البصرة - العراق اليوم:
هل هناك اكثر كوميديا سوداء مما يجري الان في مؤسسات الدولة، وشركاتها الحساسة، ومفاصلها الحيوية، هل هناك "عهر" وظيفي اكثر من هذا الذي يمارس تحت سيادة القانون !، نعني قانون الفاسدين وسراق المال العام، وناهبي قوت الشعب، حتى بات الفساد في معادلة عراق اليوم، قاعدة، وكل ما عدا هذا استثناء !
في البصرة المدينة الاغنى في العالم، لا تترك عينك منذ ان تطأ اقدامك ترابها الساخن، صور البؤس والدمار والفقر والجوع !، وكأن البصرة عيس العراق ! التي يقتلها الظمأ !
لكن هذه ليست كل الصورة، فالى جانب هذه الصورة، ثمة ثراء فاحش، وتلذذ وحشي من قبل سدنة الفساد العظيم الذين اوغلوا فساداً ونهباً، لن نطيل، ولكنك ستفاجئ أينما تمضي في مفاصل شركة نفط البصرة مثلاً ، وستسمع الموظفين والعمال يتحدثون عن (ملكية) هذه الشركة، وعن تسجيلها في دائرة العقاري (طابو صرف) باسم مديرها العام حيان عبد الغني، وعائلته الكريمة.. فالرجل لم يترك أخاً ولا أختاً ولا إبناً ولا بنتاً له، لم يوظفها في (شركته، وشركة آبائه وأجداده)!!
فها هم أبناؤه، آمنة حيان، وبتول حيان، وزبرجد حيان، وثقيف حيان، يشغلون وظائف مرموقة في الشركة، كما تعمل في الشركة أيضا، زوجته (قبيلة كامل)، وأخوه (حارث عبد الغني)..ألم أقل لكم أنها ملك صرف لآل حيان عبد الغني؟!.
والمصيبة أن مساعدي مدير عام الشركة، تلاميذٌ ماهرون تفوقوا على أستاذيهما، المدير الحالي حيان عبد الغني، والمدير السابق ضياء جعفر الموسوي، فالتزموا خطهما في الفساد التزاما تاماً، باعتبار أن حيان وضياء ، أستاذان كبيران في علم الفساد، بل هما مدرسة يتخرج منها كل يوم، صف من صفوف الفساد، في هذه الشركة المنهوبة من "هالفچ لهل الفچ"..
وللمفارقة فإن الحكومة الحالية ، أمرت بترقية ضياء جعفر الموسوي، وتعيينه بمنصب وكيل وزير النفط .. - شفتوا شلون الكفاءات مطلوبة ومرغوبة لدى حكومتنا الوطنية، خصوصاً الكفاءات الكبيرة في السرقة- !!.
لذلك عشّش الفاسدون والمرتشون واللصوص، في رأس شركة نفط الجنوب تماماً، بحيث لم يعد هناك مجال لمعاوني مدير عام، أو مدراء هيئات، أو وكلاء مدراء هيئات، أو رؤساء أقسام، في الخلاص من آفة الفساد.. لاسيما وأن النزيه -إن بقي أحدٌ منهم نزيهاً -لن يظل في منصبه مهما كان ناجحاً ومقتدرا في عمله..
وبالمناسبة، فإن تعيين حيان عبد الغني، مديراً عاماً لشركة نفط البصرة، قد جاء بترشيح من (معلمه) ضياء جعفر الموسوي.. فـ"السيد" أراد أن يأتي بمن مثله في المواصفات، لاسيما وأنه صاحب اكبر فضيحة في تاريخ شركة نفط الجنوب، واقصد بها فضيحة الـ (يونا اويل) المدوية، التي هزت أركان القطاع النفطي، يوم تسلم ضياء الموسوي رشوة بما يقارب الأربعين مليون دولار عن صفقة واحدة .
ولأن الفاسد في وزارة النفط يحظى دائماً بالأهمية والإمتياز خصوصاً إذا كان كبيراً مثل ضياء جعفر، لذلك توسّط (السيد) ونجح في وساطته بتوريث منصبه لشخص يثق به، تتوفر فيه جميع (المواصفات المطلوبة) .. وهل هناك شخص غير حيان عبد الغني تتوفر فيه مثل هذه المواصفات؟.
وهكذا أورث الفاسد لوريثه الفاسد منصباً، هو بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً.. ولم يكذّب حيان خبراً، فقد عمل بقوة وجد واخلاص على ان يكون (خير خلف لخير سلف) وبمستوى (الثقة) التي منحها له (عمه) الموسوي، وهكذا تربّع حيان عبد الغني على عرش الفساد في شركة نفط البصرة بجدارة ، تساعده شلة لا تقل عنه فساداً، ولامهارة ، في عمليات (الشفط واللفط) وسنأتي لاحقا على ذكر هذه الشلة بالأسماء والمواقع والسرقات، واحدا واحدا، والله من وراء القصد ..