بغداد- العراق اليوم:
تراكمت جملة من العوامل التاريخية الداخلية والخارجية لاسيما الاقليمية التي أدت إلى قيام ثورة تموز 1958، من بينها إخفاق الحكومات العربية في حرب فلسطين عام 1948، ودخول حكومة نوري السعيد في سلسلة من المعاهدات، وآخرها حلف بغداد، التي كبّل فيها العراق ببنود هيمنة جائرة على سيادته وموارده وقراره السياسي. وهنا يقول الباحث الدكتور أحمد السعدي ، أن المد الوطني المعادي للهيمنة البريطانية والفرنسية والأمريكية بدأ بالبروز، مع التأييد الجماهيري الكاسح الذي تزعمته القيادات الثورية الشابة في بعض بلدان الوطن العربي، وكانت حركة تموز 1952 في مصر من أبرزها. هذا التصاعد في المد الجماهيري المؤيد للحركات الثورية الوطنية والقومية شمل دولاً عديدة، منها الأردن الذي رفض الدخول في حلف بغداد. ونتيجة لذلك، أضحت حكومة نوري السعيد ورقة محروقة متهمة بما سمي "بالعمالة" لبريطانيا.
من جهة أخرى، يرى محلل سياسي غربي، أن سلسلة المعاهدات مع العراق وبعض الدول العربية، وآخرها حلف بغداد، كانت جزءاً من صفقة إستراتيجية تهدف إلى هيمنة بريطانيا وفرنسا، ومن ثم لاحقاً أمريكا، على المنطقة. الغرض من هذه الهيمنة كان الوقوف بوجه الاتحاد السوفيتي والسيطرة على منابع النفط، واستيلاء الولايات المتحدة على إرث بريطانيا وفرنسا، خصوصاً بعد حرب السويس أو ما سمي بالعدوان الثلاثي على مصر، ووقوف حكومة نوري السعيد بشكل معلن مع دول العدوان.
وفي ظل هذه الظروف والتوترات الإقليمية والدولية، ومع تصاعد الغضب الشعبي ونشاط القوى الوطنية التقدمية بقيادة الحزب الشيوعي العراقي الذي أخذ على عاتقه تشكيل جبهة وطنية واسعة تتصدى للاستعمار وتدعو لتحرير العراق من تبعيته لبريطانيا وأحلافها ومعاهداتها المشبوهة، وتقف بصلابة ضد التدخل الأجنبي والسياسات الحكومية الموالية للغرب، وهنا يؤكد د. فؤاد الهاشمي، أستاذ التاريخ السياسي، أن ثورة 14 تموز 1958 لم تكن مجرد حادثة عرضية، بل كانت نتيجة حتمية للتراكمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سبقتها.. في حلقة يوم غد سنتحدث عن العامل الداخلي، ودوره الكبير في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز الوطنية بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط الأحرار .
اضافة التعليق