بغداد- العراق اليوم:
نشرت جريدة ( الحقيقة) الصادرة في بغداد، مقالاً تحت باب (رأي الحقيقة)، طالبت فيه المسؤولين عن القبول في الجامعات الأهلية بإنقاص وتخفيض القبول في المجموعات الطبية الأهلية .. ولأهمية الموضوع، ننشره هنا .. إليكم المقال كما نشر : إنقاص وتخفيض معدلات القبول في المجموعات الطبية الأهلية .. ضرورة أم لا ..؟!
رأي الحقيقة
لا أحد ينكر أن الرصانة العلمية والحفاظ على مستويات عالية من الجودة في التعليم العالي، لاسيما في التخصصات الطبية والصحية، يعد خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه. فسلامة المجتمع وحقه في إعداد كوادر مؤهلة هو أولوية عليا، والجامعات يجب أن تبقى حصناً للمعرفة الرصينة لا تُفرط بمعاييرها ولا تساوم عليها.
لكن في الوقت ذاته، لا يمكن إغفال حقيقة أن التعليم ليس امتيازاً للنخبة وحدها، بل هو حق عام، خصوصاً حين يتعلق الأمر بأبناء الطبقات الوسطى والفقيرة الذين يمتلكون الرغبة والقدرة على دراسة الصيدلة وطب الأسنان، لكنهم يحاصرون بجدار المعدل المرتفع. هذه الشريحة الواسعة من الطلبة تجد نفسها مجبرة على الابتعاد عن أحلامها أو التوجه إلى تخصصات لا تنسجم مع طموحاتها، وربما الهجرة خارج العراق بحثاً عن فرصة تعليمية.
إن الجامعات الأهلية وجدت لتكون رديفاً للتعليم الحكومي، وتمويلها قائم على أقساط الطلبة وليست عبئاً على خزينة الدولة. كما أن العديد منها بات يمتلك بنية تحتية جيدة وكوادر تدريسية قادرة على تخريج طلبة مؤهلين وفق المعايير العالمية. من هنا، تبدو الدعوة إلى إبداء قدر من المرونة في معدلات القبول مطلباً منصفاً، شرط أن تكون هذه المرونة محسوبة ومدروسة بما يحفظ التوازن بين صرامة الجودة الأكاديمية، وبين عدالة منح الفرص التعليمية.
إننا بحاجة إلى مقاربة أكثر شمولية في هذا الملف، مقاربة تعترف بقدسية المعيار العلمي، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن العدالة الاجتماعية لا تقل قدسية. إن منح أبناء العراق، لا سيما من هم أقل حظاً اقتصادياً، فرصة للحصول على تعليم طبي جيد في وطنهم، سيعود بالنفع على المجتمع بأسره من خلال رفده بكوادر وطنية مدرَّبة ومؤهلة. ونظن أن التحدي الحقيقي أمام وزارة التعليم العالي يكمن في صياغة معادلة جديدة، فيها رصانة لا تُمس، وعدالة لا تهمش.
هذه هي الصيغة التي من شأنها أن تجعل التعليم الأهلي الطبي مساحةً للتكامل مع التعليم الحكومي، لا بديلاً هجيناً ولا عبئاً إضافياً، بل جسراً يربط بين حلم الطلبة واحتياجات الوطن. لذا سيكون إنقاص وتخفيض معدلات القبول في المجموعات الطبية الأهلية أمراً يستحق النظر اليه بعين الاهتمام وليس بغيرها .. مع وافر الاحترام.
*
اضافة التعليق