رسالة إلى صديق (منحرف): إذا لم تكن مع إيران فلا تكن مع إسرائيل ..!

بغداد- العراق اليوم:

افتتاحية جريدة الحقيقة

فالح حسون الدراجي

لأنك صديقي، وبيننا أكثر من وشيجة، وتاريخ جميل، أكتب لك هذه الرسالة بعد أن وجدتك تركض مسرعاً وفرحاً نحو محطة العار .. تلك المحطة التي لن يكون فيها سوى الخونة والسفلة وفاقدي الضمير، وناقصي الذمة والعقل والأخلاق ..

أكتب إليك بصدق وحرص وخوف .. ليس لأنك كنت صديقي يوماً ما فحسب، إنما أيضاً لأحذر أمثالك من خلال سطورها، وأنبه كل من لا يعرف حجم العار الذي سيلحق به وبأهله ..

في البدء أقول لك ناصحاً : أن تحب إيران أو تكرهها فهذا شأنك وحدك ولا أتدخل فيه أبداً، ونفس الكلام أقوله حول موقفك من النظام الحاكم في إيران

أو  أي نظام في العالم، فأنا حين ارفض الإملاء عليٌ من قبل أية جهة، واستنكر كل محاولة لإجباري وإكراهي على السير في طريق لا يتفق مع مساري، ورؤيتي وتفكيري، فإني في ذات الوقت أرفض آجبار غيري على قبول رأيي، أو  السير في خطي، وإتخاذ ذات موقفي.. وقديماً قالها الشاعر أبو الأسود الدؤلي :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم.

لذا، فإن القرار يبقى قرارك أنت، والرأي رأيك فحسب، وسأحترم كل ما تقرره، بما في ذلك معارضتك للنظام الإيراني إن قررت معارضته.

لكن أمراً واحداً لن أسمح لك به أبداً، وسأعارضك فيه بقوة.. ليس لأنه أمر خطير جداً فقط، ولا لإن ضرره سيصيب الجميع دون استثناء فحسب، إنما لأن فيه عاراً شنيعاً لن تمحوه السنين، ولا تغسل إثمه كل بحار الدنيا وأنهارها..

وثق بأني سأفعل - لأجلك- كل ما يمكن فعله لأبعدك  عن هذا الزلل، وأمنعك من السقوط بوحل هذا الجرم، وأقصد بذلك وقوفك مع الكيان الصهيوني في حربه العدوانية على الجارة ايران.

فما تنشره اليوم من منشورات داعمة للكيان الصهيوني الغاصب، وما تروج له من إشاعات واخبار  كاذبة حول سير المعارك الدائرة حالياً بين ايران واسرائيل، هو عار ما بعده عار، وفضيحة، بل وجريمة يحق لي محاسبتك عليها بقوة.. وقد تسألني: وما علاقتك بالموضوع، وأنت (عراقي)، بينما الحرب تجري بين بلدين أجنبيين، أحدهما فارسي والآخر صهيوني؟!

وقد تسألني أيضاً وتقول : وأين ديمقراطيتك التي تتفاخر بها، ثم من منحك الحق لتمنع مواطناً يمارس حقه الدستوري والشخصي بل وتريد محاسبته بقوة ؟!

وسأجيبك يا ( صديقي ) وأقول لك: ان القضية تعنيني كأنسان حر اولاً، وكعراقي ثانياً , و تعني المواطن الإيراني بنفس الدرجة ونفس الشعور، وكما تعني أيضاً الفلسطيني الحر، والسوري واليمني واللبناني وكذلك المواطن المصري وغيره، بل وتعني  أي إنسان حر يحترم إنسانيته في هذا الكوكب.. فاسرائيل كيان صهيوني غاصب محتل، ونظام قاتل، ومشروع توسعي مزدحم بكل مفردات الجريمة وقواميس القتل والدم .. ولهذا المشروع الصهيوني  أنياب فولاذية، وأطماع شريرة ومجنونة لن تقف عند حد معين، ولا تكتفي باحتلال منطقة محددة .. فهو خطر إقليمي وكوني أيضاً.. وما ( إيران ) التي تتصدى اليوم للعدوان الصهيوني، إلا تلك الصخرة الكبيرة التي تقف في طريق الزحف الصهيوني، وتمنع إبتلاع دول المنطقة، بدءاً من العراق والشام الى دول النيل وأرض اليمن السعيد، بل وحتى بلدان الخليج - وهذه حقيقة يجب أن يعرفها أهل الخليج قبل غيرهم- حتى لو أغضبتهم.. وأنا حين أدافع هنا عن إيران بتصديها للعدوان الصهيوني، فإني أدافع بذلك ضمناً وبالضرورة عن العراق، وعن كرامة العرب، وعن الإنسانية برمتها .. لذا فإن الوقوف مع المجرم نتنياهو، وطغمة تل أبيب في عدوانها على إيران، هو في الحقيقة وقوف صريح مع عدو العراق، وعدو الشعوب العربية، وعدو الشعوب الحرة قاطبة .. 

