بغداد- العراق اليوم:
كشف الثائر اليساري الفنزولي الشهير كارلوس، الذي يقول عن نفسه إنه «الثائر المحترف» والذي يصفه خصومه بـ»الإرهابي الأول في العالم»، مؤخراً عن معلومات تاريخية مثيرة، حيث تحدث عن قصة حياته مضمّنا تفاصيل جديدة عن أحداث تاريخية شهيرة في سلسلة لقاءات أجراها معه الكاتب الفرنسي لاسلوا لزكاي.
هذه اللقاءات التي تمت في سجنه بفرنسا ستكون محور كتاب سيصدر خلال أسابيع مقبلة. وقد تحدث الكاتب السوري فاروق مصارع وهو مشرف النسخة العربية للكتاب عن أهم ما قاله كارلوس في هذه الشهادة التاريخية التي تحمل روايته الجديدة لاحداث قديمة متصلة بالقضية الفلسطينية.
كان كارلوس يسخر من قضاة محكمته بقوله: «حضرات القضاة، أنا منذ صغري ثائر محترف، وإذا أردتم الحكم علي لديكم ثلاثة خيارات، إما أنني بريء أو مذنب، وهناك خيار ثالث: اللعنة عليكم جميعا».
وحسب ما نشر سابقا عن كارلوس فهو قد أسلم عام 2003، وقد تحدثت زوجته المحامية الفرنسية ايزابيلا في كتابها السابق عن كارلوس والذي صدر عام 2004 أنها تزوجته حسب الشريعة الإسلامية في سجنه بفرنسا، لكنها عادت لتؤكد أن الزواج منه كان لغرض الدعاية الإعلامية.
لكن فاروق مصارع الكاتب والصحافي السوري المشرف على النسخة العربية من كتاب كارلوس الجديد يكشف أن كارلوس قال في شهادته إنه أسلم منذ منتصف السبعينيات خلال وجوده في معسكرات اليمن.
ونقل عن كارلوس في السنوات الأخيرة إعجابه ببن لادن، واهتمامه بما أطلق عليه «الإسلام الثوري»، ولكن كارلوس ذكر أنه فكر عام 1974 في خطف بن لادن (بعد أن انتبه لزياراته إلى لبنان مع إخوته، حيث كانوا يأتون للتزلج في جبال الشوف بلبنان) للحصول على فدية بـ 500 مليون دولار من عائلة بن لادن الثرية لدعم عمليات «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وأمضى أسابيع يراقب أماكن تواجد عائلة بن لادن، لكن اعتقال فرنسا أحد قياديي منظمة «الجيش الأحمر» في باريس والذي كان يعد لهجوم على طائرات شركة الطيران الإسرائيلية «العال»، وبحوزته أرقام هواتف خلية كارلوس في أوروبا ومعظمهم من الجبهة الشعبية، كل ذلك أفسد خطته لخطف بن لادن.
وكرد على هذه العملية سافر كارلوس لفرنسا لتنفيذ عملية مطار اورلي ردا على اعتقال الفرنسيين لرفيقه اليساري الياباني، وهي إحدى العمليات التي ما زال يحاكم من أجلها في فرنسا اليوم، حيث قتل خلالها شرطيين فرنسيين. ويتحدث فاروق مصارع عن رواية كارلوس لهذه العملية قائلا «عام 1974 وبعد مراقبة مطار أورلي الفرنسي، جهز كارلوس خطة لإطلاق صاروخ سام 7، كان برفقته ثلاثة أشخاص، وعندما بدأت طائرة العال بالإقلاع، حصل تأخير لدى رامي صاروخ السام، لم يفتح جهاز التعقب بسرعة، وكانت الطائرة قد ابتعدت، وعندما أطلق الصاروخ أصاب الجناح ولم يصب الطائرة، وأخذ صاروخا ثانيا ليطلقه، فأصاب طائرة يوغسلافية».
