العراق اليوم - بغداد
الفساد هو معركة العراق القادمة حتمآ، فبعد دواعش تركيا ومن لف لفهم من الذين عاثوا في ارض العراق قتلآ وتدميرآ واغتصابآ، تستعد الحكومة العراقية لبدء معركة محاربة دواعش الفساد، الذين خربوا المؤسسات، ومنعوها عن إنجاز أي شيء للبلد.
سنتناول اليوم وزارة خدمية يرتبط عملها بالمواطن مباشرة الا وهي وزارة النقل التي يقودها المجلس الأعلى، ممثلا بكتلة المواطن. وكما نرى فإن المواطن تتم المتاجرة بإسمه، دون ان يحصل على أبسط الخدمات التي يفترض ان تكون كتلة المواطن حريصة على تقديمها له.
ان الفساد لا يعني الرشوة فحسب، إنما هو أكبر من الرشوة بكثير، فمثلآ تدمير المؤسسة اداريآ هو فساد اداري، ووضع الشخص غير المناسب وغير المؤهل والإمعان في وضعه في مفاصل حاكمة، هو قمة الفساد.. ولنا في الاتحاد السوفيتي السابق عبرة لأولي الالباب من سياسي العراق، فالمحسوبية والمنسوبية والتعيينات العشوائية كلها أوجه لفساد منظم اصبح يضرب بقوة في مؤسسات الدولة التي تخرج من معركة الدواعش لتواجه هزالة واضحة وفشلآ ذريعآ في معركة الخدمات.
ولعل من بين أوجه الفساد الجديدة، وغير المألوفة، ان يكون بعض البرلمانيين طرفآ في الدفاع عن اداء هزيل ومضحك لمؤسسة مثل وزارة النقل بحجم مساسها بحياة المواطنين.
فكلنا يعرف ان لجنة الخدمات في البرلمان العراقي وبعد ان فقدت كل الامال في تقويم اداء وزارة النقل ووزيرها" التكنوقراط " ولكي تمسك الوزير الكاذب (صاحب خبر رفع العراقية من قائمة المنع الأوربي في تشرين الثاني الماضي)، والذي اتضح انه اعلان كاذب ليس إلا، حتى بات محل تندر في اروقة الوزارة، ناهيك عن تجاوزاته بالفاظ السب والشتم على الموظفين، وطريقته السوقية في الأداء اليومي، نقول بعد ان فقدت لجنة الخدمات النيابية بأصلاح مسيرة هذه الوزارة، لجأت الى استجواب الوزير الذي لم يسعفه حياؤه للاستقالة، فراح يعمل على فساد من نوع اخر. فساد شراء الذمم لبعض اعضاء هذه اللجنة.
فقد وردت معلومات من داخل الخطوط الجوية العراقية انه يتم الان منح وكالة عامة لإحدى محطات أوربا للنائبة صباح التميمي او شريكها او احد أصدقاء شقيقها المدعو أركان، مقابل دعمها واسنادها للوزير في قضية الاستجواب المقرر، والنائبة صباح تقوم بايصال المعلومات من لجنة الخدمات الى الوزير كاظم الحمامي مقابل عدد من الوعود ومنها وكالة الخطوط الجوية العراقية في احدى محطات أوربا او خارجها، سواء لها او لمن ترشحه لذلك !!
وقطعا فان الكتلة السياسية التي تقف وراء النائبة التميمي تعلم وتسكت، لكن النائب الذي يكون بهذا المستوى من الضعف تجاه المغريات، فمن واجبنا جميعا فضحه امام الرأي العام. وعلى خط النائبة صباح يلتحق النائب بيستون الذي تم شراء موقفه ايضا من خلال تعيين ١٢ فردآ ممن طلب تعيينهم في الخطوط الجوية العراقية فورا . وكذلك النائبة زنكنه التي تأخرت طائرة أربيل ساعتين عن مغادرتها بغداد لاجل عينيها العسيلتين، حيث يتم تلبيت طلباتها عن طيب خاطر مقابل تصريح تلفزيوني تمدح فيه الوزير المترنح تحت ضغط اكثر من ١٥ سؤالا في الاستجواب البرلماني، وجميعها موثقة بأدلة دامغة ، فهي كافية لإعادته مرشدا بحريآ حيث يكون مكانه الحقيقي.
ان هؤلاء النواب هم حيتان الفساد، فهم من يموله، ومن يقوي عزيمة الفاسدين والفاشلين مقابل منافع شخصية ضيقة لاتمت للمصلحة العامة بصلة. فإذا كان حارس المصالح الوطنية - اي النائب في البرلمان- يتم شراؤه بهذه الطريقة الرخيصة فعلى البلاد السلام، وإذا كانت الجهة التي تراقب الأداء العام لمؤسسات الدولة بهذه الصورة من الوضاعة والمحسوبية فإننا سنخسر معركة محاربة الفساد حتمآ. لذلك فإننا نسعى الى فضح كل من تسول له نفسه خيانة الأمانة التي حمّلها له الشعب، وشرفه بها قسمه البرلماني. كما نسعى لأرسال رسالة واضحة الى رئيس لجنة الخدمات النائب ناظم الساعدي الذي لم يجامل احدآ على حساب مصلحة الوطن وحقوق المواطن ندعوه فيها الى ان ينتبه لما يقوم به أعضاء لجنته من بيع للضمير مقابل حفنة مكاسب، فهو المسؤول اولا وأخيرا عن مصير استجواب الوزير الحمامي، والذي يعد أيامه الاخيرة بعد فشله الواضح والصريح في إدارة وزارة خدمية اكبر من مقاسه في كل الأحوال.