بغداد- العراق اليوم: محمد رسن:
في خضم ما نعيشه من تعقيدات الحياة، وقسوة المشهد اليومي، تبرز بين الحين والآخر قضايا تنويرية، تخفف على الروح وطأة الانهاك، وتمنحنا شعوراً بأن الخير لا يزال حياً، وأن الإنسان في جوهره قادر على أن يكون شعلة في عتمة الواقع، من بين هذه النماذج المضيئة، يبرز اسم المفوض وسام عبد الكريم الربيعي، أحد منتسبي قيادة شرطة محافظة بغداد، الرصافة، قسم العلاقات والإعلام، رجل بدأ بخطوة بسيطة، فكان لها أثر بالغ، أسس مجموعة تواصل صغيرة جمعت أهالي منطقة حي تونس، ولم يكن يعلم أن تلك البذرة المتواضعة ستكبر وتزهر، لتشمل مناطق عديدة، وتتحول إلى منبر للنجدة، والعون، والتلاحم الإنساني، لم يبدأ وسام بمبادرات ضخمة، بل كانت خطواته الأولى في مساعدات بسيطة، لكن صدقه وإخلاصه وأمانته سرعان ما لفتت الأنظار، فأقبل الناس عليه ووثقوا به، وبدأت التبرعات تتوافد بين يديه، فأصبح انموذجا للعطاء، يرمم لوعات المهمشين ويخفف أحمال المعوزين، ويهرع لمناداة كل ملهوف وجائع وصاحب مصيبة، بلغ من تفانيه أن نادراً ما ينام نوماً هادئاً، لأن أي مناشدة تصله عبر المجموعة، تكون نداء واجب لا يحتمل التأجيل، وقد توسعت مبادراته لتشمل التبرع لعلاج المرضى، وتوفير تكاليف العمليات الجراحية، وتلبية نداءات الكرامة الإنسانية من دون كلل أو تردد، ولم يكتفِ بتوزيع السلات الغذائية والعطاء المادي، بل أخذ على عاتقه أن يجوب أحياء منطقته، يرصد الأعطال في الكهرباء والماء وغيرهما، فيتواصل مع المعنيين، ويتابع مشاكل النظافة بالتواصل مع البلدية، ويتدخل في كل ما يشوه صورة الحي ناصحا، وموجها، حتى غدا وكأنه مؤسسة كاملة في جسد إنسان واحد، وسام لم يكن مجرد فرد يبذل جهدا تطوعيا، بل مثالاً حياً لما يجب أن يكون عليه الإنسان في مجتمعه، روحاً مبادرة، وعيناً ساهرة، وضميراً يقظاً ، ولو أن كل فرد في هذا الوطن أخلص كما أخلص وبادر كما بادر، لكانت بغداد أجمل، ولانحسرت كثير من معاناتها، إنه ليس مجرد منتسب، بل علامة مضيئة في جسد هذا الوطن، نموذج للإنسان الذي قرر أن يصنع الفارق، ففعل وصار شعلة يقتبس منها الآخرون أملاً وإيماناً، وأحسنت وزارة الداخلية صنعاً، حين جسد معالي وزير الداخلية المحترم عبد الأمير الشمري أسمى معاني التقدير بتكريم المنتسب بدرع التميز والابداع على جهوده الإنسانية، إنها رسالة بليغة مفادها أن الوفاء لا يقاس فقط بأداء الواجب، بل بحضور الضمير في البيت والحي والمجتمع، تكريم يعكس رؤية وزير يؤمن بأن الجندي الحقيقي هو من يحمل همّ الإنسان أينما كان، ولذلك غدت هذه المبادرة دعوة صامتة لكل منتسب كونوا قدوة تحتذى، لا في الميدان فحسب، بل في الحياة كلها.
*
اضافة التعليق