بغداد- العراق اليوم:
المهندس عبد الكريم العوادي ما ان اطلق زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر قراره بإلغاء اللجنة الاقتصادية في التيار حتى انتظمت أذرع الفساد في هذه اللجنة للالتئام بحثا عن حلول لمصيرها القادم وطريقة عملها في المرحلة المقبلة. ان المفهوم العام للجان الاقتصادية للأحزاب في العراق هو تشريع سياسي للفساد الذي يضرب اطنابه الدولة العراقية برمتها ويمنع اي تطور للبلد بوجود المحاصصة السياسية في البرلمان والتشكيل الوزاري، بل يمنع أيضا الشركات العملاقة والكبيرة من القدوم والعمل في العراق، لان هذه الشركات الفخمة لا تفهم، ولاتعمل بالرشى وتقديم الهدايا، وهو ماتطلبه جميع اللجان الاقتصادية دون استثناء. وواحدة من مآسي هذه اللجان الاقتصادية هي تسلط أعضاءها على المستثمرين ورجال الاعمال، حتى أصبح الابتزاز ظاهرة عادية جدا، بحيث بات من المعتاد ان يقبل المستثمر يجب بهذا المبدأ، وإذا ما رفض فمصير مشروعه يذهب الى سلة المهملات، او يتعرض الى التأخير، او يواجه اختلاق المشاكل، وكل هذا يؤدي الى عدم الإنجاز. ويقينآ ان البلد الذي هكذا سمته، سيكون في ضعف دائم للخدمات، وتخلف واضح وكبير في الفهم لمتطلبات التطور، والتقدم. ولعل السؤال هنا هو: هل ان دعوة السيد مقتدى الصدر تمثل طلباً غير مباشر من الأحزاب الاخرى لاتخاذ نفس الخطوة ؟ وهل ان هذه الأحزاب والقوى مستعدة للإستجابة الى هذه الدعوة النبيلة والكبيرة ، فتقوم باتخاذ مثل هذه الخطوة، وتباشر بغلق وانهاء مكاتب لجانها الاقتصادية التي عاثت فسادا في العراق ؟ ونحن إذ نراجع قرار السيد مقتدى الصدر، فإننا نراجع ونستعيد في ذات الوقت حركة نعد واحدة من افسد اللجان الاقتصادية للأحزاب، ونقصد بذلك اللجنة الاقتصادية للمجلس الأعلى الاسلامي. وللحق فإن هذه اللجنة لم يكن لها دور يذكر في وزارات عادل عبد المهدي وباقر الزبيدي، ولكن الانعطافة الخطيرة قد حصلت بعد استقالة هذين الوزيرين معا، ومجيء وزراء( تفضّل ) المجلس الأعلى عليهم باستوزارهم، فظهر فجأة الوزير عبد الحسين عبطان الذي نشطت اللجنة الاقتصادية في عهده نشاطآ كبيرآ خاصة مع وجود عقيل الربيعي -الصديق والشريك لعبطان- في هذه اللجنة، فكان عقيل الربيعي مثلآ يحضر مع شخص آخر اجتماعات رسمية للوزير في وزارته !! ومعلوماتنا تشير الى ان اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى تتكون من جناحين رئيسيين، جناح يقوده المدعو فرياد عمر، الذي كان قد فشل تماما في تحقيق اي اختراق بوزارتي النقل والنفط في زمن عادل عبد المهدي وباقر الزبيدي. والجناح الاخر الذي يقوده ليث الصدر ( ابن خالة عمار الحكيم ) ومعه طبعآ عقيل الربيعي، مدعوما بالوزير عبد الحسين عبطان. وهذا الجناح هو القوي المتسيد الان ، وهو الذي يهيمن على صفقات الموانىء والطيران والنقل الخاص، ويتمتع هذا الجناح بدعم مباشر من السيد محسن الحكيم، الذي يتدخل في اصغر التفاصيل رغم عدم ظهوره في الصورة مفاوضا لأي شركة، إذ يستخدم السيد محسن الحكيم كل من ليث الصدر ، وعقيل الربيعي، في الواجه، مكتفيآ بتوفير التغطية، والحماية لهما. لقد امعنت اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى في نهب الخطوط الجوية العراقية والموانىء بصفقات خرافية ومنها سيئ الصيت عقد ايجار طائرات شركة أطلس جت التركية الذي يستنزف موارد الخطوط، كوّن عقيل الربيعي هو وكيل هذه الشركة في العراق، من خلال شركته الورقية المسماة "الوطنية للطيران " وعندما تقرأ اسم هذه الشركة تعتقد انها شركة طيران، لكن الحقيقة هي انها شركة بشخصين فقط: هما عقيل الربيعي و سعيد البحريني، الذي عينه وزير النقل كاظم فنجان الحمامي مستشارا بعقد لدى وزارة النقل، وهو مخالف لقانون انضباط موظفي الدولة، ثم أضاف عقيل لهما المهندس دريد ( مدير قسم السلامة الجوية سابقا ) والمجاز رسميا من دائرته حاليا، و الذي يعمل لدى عقيل الربيعي براتب وأرباح أيضا، وهو مخالفة اخرى لقانون انضباط موظفي الدولة. لقد تمسكت اللجنة بخطها المستمر الذي اعتمد الابتزاز مقابل منح العقود، وكأن هذه الوزارات (ملك طابو) للمجلس الأعلى ولرئيسه، للأسف الشديد.
وَمِمَّا يزيد غرابة في سلوك اللجنة الاقتصادية للمجلس الأعلى، هو مساندة احمد الفتلاوي مسؤول شؤون موظفي الدولة لاتجاهات اللجنة الاقتصادية، فهو يتحرك سياسيا وإداريا لدعمها بمختلف السبل والاشكال. وفِي خضم الدعوة الكريمة والمبادرة الوطنية للسيد مقتدى الصدر بإغلاق وانهاء عمل اللجنة الاقتصادية للتيار الصدري وهي خطوة كبيرة تصب في محاربة دواعش الفساد وتتناغم مع توجه الدولة وخطها، فإننا نطالب السيد عمار الحكيم باتخاذ خطوة جريئة مماثلة، لا سيما وهو الشخصية الوطنية التي تقود التحالف الوطني، وليثبت لجمهوره وللشعب العراقي حرصه على بناء البلد بانهاء وجود هذه التشكيلة الغريبة (أي اللجنة الاقتصادية للمجلس الأعلى ) بعد ان اثرت سلبآ على عمل وأداء قطاعات واسعة من وزارت المجلس، حتى ان هذه اللجنة البائسة منعت تحقيق الإنجازات في وزارات خدمية يفترض ان يكون السيد الحكيم نفسه حريصا على نجاحها والله من وراء القصد.