نقلاً عن جريدة الحقيقة: العراق أبرز الرابحين من توقف القتال بين إيران والكيان الصهيوني

بغداد- العراق اليوم:

 بعد أيام مريرة، توقف أخيراً القتال العنيف بين إيران والكيان الصهيوني، لتتنفس المنطقة الصعداء بعد أن كانت على شفا اندلاع حرب عالمية ثالثة. ووسط هذا المشهد المتأزم، ظهر العراق كأحد أبرز الرابحين من انتهاء المواجهة، ليس فقط لتجنبه ويلات الصراع، بل لدوره الإيجابي في نزع فتيل الأزمة.

المعركة التي دارت رحاها على مدار أيام أثارت الهلع في الشارع العربي والدولي، وبلغت القلوب الحناجر كما يقال، إذ بدت وكأنها لن تنتهي إلا بإحراق المنطقة برمتها. 

منذ اللحظة الأولى، كان العراق تحت المجهر، باعتباره ساحة محتملة لتصفيات الحساب أو نقطة انطلاق لردود الفعل، بسبب موقعه الجغرافي الحساس وتشابك علاقاته مع الأطراف المتصارعة.

لكن ما حدث كان أشبه بالمعجزة، كما يصفه مراقبون، فقد نجا العراق من الانزلاق إلى قلب المواجهة، وتمكن من النأي بنفسه عن أي اصطفاف عسكري، وظل محايداً إيجابيا، حافظ على سيادته واستقراره، ولعب في الوقت ذاته دوراً دبلوماسياً فاعلاً خلف الكواليس.

الحنكة السياسية التي أظهرها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في هذه الأزمة، كانت حاسمة، إذ تبنى سياسة متوازنة، رفض فيها الانجرار لأي محور عسكري، وحرص في الوقت نفسه على حماية العراق من أن يكون ساحة صراع أو هدفاً لضربات متبادلة.

من الواضح أن العراق يتبع الآن سياسة جديدة تقوم على تعزيز الأمن الداخلي، وتكريس استقلالية القرار العراقي، دون التفريط بعلاقاته الإقليمية، وهذا ما تجلى بوضوح خلال هذه الأزمة.

مصدر دبلوماسي في بغداد كشف لنا أن العراق كان أحد الأطراف التي دفعت بقوة خلف الكواليس لإيقاف إطلاق النار، مستخدماً قنواته مع طهران من جهة، وعلاقاته الإقليمية والدولية من جهة أخرى.

و أضاف المصدر أن "الحكومة العراقية أرسلت رسائل غير مباشرة للطرفين مفادها أن أمن العراق خط أحمر، وأن أي تصعيد على أراضيه سيقابل برد سياسي ودولي، كما شارك ممثلون عراقيون في محادثات إقليمية شجعت على التهدئة".

من ناحية ميدانية، فإن تجنب العراق للمواجهة جنبه خسائر اقتصادية وأمنية فادحة دون شك. 

و بحسب خبراء أمنيين ، فإن "أي انزلاق عسكري داخل الأراضي العراقية، سواء بضربات مباشرة أو عبر نشاط جماعات مسلحة، كان سيكلف البلاد استقرارها النسبي، ويعيدها إلى مربع الفوضى الذي حاولت الخروج منه طيلة السنوات الماضية".

ويضيف الخبراء : "كان العراق في مرمى الاحتمالات، لكن السياسة المتبعة هذه المرة حصّنته من النيران الإقليمية، وهو ما يعد مكسباً كبيراً".

لم يكن العراق صامتا، بل كان الأعلى صوتاً في رفض هذه الحرب، و الأكثر وضوحاً في مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه وقف التصعيد. وقد أدان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشدة ووضوح، في أكثر من مناسبة، استمرار القتال، محذراً من تداعياته على المنطقة برمتها.

وكان السوداني قد أكد في تصريحاته الأخيرة أن "المنطقة لم تعد تتحمل حروباً جديدة، وأن من مصلحة الجميع التوجه نحو التهدئة والحلول السياسية"، وهو الموقف الذي حظي باحترام عدد من العواصم الغربية والعربية.

يرى مراقبون أن ما جرى مؤخراً يؤكد تغيّر موقع العراق في الخارطة السياسية الإقليمية، من بلد يتلقى نتائج الصراعات إلى لاعب يمتلك أدوات دبلوماسية مؤثرة.

وهذا ما انعكس على صورته في الإعلام الدولي، حيث جرى ذكر العراق كدولة تمكنت من البقاء خارج دائرة النار، بينما غرق الآخرون في التصعيد.

علق هنا