بغداد- العراق اليوم: حين كتب تلميذُ عراقي على ورقة، العبارة التالية "ليس لدي كتاب.. كيف أدْرس!"، خطر على باله ان وزير التربية محمد إقبال، سوف يستجيب له، وانّ التأخير في توفير الكتب المدرسية هو حالة مؤقتة، سرعان ما تزول، ذلك أن التلميذ ببراءة الطفولة المعهودة، يفسر الأمور بنية حسنة، ولا يعلم ان صفقات الفساد والعمولات، وتلاعب المفسدين بحقوقه في التعليم، سوف يجعله لا يرى الكتاب المدرسي لفترة طويلة من الزمن.
والظاهرة التي لا ينكرها احد اليوم، ان الفساد في وزارة التربية بكل مفاصلها ومؤسساتها، جعل اغلب طلاب المدارس من دون كتب حتى وصل سعر الكتاب الواحد الى اكثر من 25000 الف دينار عراقي في السوق السوداء.
بل وحتى في الحالات التي تصل فيها الكتب الى مخازن المدارس، فأنها سرعان ما تتسّرب الى السوق السوداء، بموجب صفقات تُوزع أرباحها بين المسؤولين.
ووفق تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، فان أحد المدرسين في مدرسة الشعلة للبنين في شط العرب في البصرة، قال: "امتحنت طلابي و خلال فحصي للأجوبة، تفاجأت بما كتبه احد طلابي في ورقة الامتحان ((ليس لدي كتاب بيمن أدرس))".
يحدث ذلك، في وقت أوضحت فيه مصادر أن الإهمال و التخبط والفساد في وزارة التربية، تضخَّم الى درجة يمكن وصفه فيها بـ"المؤامرة" على مشروع التعليم في العراق وعلى الأجيال الناشئة.
وفي تفاصيل هذا الفساد المستشري، فان الكتب الدراسية تُطبع كل سنة ( وفقاً ) لصفقات الطباعة في الأردن و لبنان، لكن الخلافات بين الفاسدين حول تقاسم الكعكة، أخّر الصفقة على رغم انها مربحة للجميع، وكل فاسد يسعى الى الاستحواذ على الحصة الأكبر، ولهذا السبب رفضت الكثير من المطابع في خارج العراق التعامل مع هذه الصفقات المشبوهة، لان الفاسدين اشترطوا عليها عمولات بنسب معينة.
بل ان هؤلاء الفاسدين رفضوا حتى عروض مطابع العتبة الحسينية في طباعة المناهج و بالتقسيط المريح و بنفس المواصفات التي تطبع بها شركة garnt، المناهج، والتي كانت تطبع كتب الانكليزية بـ 13 دولار للكتاب الواحد، فيما تُطبع في السعودية و الامارات بـ 9 دولار وبنفس المواصفات.
ويعرف المدرسون الذين حضروا الدورات التطويرية في لبنان مقدار الثراء و النعيم الذي يعيش في ظله، مؤلفو سلسلة كتب الإنكليزية ، في فندق "كومندور" في شارع الحمرا في بيروت، وكل ذلك من خيرات العراقيين.
وفي تفاصيل العقود المشبوهة المتأصلة في عمل وزارة التربية منذ عقود، فان الوزارة أعلنت في واحدة من المناقصات المشبوهة، عن طبع المناهج الدراسية في مطابع القطاع الخاص بمبلغ 15 مليار دينار عراقي، وان محمد عبد الصمد السامرائي شقيق مثنى السامرائي يتحكم بعقود المستلزمات التربوية.
ووفق مصادر اعلامية، فان هناك 109 من المناهج الدراسية، وبكلفة اجمالية تقارب 80 مليار دينار عراقي تطبع في مطبعة الشركة العامة للتبوغ، ومطبعة الوقف السني، فيما يطبع جزء كبير منها في خارج العراق.
والمصيبة ان محمد اقبال وزير التربية يصر على ان وزارته نزيهة وخالية من الفساد وهذا مايزيد في الجرح الما، ولعمري فان هذه صفاقة اشد عارا من صفقات فندق كومندور في شارع الحمرا.
وتفيد التفاصيل، فأن مثنى عبد الصمد كان يعمل مدير فرع لمصرف الوركاء للاستثمار والتمويل وتم التحقق من ارتكابه مخالفات مالية وادارية واستعمال الاموال الموجودة في حيازته لأغراض شخصية مخالفا التعليمات الصادرة من الادارة العامة للمصرف، وقام المدعو بسحب مبالغ صكوك راجعة لشخص آخر حسب الاشعارات الصادرة من المصرف المسحوب عليه وهو مصرف "البلاد" الإسلامي، حيث بلغت المبالغ التي سحبها نحو ثلاثة ملايين دولار. وبحسب المعلومات فان الشخص المذكور، صدرت بحقه مذكرة قبض صادرة من رئاسة محكمة استئناف بغداد/الكرخ وفق المادة القانونية 446.
جدير ذكره ان وزارة التربية عريقة في الفساد منذ اول وزير تسلم عرشها بعد سقوط نظام صدام في 2003 حتى حقبة محمد اقبال ، حين كشفت لجنة النزاهة البرلمانية عن وضعها اليد على عقد يشوبه الفساد خاص بوزارة التربية قبل اسبوع من ابرامه مع الجهة المستفيدة، و أن "اللجنة طلبت استضافة وزير التربية وقتها ومفتش وزارة التربية لبحث الموضوع".
وتواصلا مع غسيل الفساد المنشور على حبل وزارة التربية، نود الاشارة الى ان تسعيرة التعيين للموظف قدرها "شدّة" اي عشرة الاف دولار ...
نسخة منه- الى الوزير النزيه محمد اقبال .