ويروي كارلوس بعدها تفاصيل قيامه بإعدام أحد رفاقه في العملية وهو ميشيل مكربل بتهمة التعامل مع الفرنسيين، فبعد فشل العملية واعتقال ميشيل، قام بتوجيه الشرطة الفرنسية للبيت الذي يحوي الأسلحة التي خبأها كارلوس ورفاقه، وعندما جاءت الشرطة الفرنسية للمنزل كان كارلوس متواجدا فيه مع صديقته الكولومبية التي تزوجها لاحقا، ولم تتعرف الشرطة الفرنسية على كارلوس، لأنه حتى ذلك الحين لم يكن أي جهاز أمني يملك صورة واضحة لكارلوس، ولكن ميشيل مكربل أبلغ الشرطة بهويته، وحين حاولت الشرطة اعتقال كارلوس أطلق النار على شرطيين، ثم أطلق النار على رفيقه ميشيل برصاصتين بين عينيه، وهي العقوبة التي اتفق عليها أعضاء الجبهة الشعبية كعقوبة للخائن كما درجوا على ذلك، قبل أن يوضح موقفه عن سبب قتله لرفيقه ميشيل أمام جورج حبش ووديع حداد لاحقا حسبما يروي كارلوس.
بعد حرب الخليج الأولى في أوائل التسعينيات وبينما كان صدام حسين يستضيف العديد من المنظمات المسلحة المعادية للولايات المتحدة، وكانت تجري اجتماعات بين تلك المنظمات لدراسة أطر المواجهة مع واشنطن، خطط كارلوس في تلك الفترة لتنفيذ عمليات ضد أهداف داخل أمريكا، وكانت الدراسة التي أعدها تتضمن إرسال نحو 15 «فدائيا» إلى الولايات المتحدة، وتكليفهم بتجميع لوحات متفجرة (بلاكات) من مزارع ومعامل كانت تنتج في ولاية كارولينا جنوب الولايات المتحدة، وتجميعها كل فترة بوزن أربعة إلى ستة كيلوغرامات، لحين بناء قنبلة ضخمة قادرة على تدمير مركز التجارة العالمي.
الكاتب السوري فاروق مصارع والذي كان حينها أحد مسؤولي التنظيم القومي لحزب البعث العراقي، يعلق على حديث كارلوس هنا قائلا «كانت الحكومة العراقية تريد من استضافتها لكارلوس ورفاقه توجيه تحذير للأمريكيين، بأنها تملك أوراق تهديد إذا هوجمت، ولكن من الواضح أن القيادة العراقية لم تكن معنية جديا بخطة كارلوس لمهاجمة الولايات المتحدة»، ولكن كارلوس وكما ينقل عنه مصارع، يتباهى بأنه «سبق بن لادن بالتخطيط لعملية الحادي عشر من سبتمبر/ايلول بعشر سنين».
كارلوس، الذي يصف نفسه بالمدلل في عراق صدام حسين، لم ينس أن يعلق على أحد القيادات المثيرة للجدل التي كانت معه في بغداد بالتسعينيات، وهو أبو نضال، إذ ينتقده كارلوس بشدة لأن عملياته كانت موجهة ضد الفلسطينيين، ويطلق عليه كارلوس لقب «ملك الرعب المختفي»، ويتعجب من عدم قدرة المخابرات الغربية على اعتقاله، ويتندر قائلاً: «عليهم فقط تركيب جهاز بالمطارات يقوم بكشف رائحة الأرجل الكريهة، وسيعتقلونه حينها بسهولة».
يشار الى ان ثمة معلومات مخابراتية اشارت الى ان لقاءاً ضم صدام حسين ونجله قصي من جهة، والأرهابي الشهير كارلوس من جهة أخرى في الرضوانية أحدى ضواحي بغداد، وقد بحث صدام مع الأخير ملفات مهمة، ومنها تكليفه بتنفيذ عملية أرهابية كبيرة في الولايات المتحدة الامريكية، وان لم يستطع فضد مصالح امريكية في الخليج او مصر ، لكن كارلوس لم يوافق ولم يرفض، وخرج من قصر صدام ولم يعد وقطع كافة اتصالاته به، مكتفياً بالصمت . هذه التسريبات أكدها فيما بعد حسين كامل صهر صدام الذي هرب للأردن في العام 1996 وادلى بمعلومات مهمة عن خطط وتوجهات النظام العراقي ومنها هذا اللقاء وغيره من الأسرار.