انتخابات أم إعادة تدوير النفوذ؟ مقاربة في المجتمع والسلطة والقوى المدنية

بغداد- العراق اليوم

جاسم الحلفي

التقييم في هذه المرحلة يمثل ضرورة منهجية لفهم الحدث وتداعياته، غير أن أي تقييم أحادي أو انطباعي قد يكون مضراً، ما لم يستند إلى مقاربة علمية موضوعية تتناول الظاهرة في أبعادها كافة، وبروح نقدية واضحة. ويمكن مقاربة المشهد عبر ثلاثة مستويات مترابطة:

المستوى الأول:

تحليل بنية المجتمع العراقي في ضوء سياسات ما بعد 2003، وما خلفه الفساد من آثار عميقة على النسيج الاجتماعي،  والتدخل الخارجي، والحاجات المتراكمة للناس، والضغوط الاقتصادية، والمظاهر السلبية التي انعكست على منظومة القيم. يتيح هذا المستوى فهم السياقات التي أعادت تشكيل السلوك الانتخابي والخيارات العامة.

المستوى الثاني:

تحليل طبيعة الطغمة الحاكمة والقوى المتنفذة، من حيث تشكيلها وسلوكها السياسي، وآليات نفوذها، وامتلاكها للسلاح والمال، واستغلالها للسلطة. ويرتبط بهذا المستوى تشخيص اتساع الفجوة الطبقية واتساع مظاهر الثراء الفاحش، وتوظيف الموارد المالية في ضبط المجال السياسي وإعادة إنتاج السلطة.

المستوى الثالث:

دراسة القوى المدنية بهياكلها وتحالفاتها وقواعدها الاجتماعية ورموزها وقياداتها، ومراجعة أنماط عملها وأنشطتها. ويشمل هذا المستوى تقييم قدرتها الواقعية على مواجهة الطغمة المتنفذة، هل تعتمد على القوانين الانتخابية المفصلة لإعادة إنتاج السلطة؟ أم تبحث عن أدوات بديلة؟ وما موقعها في الشارع العراقي؟ وكيف تتبنى قضايا الناس وتحولها إلى قوة ضغط منظمة؟

هذه المستويات الثلاثة، إذا ما جرى تحليلها بتكامل، تقدم إطاراً علمياً لفهم اللحظة السياسية الراهنة، وتساعد في بناء رؤية نقدية تتجاوز الانطباعات إلى قراءة موضوعية عميقة.