بغداد- العراق اليوم:
بعد مرور عامين على إعلان ديالى خالية من الإرهابيين ، يعود تنظيم داعش إليها عبر تحالفات جديدة لتعويض خسائره، في تحد لافت لقوات الأمن العراقية واختبار مبكر لمستقبل البلاد عقب استعادة السيطرة على الموصل.
ويرصد متابعون تحركات عسكرية مكثفة للجيش والحشد الشعبي بدأت السبت الماضي في عملية وصفها الموقع المعني برصد تطورات الداخل العراقي بأنها الأكبر في محافظة ديالى منذ طرد الإرهابيين منها.
والغرض من هذه العملية، وفق ما نقل عن مازن التميمي وهو قائد ميداني في قوات الحشد الشعبي ملاحقة خلايا داعش.
أوضح التميمي أن “العملية تقوم بها قوات من الجيش تابعة لقيادة عمليات دجلة واللواء 24 لقوات الحشد، والهدف مناطق الوادي وثلاب وإمام ويس ونفط خانة الواقعة شمال شرق بعقوبة بحثا عن متشددين تسللوا إلى المدينة مؤخرا وتمكنوا من إنشاء مضافات لإيواء الإرهابيين”.
وظهر، نهاية شهر مارس الماضي، عناصر من تنظيم داعش في شريط فيديو من ديالى، وأعلنوا تشكيل كتيبة الفارسي لمحاربة إيران، وطالبوا الشعب الإيراني بالانتفاض ضد نظام ولاية الفقيه، قام أفرادها لاحقا خلال الفيديو بإطلاق الرصاص على صورة تعود إلى سياسيين ورجال دين إيرانيين.
ولفت الكاتب مصطفى حبيب إلى أنه كان مستغربا ظهور مقاتلي داعش في وضع مريح لتسجيل شريط فيديو في مدينة كان من المفترض أن تكون خالية من المتطرفين، إذ أن قوات الأمن العراقية أعلنت مطلع عام 2015 القضاء على داعش في المدينة.
لذلك شكك البعض في مقطع الفيديو ، ولكن الواقع الأمني في ديالى يشير إلى تصاعد المخاطر هناك، في مؤشر إلى هشاشة السلم الاجتماعي في المدينة التي كانت ملاذ التنظيمات المتطرفة طيلة السنوات العشر الماضية.
وجاءت عودة داعش هذه المرة بعد إبرامه تحالفا جديدا مع مقاتلي التنظيمات المسلحة القديمة التي أعلن الانقلاب عليها في أوج قوته قبل ثلاثة أعوام، بينها تنظيم القاعدة وتشكيلات ارهابية عراقية متطرفة، وفقا لضابط في استخبارات وزارة الداخلية العراقية.
ويقول ضابط طلب عدم الإشارة إلى اسمه إن “معلومات مؤكدة تشير إلى عودة خلايا من المقاتلين بعد هروبهم من الموصل، ومهمة هؤلاء إيجاد أرضية لعودتهم إلى ديالى”.
وضم مقاتلو داعش العائدين إلى ديالى قادة بارزين مهمتهم التفاوض مع بقايا عناصر تنظيم القاعدة والتشكيلات المسلحة المحلية من أجل تشكيل تحالف جديد، ويقول الضابط إن “الخلافات كبيرة بين هذه الفصائل بعد إعلان داعش دولة الخلافة إذ أجبر باقي الفصائل على مبايعته أو تسليم أسلحتهم أو القتل، ولكن داعش الآن بات ضعيفا، ولا نستبعد إبرام تحالف بينهم”.
كانت ديالى أول عاصمة للتنظيمات الارهابية في العراق، ففي عام 2004 تأسس أول تشكيل ارهابي في العراق بعد الغزو الأميركي، وأعلن القيادي في تنظيم القاعدة آنذاك أبومصعب الزرقاوي تشكيل فصيل “التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين” الجناح المحلي لتنظيم “القاعدة” العالمي.
ويكمن خطر داعش الجديد عبر سلسلة قرى زراعية كثيفة تمتد من منطقة جغرافية تعرف باسم سنسل شمال بلدة المقدادية وصولا إلى ضواحي بلدة الخالص على نحو هلال يحيط بمدينة بعقوبة مركز المحافظة ومقار الحكومة المحلية والدوائر الحكومية التي هيمنت عليها الأحزاب، بعدما كانت القوى السنية هي الحاكمة قبل 2014.
وخلقت الأزمات التي عصفت بديالى هاجسا أمنيا يصعب تبديده، وأوجدت كسرا في السلم المجتمعي بين السكان. وتتهم العشائر الشيعية نظيرتها السنية بالتعاون مع الإرهاب، وكل حادث إرهابي يتبعه رد فعل عبر عمليات قتل.
وقبل أيام قليلة هاجم مسلحون مجهولون نقطة تفتيش لقوات الحشد الشعبي عند ضواحي بلدة الوجيهية الواقعة على الطريق بين بعقوبة ذات الغالبية الشيعية والمقدادية ذات الغالبية السنية، لم يصب أحد في الهجوم.
ويبدو أن استراتيجية داعش الجديدة في ديالى هي إشعال الطائفية لإدراكه أن السلم المجتمعي بين السكان هش ومعرض للانفجار.
ويقول الملازم في شرطة ديالى باسم العزاوي إن “داعش لم يعد يمتلك ترسانة عسكرية لشن هجمات كبيرة، ولهذا بدأ يحرك الوتر الطائفي لجعل عشائر المدينة تتقاتل في ما بينها”.
تشكل عودة الارهابيين إلى المناطق التي حررتها قوات الأمن العراقية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة اختبارا صعبا للحكومة العراقية في مرحلة بعد داعش. ويتمثل التحدي الجديد في ضرورة مسايرة التكتيكات الجديدة للتنظيم.