بغداد- العراق اليوم: كثيرون منا لم ينسوا حتى الآن فيلم "أفاتار" الذي صدر في العام 2009 وتعرفنا فيه على كوكب "باندورا" الذي تسكنه كائنات مسالمة زرقاء اللون تسمّى "نأفي"، وتعلّقنا بأبطاله غير البشريين، وآمن كثيرون بوجود حياة على كواكب أخرى.
في أميركا، ثمة من يتحدّى تلك الانطباعات ويصفها بأنها سراب!
كشفت دراسة حديثة أجرتها "جامعة كولورادو بولدر" ونُشرت في موقع "ساينس دايلي" scitechdaily بأن بعض المواد البيولوجية التي رُصدت في الكون واعتُبرت بمثابة "بصمات" على وجود أشكال حية، يمكن أن تُصنع في المختبر على الأرض.
إعادة النظر في البصمات الحيوية الفضائية
تتمثل إحدى الطرق في استكشاف إمكانية وجود حياة على كواكب بعيدة عن منظومتنا الشمسية، في دراسة أغلفتها الجوية. يمكن للصور التلسكوبية أن تكشف عن غازات تُعتبر مؤشراً إلى وجود حياة وظروف صالحة للسكن.
وتتحدّى دراسة حديثة أجرتها جامعة "كولورادو بولدر" هذه الفكرة، من خلال إظهار أن أحد الغازات الذي اعتُبر عادةً "بصمة حيوية" عن مخلوقات فضائية، قد يُنتج صناعياً في المختبر. ويعني ذلك إمكانية أن تتشكّل ضمن ظروف معينة لا تتضمن بالضرورة وجود أي كائنات حية.
وأخيراً، نشرت مجلة "أستروفيزيكال جورنال ليترز" Astrophysical Journal Letters المتخصصة في فيزياء الفضاء، ورقة بحثية تفيد بإمكانية تركيب غاز يُعرف باسم "ثنائي ميثيل كبريتيد" dimethyl sulfide، (مركّب كبريتي عضوي تنتجه عادة الميكروبات البحرية) باستخدام الضوء والغازات الشائعة في كثير من الأغلفة الجوية للكواكب البعيدة.
ويقلب ذلك البحث فكرة استقرت طويلاً تربط ذلك الغاز بوجود أشكال حية في الكون البعيد، وبالتالي، لا يعتبره "بصمة حيوية" عن كائنات فضائية.
وأُنجِز هذا العمل بقيادة نايت ريد، أستاذ متخصص في علوم البيئة من معهد "جامعة كولورادو" بولدر"، بالتعاون مع إيلي براون المتخصص في علوم الكيمياء.
يعتقد براون بأن صنع جزيئات ذلك المركب الكبريتي في المختبر، يدلُّ إلى أنها "قد لا تكون علامة على الحياة، بل ربما تصلح إشارة عن وجود شيء ملائم للحياة".
التقدّم في أبحاث تلسكوب فضائي
في العام 2021 أطلقت وكالة "ناسا" تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي. وتتمثل إحدى مهامه في التقاط صور للكواكب خارج النظام الشمسي للأرض، والسعي إلى فهم الغلافات الجوية فيها. ويتصل ذلك بالسعي إلى إجابة عن السؤال عن وجود حياة على تلك الكواكب.
وقد بحثت الدراسة الجديدة في ما يحدث في الغلاف الجوي للكوكب حينما تتفاعل الغازات مع الضوء وتشكّل "ضباباً عضوياً وغازات مرتبطة بها". وركّزت على الجزيئات العضوية التي تحتوي على الكبريت، بما في ذلك "ثنائي ميثيل كبريتيد". وكذلك أوضح ريد أن تلك الجزيئات صُنعت في المختبر ضمن أجواء تشابه تلك الموجودة في الأغلفة الجوية للكواكب الفضائية البعيدة، ما يؤشر إلى عدم حتمية صدوره من كائنات حية فيها.
ولإعادة إنشاء المناخ الجوي للكواكب الفضائية في المختبر، ركّز فريق البحث على محاكاة الأجواء التي يتفاعل فيها ضوء الموجات فوق البنفسجية مع غازات تُعرف أنها موجودة في تلك الكواكب.
في المقابل، أشار ريد إلى أن تلك النتيجة فائقة الأهمية، لكنها اقتصرت على محاكاة نوع واحد من الأغلفة الجوية الفضائية. وبالتالي، ثمة حاجة إلى بحوث أوسع تشمل عدداً أكبر من تلك الأغلفة.
مستقبل بحوث البصمات الحيوية
بالنظر إلى المستقبل، يأمل الباحثون أن تلهم دراستهم العلماء إجراء مزيد من الدراسات المخبرية الأساسية التي تبحث في التفاعلات الكيميائية المتعلقة بالمواد البيولوجية. وقد يتيح تكرار التجارب مع الكبريت، على الرغم من لزوجته ورائحته الكريهة وسُميَّته؛ التوسّع في فهم البصمات الحيوية.
وكذلك يشير براون إلى وجود نوع من الإثارة في قول عبارات مثل "لقد اكتشفنا علامات الحياة في الكون البعيد"، وذلك ما تحدّته نتائج التجربة بشأن إحدى البصمات الحيوية عنها.
*
اضافة التعليق