بغداد- العراق اليوم: هي متحمّسة جدّاً للحقبة التي نعيش فيها. إنّها حقبة "الاستكشاف الذهبيّ" للعوالم الأجنبيّة، كما تسمّيها. فهناك أكثر من 5 آلاف كوكب خارجيّ مؤكّد. طبعاً هذا العدد يرتبط فقط بمجرّة درب التبّانة. وهناك أيضاً آلاف الكواكب المرشّحة الأخرى، بحسب وكالة "ناسا". تُعَدّ مديرة معهد كارل ساغان في جامعة كورنيل ليزا كالتينيغر واحدة من أبرز خبراء العالم في مجال "البحث عن الذكاء خارج كوكب الأرض" (سيتي). كانت الطفلة كالتينيغر تحبّ المطالعة كثيراً، إلى درجة أنّ إحدى المكتبات كانت تعاني معها في فرض سقف لعدد الكتب التي تستطيع استعارتها. حدث ذلك حين بلغت من العمر 10 أعوام فقط. بعد خمسة أعوام، تمّ اكتشاف أوّل كوكب خارج المجموعة الشمسيّة. كالتنيغر، 47 عاماً الآن، متزوّجة من فيليب بيريرا، مهندس أنظمة مركبات فضائيّة كما يوضح تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانيّة.
كتابها الجديد صدر هذا الشهر
يلعب "تلسكوب جيمس ويب الفضائيّ" دوراً محوريّاً في الكشف عن البصمات الحيويّة أو "علامات الحياة"، من ضمنها غاز الميثان الذي تنتجه الكائنات الحيّة. تؤمن كالتنيغر بأنّ اكتشاف الحياة خارج كوكب الأرض يتطلّب تعاوناً بين علماء في مختلف المجالات، وهذا ما تفعله في معهد كارل ساغان الذي يضمّ نحو 15 قسماً متخصّصاً في الجيولوجيا والفضاء والكيمياء وحتى الفنون والموسيقى. أسّست كالتنيغر المعهد سنة 2015. تعدّ كالتنيغر متمرّسة في إيصال العلوم إلى أكبر عدد ممكن من الناس. إحدى الموادّ التي تدرّسها في جامعة كورنيل (نيويورك) هي مدخل إلى علم الفلك لغير الحائزين على إجازة علميّة. "أحبّ أن أكون قادرة على تغيير نظرتهم إلى الكون". نشرت كالتينيغر كتابها الجديد "كواكب الأرض الغريبة: العلم الجديد لصيد الكواكب في الكون" قبل أيّام.
ماذا لو كنّا محظوظين؟
يهتمّ العالم بشكل خاص بالكواكب المحيطة بـ"ترابيست-1" وهو نجم قزم أحمر يقع على بعد 40 سنة ضوئية فقط ويُشتبه في احتوائه على الماء وربّما على الحياة. يبدو أن نظام "ترابيست-1" الذي تم اكتشافه سنة 2017، يحتوي على عدّة كواكب في ما يسمّى "المنطقة الصالحة للسكن" حيث يمكن أن تستضيف الماء السائل، وبحسب تقديرات كالتينيغر، من المحتمل العثور على الحياة فيها. وقالت للصحيفة البريطانيّة نفسها: "لدينا فرصة للعثور على الغازات في تلك العوالم. ولمعرفة ما إذا كانت هناك بصمات حيويّة عليها خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة، على سبيل المثال". وتابعت: "إذا كانت الحياة في كلّ مكان، فمن الممكن أن تكون في ذلك النظام (ترابيست-1). ربما نحتاج إلى مراقبة 100 نظام قبل أن نجد الحياة، أو 1000 نظام. لكن من الممكن أيضاً أن نحتاج فقط إلى مراقبة نظام واحد". وتوقّعت أنّه إذا كنا محظوظين للغاية، فقد يتحقّق هذا الاكتشاف "بعد عامين إلى ثلاثة أعوام".
ماذا عن الكائنات الفضائيّة؟
هناك فرق كبير بين العثور على لبنات الحياة في هذا الكون والأحاديث عن كائنات فضائيّة تزور الأرض أحياناً كثيرة. عندما سئلت عن بعض المؤمنين بزيارات كهذه، كانت عالمة الفلك النمسويّة المولد ديبلوماسيّة في إدانتها: "أعتقد أنّ الناس أذكياء جداً، جداً، ويبدأون في الواقع بالشك بتلك الأشياء عندما تكون الصدف أكثر من مناسِبة". وأضافت: "كونوا حذرين إذا أراد شخص بيعكم هذا وما هي الأسئلة التي ينبغي عليكم طرحها". تنصح كالتينيغر الناس الذين يسمعون أخبار الكائنات الفضائيّة باللجوء إلى ما يفعلونه عادة عندما يريدون معرفة ما يتعلّق بصحّتهم: الإصغاء إلى أكثر من رأي. سمع الجميع شهادة الضابط السابق في القوّات الجوّيّة الأميركيّة ديفيد غروش أمام لجنة فرعيّة في مجلس النواب عن رؤيته لوثائق من برنامج سرّيّ لاستعادة آثار تابعة لكائنات فضائيّة. من بين ما ضمّته الوثائق بحسب زعمه، "بيولوجيا غير بشريّة" في مكان تحطّم مركبة فضائيّة إلى جانب احتفاظ الولايات المتحدة بمركبات عدّة من هذا النوع. تتمنّى كالتينيغر لو أنّ الأمور كانت بهذه البساطة: "يا إلهي، أتمنّى أن يكون هذا صحيحاً. سيكون ذلك أسهل بكثير لو كان لدينا كائنات فضائيّة تأتي إلى هنا. لأنّ البحث عن التركيب الكيميائيّ والغاز كبصمة حيويّة، أمر صعب، حتى مع أكبر التلسكوبات لدينا". وتتساءل عن رغبة الكائنات الفضائيّة بزيارتنا طالما أنّ التكنولوجيا البشريّة، وتحديداً في مجال الاستكشاف الفضائيّ، لا تزال حديثة العهد ممّا لا يمنح تلك الكائنات سبباً كبيراً لزيارتنا. لهذا السبب، هي تحذّر من "التسويق المخادع"
مخاوف هوكينغ
مع ذلك، وعلى ضفّة بعض العلماء البارزين، من بينهم ستيفن هوكينغ، ثمّة مخاوف من أن تؤدّي محاولات مسح البشر للفضاء إلى عواقب وخيمة على الحضارة البشريّة. قال هوكينغ في السابق إنّ الأمر سيشبه الاستعمار الذي تبع اكتشاف كريستوفر كولومبوس للولايات المتحدة. لا تبدو كالتينيغر مذعورة من هذا الاحتمال. سبب ذلك، بحسب ما قالته في المقابلة، إنّ الأرض حملت المركّبات الأساسيّة للحياة طوال ملياري عام تقريباً. "سبق أن خرج الهرّ من الحقيبة". تطرّقت الباحثة إلى هذه الفرضيّة سنة 2007. "إذا كان هناك أحد ما في الخارج هناك، لا أعتقد أنّ إعلاننا عن وجودنا سيمثّل أيّ فارق كبير. لأنّه لو كان لديهم مستوانا من التكنولوجيا لأدركوا أنّنا هنا. لقد مضى مليارا عام، ولمّا يأتِ أيُّ أحد لالتهامنا بعد".
*
اضافة التعليق