصلة والمتعلقة بـتهديد الأمن العراقي، والإرهاب، والتمرد , وإنتاج المخدرات، والإتجار بها، والجريمة المنظمة الخطرة، وغيرها، والتي تتطلب توظيف عناصر وطنية كفوءة، تقوم باداء هذه الواجبات الامنية الخطيرة، وتحمي البلاد من شرور الاعداء ، دون الرجوع الى طائفة المتقدم للوظيفة أو عشيرته، أو درجة قربه، من هذا المسؤول او ذاك.
كما لا أريد ان اتحدث عن الاضرار التي تصيب العراق جراء هذا الفساد الذي غمر جميع المفاصل الحكومية، انما اردت فقط ان اتحدث عن ستين شاباً ضُحك على ذقونهم ، وذقون عوائلهم، لاكثر من سنة .. واقول: إذا كان الأمن الوطني مزرعة مال فالح الفياض، وملك طابو لعشيرة البو عامر.. (عجل يابه ليش تقشمرون الشباب وتضحكون عليهم 14 شهر ، مو حرام)؟..