إلى المجلس الأعلى الإسلامي: من هم اتباع الديكتاتورية رجاءً ؟!

بغداد- العراق اليوم:

رأي جريدة الحقيقة 

في تصريح أثار الكثير من الجدل، اتهم المتحدث باسم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المعترضين على تعديل قانون الأحوال الشخصية، بأنهم من بقايا الديكتاتورية أو يميلون لها. 

إن هذا الاتهام باطل ولا يعتمد قطعاً على أسس منطقية، فالاعتراض والاحتجاج هو جزء أصيل وعنصر طبيعي من عناصر الديمقراطية، التي تكفل للجميع حق التعبير عن الرأي والاستماع للرأي الآخر.

وقانون الأحوال الشخصية العراقي الذي أُقر في عام 1959، في أعقاب ثورة تموز المجيدة، يعد من أفضل قوانين الأحوال الشخصية في المنطقة العربية وربما الإسلامية، وفقًا لشهادات فقهاء وخبراء القانون. 

ويعتبر أيضاً من أهم منظومات بناء الأسرة العراقية، حيث نظم الشأن الاجتماعي بشكل دقيق ولا يمكن بأي حال أن يكون سبباً في تخريب العلاقات الاجتماعية. فلماذا نلجأ إلى تعديل "فضفاض" له يثير الريبة ويعيدنا إلى الوراء، بينما يواصل العالم التقدم في تنظيم قوانين أسرية تكفل ديمومة الأواصر الاجتماعية وتوسع من الحريات العامة وحقوق المرأة بشكل تام؟!

إن محاولة تمرير تعديل لقانون الأحوال الشخصية بنزعة طائفية يفتح باب التأويلات والاجتهادات أمام النص، في وقت نلحظ أن الكثير من المتربصين يستغلون كل ثغرة في القانون لتمرير أجندة خارجية أو داخلية. 

كما أن استغلال التهييج العاطفي والديني من أجل مكاسب انتخابية ضيقة هو نوع من أنواع الديكتاتورية التي يزعم البعض محاربتها، حيث يسعى هؤلاء لتخريب منظومات راسخة في العمق الاجتماعي من أجل أهداف شعبوية مدمرة.

ولعل السؤال الذي سيحرج المجلس الأعلى ومن كان على شاكلته والمتمثل بزواج القاصرات، وما علاقته بالديكتاتورية.. ولا نعرف هل إن زواج القاصرات هو فعل (ديمقراطي) يستحق المعترضون عليه نعتهم ووصفهم بالمدافعين عن الدكتاتورية ؟!

لذا نأمل أن يراجع المعنيون خطابهم وأن تتسع الصدور لسماع الرأي الآخر الذي هو في الحقيقة رأي الأغلبية الصامتة، الأغلبية التي لن تبقى صامتة إلى الأبد إذا مست مثل هذه التعديلات الجائرة حياتها الشخصية وحقوقها ومكتسباتها، لاسيما المرأة العراقية التي يشهد التاريخ على تضحياتها ومواقفها ونضالاتها التي تعمدت بدماء المئات من العراقيات النجيبات. 

إن الإصلاح الحقيقي برأينا لا يأتي من خلال التعديلات المجحفة والمثيرة للجدل، بل من خلال الحوار البنّاء والاحترام المتبادل للأصوات المعارضة والاهتمام بحماية حقوق المواطنين جميعاً دون تمييز.

علق هنا