بغداد- العراق اليوم:
اذا كانت الحكومات تحرص دائماً على أن تنظم الفعاليات الثقافية، بما ينسجم مع طبيعة الحراك الإجتماعي، و يلبي حاجة الجمهور العام، لتلقي فعل ثقافي يحاكي الحاجة اولاً، و يعزز روح المواطنة الصالحة، فإنها و الحال هذا، حسناً تفعل، لاسيما أن البعض يريد من الفعل الثقافي أن يبقى اسير العشوائية، و جزءاً خارجاً عن نطاق التنسيق و التنظيم العام، و لربما يراه البعض ترفاً، ليس له تأثير على الحياة، إن وجد و إن غاب. هذا الفهم المغلوط، يجب أن ينتهي، و أن يدرك الفاعل السياسي قبل غيره، أهمية الفعل الثقافي في التقويم الاجتماعي، و أهميته في التنشئة السليمة، و أن يبادر إلى " مأسسة" هذا الفعل، و تحصينه من اي شوائب قد تعلق به. و اذا كانت الخطوة الأخيرة لحكومة محمد شياع السوداني، في إصدار أمر ديواني، لتشكيل لجنة عليا للمهرجانات الثقافية، في هذا الإتجاه، فإننا نرحب بها، مع تحفظ شديد على تهميش دور الجمعيات التي تعنى بالادب الشعبي، إذ تمثل هذه الجمعيات و الاتحادات عموداً فقرياً لروح الثقافة الوطنية الملتصقة بالوجدان العام، و هي بلا مبالغة، النافذة الأكثر اتساعاً و الاكثر وضوحاً التي يطل منها الخطاب الثقافي و الجمالي على الشارع، فالشعر الشعبي مثلاً يحتل المركز المتقدم في إطار اهتمامات الناس، و هو صوتهم المعبر، و ضميرهم المشترك، فهل يصح أن تنسى الحكومة إشراك هذه الشريحة المهمة في لجنة المهرجانات و المؤتمرات الثقافية التي شكلتها ؟! هل هو نسيان، و سهو في وضع يفترض أن لا يرد به النسيان أو السهو أبداً!، ام تناسٍ و إغفال و تهميش و محاولة القفز على الوجودات الحقيقية إلى وجودات شكلية، واسماء مفرغة من المحتوى ؟!. ان هذه اللجنة التي لا تزال في مخاضها الأول، ستولد كسيحة، عرجاء، و لن تحظى بشرعيتها الفاعلة و المأمولة في رعاية الفعل الثقافي و تنظيمه و مأسسته كما يراد حكومياً، اذا ما مضت دون أن تنظم قادة الأدب الشعبي و جمعياته الفاعلة، بخاصة وأن العراق يشغل موقع رئاسة اتحاد الادباء الشعبيين العرب، بعد فوز الشاعر العراقي جبار فرحان العگيلي بانتخابات رئاسة هذا الاتحاد ..! فضلاً عن المكانة الفنية والوطنية المرموقة التي يحتلها الشاعر الشعبي العراقي في الأوساط المحلية والعربية.. لذا نأمل أن يتم تعديل الأمر و تلافي هذا الإشكال، و المضي لإشراك صناع الجمال في لجنة هم أولى من غيرهم في أن يتواجدوا في هيئتها.
*
اضافة التعليق