بغداد- العراق اليوم:
في مشهد يعيد إلى الواجهة أخطر الأسئلة حول مستقبل العملية السياسية في العراق تتصاعد المخاوف من مسار يمكن وصفه بتفكيك ممنهج للديمقراطية وتحويلها إلى إطار شكلي بلا روح ولا مضمون فالديمقراطية لم تعد تستهدف اليوم بالدبابات والانقلابات العسكرية بل تُغتال ببطء عبر إجراءات غير قانونية وآليات تلتف على الدستور وتفرغ إرادة الناخبين من معناها الحقيقي
ما يجري اليوم ليس خلافا سياسياً عابراً بل هو انقلاب ناعم على نتائج الانتخابات فكل دورة انتخابية تنتهي بالسيناريو ذاته، فائز اول يتم تهميشه، ونتائج يجري الالتفاف عليها، وتحالفات تصنع خارج منطق الصندوق لتفرض مرشحاً لم يمنحه الشارع ثقته وربما لم يخض اساساً سباق الانتخابات ..!
هذا السلوك المتكرر لم يعد خافياً على أحد بل اصبح نمطاً ثابتاً يقوض جوهر الديمقراطية ويضرب مبدأ التداول السلمي للسلطة في الصميم، والأخطر من ذلك ان هذا المسار بات يتكرس داخل البيت السياسي الشيعي نفسه حيث يتم تجاوز ارادة الجمهور لصالح تفاهمات مغلقة لا تعكس وزن الشارع ولا خياراته ..
امام هذا الواقع يقف الناخب العراقي اليوم امام سؤال مصيري لماذا نشارك في الانتخابات اذا كانت النتائج لا تحترم، ولماذا أذن نخرج بالملايين الى صناديق الاقتراع اذا كانت قراراتنا تصادر لاحقا في الغرف المغلقة، ولماذا لا تتفق القوى السياسية مسبقاً على اسماء مرشحيها اذا كانت لا تؤمن بنتائج التصويت ولا تعترف بمن يمنحه الشعب ثقته
ان اخطر ما في المشهد الحالي ان تنجح محاولة اقصاء الفائز الانتخابي هذه المرة أيضاً بعد أن حصل السوداني وقائمته على اعلى الاصوات، وهذا يعني عمليا اعلان واضح لوفاة الديمقراطية في العراق وبذلك يتأكد للعدو والصديق ان الانتخابات لم تعد وسيلة للتغيير بل اداة تجميل لقرارات معدة سلفا
لقد شهد العراقيون في الانتخابات الاخيرة نسبة مشاركة غير مسبوقة منذ عام 2014 وهو ما عكس املاً حقيقياً بامكانية التغيير عبر الصندوق لكن تحويل هذه المشاركة الى مجرد رقم بلا اثر سياسي سيقود حتماً الى عزوف واسع في الاستحقاقات المقبلة ويعمق الفجوة بين الشعب والعملية السياسية
ما يجري اليوم هو لحظة اختبار حقيقية، فأما احترام ارادة الناخب والالتزام بنتائج الانتخابات مهما كانت او المضي في طريق خطير يحول الديمقراطية الى مسرحية هزيلة ويقضي على ما تبقى من ثقة الناس بالدولة ونظامها السياسي ..فالرسالة اليوم واضحة وصريحة يا قادة الاطار التنسيقي، مفادها أن لا تطلقوا رصاصكم على رؤوس الناخبين ولا تقتلوا الديمقراطية التي دفع العراقيون ثمناً باهظاً من اجلها، فالتاريخ لن يرحم من يجهز على اخر ما تبقى من أمل في هذا البلد.
*
اضافة التعليق
إلى الباحثين عن الضعفاء.. لا تضيعوا فرصة تاريخية على العراق
مصدر مطلع في رئاسة الوزراء ينفي إشاعة توقف صرف رواتب الموظفين
قيادي في الاعمار والتنمية: السوداني الأقرب لتشكيل الحكومة و الأمر سيحسم خلال الأيام المقبلة
إلى بعض قادة الإطار بلا تحية.. الضعيف لا يصلح رئيساً للوزراء حتماً
السوداني: التنوع مصدر قوتنا ضد الفتن
حنان الفتلاوي تحذر الإطار التنسيقي من خطورة تكليف رئيس وزراء بلا كتلة تحميه