بغداد- العراق اليوم: تتقلص المسافة بين الخيال والواقع باضطراد فيما أصبحت ظروف الحياة أكثر راحة وسهولة. تسارع التطور التقني إلى درجة أن تحول البساط السحري إلى واقع عملي لم يعد مستحيلا.
نسجت المخيلة البشرية منذ أزمنة بعيدة بساط الريح بمثابة قوة سحرية ترتفع بأبطالها في الجو وتتحرك بهم فوق الأرض من منطقة إلى أخرى.
تحدت الأساطير الصينية والحكايات الهندية والعربية الطبيعي والمألوف، وتغلبت على قوانين الجاذبية ببساط عادي ولكنه سحري قادر على الطيران والحركة في الأجواء.
حول مثل هذا البساط دارت بعض أحداث ألف ليلة وليلة، ومثل غيرها من الأساطير يبدو أن الوقت حان لتخرج من خانة الخيال إلى عالم المختبرات. أول سجادة سحرية طائرة كانت ظهرت منذ آلاف السنين في الثقافة الصينية من خلال أسطورة الإمبراطور يو. هذا الإمبراطور وفقا للأسطورة، كان أكثر حكام الصين حكمة، وعدلا وقد ازدهرت مملكته بفضل سياساته العادلة وإدارته الماهرة.
خلال احتفال بعيد ميلاد الإمبراطور، مثل أمامه ثلاثة حكماء جاؤوا من بلد بعيد. أحضروا للإمبراطور هدية قالوا إنها سحرية. الهدية كانت عبارة عن سجادة قادرة على الطيران. لم يصدق الإمبراطور مزاعم الغرباء الثلاثة، إلا أنهم أقنعوه بتجربتها. وقف الإمبراطور على السجادة وأمرها بأن تطير، ودهش حين بدأت بالتحرك والارتفاع عن الأرض. أقلعت السجادة بالإمبراطور وهي تأتمر بأمره وتنفذ إشاراته وحلّق بها فوق مملكته. كان الإمبراطور يقود السجادة السحرية الطائرة بحركات خفيفة من يديه.
الأسطورة ذكرت أن الإمبراطور استعمل فيما بعد هذه السجادة الطائرة في زيارة أرجاء مملكته وتفقد أحوال رعيته، ثم انتقل بها إلى ممالك مجاورة واستعملها في زيارات دبلوماسية.
السجادة الطائرة أو بساط الريح كان انتقل من الشرق إلى الغرب في القرن التاسع عشر وظهرت تجلياته في عدة أعمال أدبية أوروبية، ثم وصل إلى السينما في القرن العشرين وتحول إلى مشاهد أدهشت من جديد الملايين. فكرة الطيران التي وجدت تجليها منذ القدم في بساط الريح دخلت في البداية المجال العملي وتحولت إلى طائرة شراعية ثم تطورت التقنيات وانتقلت بصورتها النموذجية إلى أول طائرة صنعها الأخوان رايت مطلع القرن العشرين.
فكرة بساط الريح السحري عادت مجددا إلى ميدان التجربة، ونجح في هذا الشأن فزيائيون فرنسيون وأمريكيون في تصميم "سجادة طائرة" وهي عبارة عن صفيحة رقيقة من مادة خفيفة الوزن يمكنها الطيران في الجو في اتجاه معين مدفوعة باهتزازاتها الخاصة.
هؤلاء العلماء يحاولون الآن تجسيد الخيال إلى واقع عملي وتحويل صور "الرسوم المتحركة" إلى بساط عجيب يستطيع فعلا التغلب على قوانين الجاذبية والارتفاع عن الأرض والإقلاع والتحليق في الأجواء.
هؤلاء العلماء من خلال دراسة حركة ورقة رقيقة مرنة تتأرجح في سائل، توصلوا إلى استنتاج مفاده أن مثل هذه "السجادة" يمكن جعلها تتحرك في الهواء. وجد الباحثون المختصون أن السجادة إذا كانت قريبة بدرجة كافية من سطح أفقي، فإن اهتزازاتها تتسبب في تدفق الهواء بطريقة تؤدي إلى ارتفاع الضغط بين السجادة والسطح، ما يؤدي دور قوة رافعة.
مثل هذه السجادة لن تكون قادرة على الارتفاع فقط، بل والطيران والحركة. حين تنتشر الاهتزازات عبر السجادة في جانب واحد، فسيؤدي ذلك إلى اتخاذها وضعا مائلا والتحرك إلى أعلى.
هذه التجارب العلمية على سجاد طائر لا تزال في بداياتها، وهي تجري على نموذج صغير جدا بحجم ورقة نقدية. العلماء يؤكدون أنهم أثبتوا إمكانية تحليق سجادة بهذا الحجم أعدت بشكل خاص ذاتيا.
التطور الهام في هذا المجال حققته مجموعة من علماء جامعة هارفارد من خلال صنعهم سجادة من صفائح بولير رقيقة مغطاة بخلايا من أنسجة عضلات الفئران. بواسطة ضخ تيار كهربائي في هذه الصفائح يمكن جعلها تنكمش وتتمدد بشكل دوري والتحرك بواسطة هذه الاهتزازات. بساط الريح في بدايته ولا أحد يدري متى سيقلع أول نموذج في العالم.
*
اضافة التعليق