فكيف تريد مني أن أكون متسامحاً وديمقراطياً مع من يدعم عدوي ويساعده، على قتلي، بل ويشحذ له السكين ليذبح بها أطفالي في منحر الصهيونية، وهل في الدنيا شخص سوي، عاقل، شريف يرضى ويقبل بخائن بين صفوفه؟!

إن وقوف - أي عراقي كان - مع الكيان الصهيوني في عدوانه على بلد مستقل، وشعب صديق، تربطنا به روابط عديدة، وإسناد جيش فاشي، يسعى عاجلاً أم آجلاً لاحتلالنا، وفي مثل هذه الظروف العصيبة، هو  برأيي خيانة عظمى يحاسب عليها القانون ، وجريمة وطنية واخلاقية وانسانية شنيعة.

أنا لا أطلب منك ولا أجبرك ان تقف مع إيران في حربها مع اسرائيل، لكني أطلب منك فقط ان لا تكون مع الكيان الصهيوني الغاصب، في عدوانه هذا .. ولعمري فإن هذا أضعف الإيمان ..

وللأمانة - وليس للمقارنة - أذكر بكل كلمات الشرف والتقدير موقفاً فذاً لعراقي أصيل، كان يحمل رتبة لواء طيار في الجيش العراقي السابق، وهو أيضاً شخصية رياضية معروفة وعامة.. عمل في اللجنة الأولمبية بعد سقوط النظام الصدامي. فهذا الرجل الذي أتواصل معه يومياً عبر الواتساب، فضلاً عن كونه صديقاً عزيزاً  لي، يمدني بعدد غير قليل من الفيديوهات والمنشورات الداعمة بقوة لإيران في حربها ضد الكيان الصهيوني.. وينشر بومياً عشرات المقالات والصور والتعليقات المساندة لإيران في تصديها الباسل.. وللحق فإن قلب الرجل مع إيران بصدق وشجاعة، وفؤاده محروق حزناً وألماً بسبب موقف الحكومات العربية المتخاذلة من هذه الحرب، و صدره متوهج بشعاع الحب المضيء بكل ما يسطره ويقدمه الشعب الإيراني من تضحيات في هذه المعركة المصيرية.. ولا يفوت الرجل يوماً قط دون دعاء مؤثر يبعثه لي ولجميع أصدقائه في الواتساب، أو آيات قرآنية وأحاديث نبوية فيها حث على دعم الحق وأصحاب الحق في ايران وغزة ولبنان ضد الغاصب الصهيوني، وفيها تشجيع على الصمود والصبر حتى تحقيق النصر على الغزاة الصهاينة.. ولعل الجميل في الأمر ان الرجل من ( أبناء السنة ) الذين لا تربطهم بأيران مصلحة، ولا لهم منفعة، ولا ينتظرون من طهران أو أتباعها جزاءً أو شكورا ، ولا هو من الذين يبحثون عن  منصب، أو يسعون لنيل هدية، أو مكرمة، فالرجل متقاعد وطاعن في الشيخوخة، وما يفعله ويقدمه اليوم من دعم لإيران، إنما يأتي نتيجة لإيمانه بعدالة القضية التي يدعمها، وبسبب إنسانيته التي تجعله يقف مثل هذا الموقف الجريء، الذي ربما لن يعجب الكثير من  أصحابه ورفاقه و بيئته .. 

ولا أخفيكم السر، فقد تمنيت ان أكشف عن إسمه الصريح وأعلنه أمام العالم، لولا خشيتي من زعله ربما، فالرجل كما أعرفه لا يحب   ( الطشة )، ولا يحب عالمها الذي يراه البعض للأسف أهم وأفضل من جميع أواصر  المحبة والقيم النبيلة في مجتمعنا.

علق هنا