بغداد- العراق اليوم:
تتردد مقولات جاهزة ومعبأة حول النظام الملكي في العراق، تزعم أنه كان يسير بالبلاد نحو التقدم والازدهار. لكن عند النظر بتمعن في الواقع التاريخي لتلك الفترة، يتضح أن هذه المقولات بعيدة كل البعد عن الحقيقة. تشير الأدلة والحقائق إلى أن العراق في ظل النظام الملكي كان يعاني من العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجعل من الصعب اعتبار تلك الفترة نموذجاً مثالياً.
الفقر المدقع
كانت نسب الفقر المدقع في العراق خلال العهد الملكي من أعلى النسب في المنطقة. لم يتمكن النظام من توفير فرص عمل كافية أو تحسين الأوضاع الاقتصادية للأغلبية الساحقة من الشعب، ما جعل الفقر والتفاوت الطبقي من السمات البارزة في المجتمع.
الأمية وانتشار الأمراض
الأمية كانت منتشرة بشكل واضح بين السكان، حيث لم تكن هناك جهود كافية من الحكومة الملكية لتحسين التعليم العام. بالإضافة إلى ذلك، كانت الأمراض المتفشية سبباً رئيسياً في ارتفاع معدلات الوفيات، بما في ذلك موت الأجنة والأطفال، نتيجة لنقص الرعاية الصحية والخدمات الطبية.
الفيضانات والأوبئة
كانت الفيضانات المتكررة تغرق الأراضي الزراعية وتدمر المحاصيل، مما يفاقم من مشاكل الفقر والجوع. الأوبئة كانت تنتشر في القرى والقصبات العراقية، مع غياب الجهود الحكومية الجادة لمكافحتها، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الصحية العامة.
سنوات القحط والجفاف
تكررت سنوات القحط والجفاف مثل "سنة لوعة" وجفاف عمود الغراف، مما زاد من معاناة الشعب وعجز الحكومة عن توفير الحلول اللازمة لتلك الكوارث الطبيعية.
السيطرة الأجنبية
خضع العراق لسيطرة القوى الأجنبية بشكل كبير، حيث كانت بريطانيا تمتلك نفوذاً واسعاً في السياسة والاقتصاد العراقيين، مما قيد سيادة العراق وقدرته على اتخاذ قراراته المستقلة.
التمردات العشائرية والثورات الشعبية
شهد العراق العديد من التمردات العشائرية والثورات الشعبية نتيجة لعدم رضا الشعب عن الأوضاع السياسية والاقتصادية. هذه التمردات كانت تعبيراً عن الغضب والإحباط من النظام الملكي ومن سياساته.
الانقلابات العسكرية
الانقلابات العسكرية المتتالية مثل انقلاب بكر صدقي والعقداء الأربعة تعكس حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد. كان التذمر داخل المؤسسة العسكرية واضحاً، حيث كانت تستخدم لقمع الشعب بشكل متكرر.
الاستحواذ السياسي وقمع المعارضة
كانت النخبة السياسية المحددة تستحوذ على السلطة وتبعد النخب السياسية الصاعدة. المعارضة السياسية كانت تُقمَع بشدة، وتم إعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي، مثل الشهيد فهد، وقمع الصحافة والإعلام وحرية التعبير بشكل واضح.
فساد العائلة المالكة
الفساد كان واضحاً داخل العائلة المالكة، مع سيطرة الوصي عبد الإله على مقاليد الحكم بشكل فعلي. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك استبعاد منظم للشيعة من الحكم والمشاركة في السلطة.
فشل التجربة النيابية
تحولت التجربة النيابية إلى ديكور شكلي بدون تأثير حقيقي، مما جعل العملية الديمقراطية تفتقر إلى المصداقية والفعالية.
كل هذه الأسباب تجعل من الصعب اعتبار النظام الملكي في العراق نموذجاً مثالياً.
لقد كان عالة على المجتمع العراقي، الذي حاول التخلص منه بمرات عديدة دون جدوى، حتى جاءت ثورة 14 تموز 1958 التي حققت حلم الناس بالخلاص من النظام الملكي وفتحت الباب أمام حقبة جديدة من التغيير.
و لحديثنا صلة..
*
اضافة التعليق